الدم سائل الحياه

الدم سائل الحياة الذي يمر عبر الجسم البشري ولا يمكن أن نعيش بدونه. يقوم القلب بضخ الدم لكل خلايا الجسم ويؤمن لها الأكسجين والغذاء. وفي نفس الوقت يعود الدم من الخلايا حاملاً ثاني أكسيد الكربون وفضلات أخرى. يحارب الدم الالتهابات أيضًا ويحافظ على حرارتنا ثابتة، ويحمل المواد الكيميائية التي تنظم وظائف عديدة في الجسم. وبالدم أيضًا مواد تسد الأوعية الدموية المهترئة ولذلك فهو يحمينا من النزف المؤدي للموت.

عندما تمتص خلايا الدم الحمر الأكسجين فإن الدم يأخذ اللون الأحمر الذي يميزه. لذلك، فالدم المتسرب من الأوعية المهترئة خارج الجسم يبدو أحمر ناصعًا بسبب وجود الأكسجين في الهواء. والدم الذي يحمل الأكسجين لخلايا الجسم له نفس اللون الأحمر الناصع. لكنه يعود بلون قاتم محمر بعد تحريره من الأكسجين.

تتعلق كمية دمك بالوزن وارتفاع المكان الذي تعيش فيه. فالشخص الذي يزن 80 كجم يحتوي جسمه على حوالي 5 لترات من الدم، بينما يكون لدى الطفل الذي يزن 40 كجم نصف هذه الكمية، ولدى الرضيع الذي يزن 4 كجم 250 مليلتر من الدم. ويمكن أن يكون لدى الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن المرتفعة ـ التي يكون فيها الهواء أقل أكسجينًًا ـ دمًا أكثر بـ 2 لتر من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المنخفضة. ويطلق الدم الزائد كمية أكثر من الأكسجين لخلايا الجسم.

تبحث هذه المقالة في الدم لدى الإنسان. يجري الدم أيضًا عبر أجسام الكلاب، والقطط، والطيور، والحشرات، وحيوانات عديدة أخرى. لا تحتوي الحيوانات البسيطة مثل قنديل البحر، والإسفنجيات على الدم لكي تعيش

تركيب الدم

 

يتألف الدم من خلايا تتحرك في سائل مائي يدعى البلازما. تعرف الخلايا بالعناصر المُشكَّلة لأنها تمتلك شكلاً محددًا. وتحدد هذه العناصر المُشكلة ثلاثة نماذج من الخلايا: 1ـ الكريات الحمر، 2ـ الكريات البيض، 3ـ الصفيحات. يحوي ميكرو لتر الدم عادة ما يتراوح بين 4 ملايين و6 ملايين من الكريات الحمر، وبين5,000 و10,000 من الكريات البيض وبين150,000 و500,000 صفيحة. تدعى الكريات البيض والحمر أيضًا بالجسيمات.

 

البلازما. هي السائل الموجود في الدم وله لون أصفر باهت، وتشكل حوالي 50 ـ 60% من حجم الدم العام. أما العناصر المشكلة فتؤلف الحجم الباقي.

تحتوي البلازما على 90 % ماءً. ويحدد التوازن الدموي مئات من المواد الأخرى؛ منها البروتين الذي بوساطته يتجلط الدم ويدافع ضد الالتهاب والمغذيات الذائبة (الغذاء)، والفضلات. تحمل البلازما مواد كيميائية أيضًا تدعى بالهورمونات التي توجه النمو وبعض الوظائف الدموية الأخرى.

 

الكريات الحمر. تدعى أيضًا بالخلايا الحمر، وتحمل الأكسجين لأنسجة الجسم وتأخذ ثاني أكسيد الكربون. للكرية الحمراء شكل مسطح يشبه القرص، وهي رقيقة في الوسط أكثر من الأطراف، وتشبه الكعكة المدورة ولكن دون ثقب في الوسط. تتألف الكريات الحمر بشكل رئيسي من الهيموجلوبين، وهو بروتين حامل للأكسجين، وهو الذي يعطي الكريات اللون الأحمر. تحوي هذه الخلايا أيضًا العناصر الكيميائية وبشكل خاص الإنزيمات التي تمكن هذه الخلايا من تنفيذ العمليات الكيميائية الضرورية بشكل أكثر فعالية. يحيط بكل كرية حمراء غشاء مَرن. يكون الغشاء مرنًا بشكل يسمح بمرور هذه الخلايا عبر أدق الأوعية الدموية. تحتوي معظم الأنواع الخلوية على نواة تشرف بوساطة بنيتها المركزية على معظم الأنشطة الخلوية. لكن الكريات الحمر الناضجة خالية من النواة.

 

الكريات البيض. تدعى أيضًا بالخلايا البيض، وتكافح الالتهابات والمواد المؤذية التي تهاجم الجسم. معظم هذه الخلايا مستديرة وعديمة اللون ولها أحجام عديدة وتختلف أشكال نواها.

تقتل بعض أنواع الكريات البيض البكتيريا وذلك بالإحاطة بها وهضمها. تنتج أنواع أخرى منهاالأجسام المضادة التي هي بروتينات تقضي على البكتيريا والفيروسات ومغيرات أخرى، أو تجعلها عديمة الأذى.

 

الصفيحات. تعرف أيضًا بخلايا التخثر. بنيتها شبيهة بالقرص وهي تساعد على إيقاف النزف. وهي أصغر العناصر المشكَّلة في الدم. وإذا قُطع وعاء دموي، تلتصق الصفيحات في حافة القطع ثم تصل الحافة الأخرى، وتشكل بذلك سدادة. عندها تطلق وتحرر مواد كيميائية تتفاعل مع مولد الليفين ومع بعض البروتينات الموجودة في البلازما، بحيث تؤدي إلى تشكيل الجلطة الدموية في نهاية الأمر.

 

ماذا يعمل الدم في الجسم

 

الأعمال الرئيسية للدم هي نقل الأكسجين والعناصر المغذية إلى أنسجة الجسم والتخلص من الفضلات. وحتى يؤدي الدم هذه الوظائف، يجب أن يجري في كل أجزاء الجسم. ويتم ذلك بوساطة الجهاز الدوري الذي يتألف من القلب وشبكة واسعة من الأوعية الدموية ومن الدم نفسه.

يضخ القلب الدم إلى كافة أنسجة الجسم. يترك الدم القلب ليمر عبر الشرايين ويعود عبر الأوردة. تصبح الشرايين داخل الأنسجة أصغر فأصغر.

 

أصغر الأوعية الدموية هي الشعيرات وتتصل بأدق الشرايين وأدق الأوردة. ويمر الأكسجين والغذاء والمواد الأخرى من الدم عبر جدر الشعيرات لتدخل في الأنسجة. كما يمر ثاني أكسيد الكربون والفضلات الأخرى من الأنسجة عبر جدر الشعيرات وتدخل إلى مجرى الدم. يعود الدم إلى القلب عبر الأوردة الكبيرة. ولمزيد من المعلومات حول كيفية حركية الدم في الجسم..

نقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون. تمتص كل الخلايا الحية في جسمك الأكسجين باستمرار وتطرح ثاني أكسيد الكربون. يُنقل الأكسجين لأنسجة جسمك بشكل رئيسي بوساطة الهيموجلوبين الموجود في الكريات الحمر. يرتبط كل جزيء هيموجلوبين بسهولة مع أربع جزيئات أكسجين.

 

الشعيرات تكون جهاز التبادل للدم. يحمل الدم الغذاء والأكسجين عبر الشرايين إلى الشرايين الصغيرة، ومن ثم إلى الشعيرات، حيث يبادل الدم الغـذاء والأكسجين مقابل الفضلات ثم يعود بها إلى القلب عن طريق الأوردة الصغيرة.

 

 

 

عندما تستنشق، يدخل الهواء إلى الأسناخ (الأكياس الهوائية) الموجودة في رئتيك. ويمر الأكسجين عبر جدر الشعيرات التي تحيط بكل سنخ ويرتبط بالهيموجلوبين. وتنحل كمية من الأكسجين في البلازما أيضًا. تتأثر الروابط التي تربط جزيئات الهيموجلوبين بالأكسجين بمستوى الأكسجين في الخلايا. وإذا كان مستوى الأكسجين منخفضًا، تتكسر الروابط بسهولة فيخرج الأكسجين. تستعمل خلاياك الأكسجين لتنتج الطاقة. وينتج عن هذه العملية ثاني أكسيد الكربون الذي يمر من الخلايا عبر جدر الشعيرات. وتذهب معظم كمية ثاني أكسيد الكربون إلى البلازما ولكن بعضها يرتبط بالهيموجلوبين. عندما يصل الدم إلى الشعيرات في رئتيك، يمر ثاني أكسيد الكربون إلى الحويصلات الهوائية ويطرد بالزفير..

معظم الشعيرات تكون دقيقة جدًا بحيث يتعين على الخلايا العبور في صف واحد. ينساب الغذاء والأكسجين عبر جدر الشعيرات الرقيقة. يرشح ثاني أكسيد الكربون والفضلات الأخرى عبر جدرها. ثم يعود الدم بها بعد ذلك إلى القلب


 

 

نقل المغذيات والفضلات. يصل الغذاء إلى أنسجة جسمك بوساطة الدم. وبعد أن يمر الغذاء عبر معدتك، يدخل الأمعاء الدقيقة، حيث تكتمل عملية الهضم. يحتوي جدار الأمعاء الدقيقة على ملايين من نتوءات أصبعية الشكل تدعى الزُغَابَات. تمتص الزغابات جزيئات الطعام حيث يدخل لشبكة الشعيرات المحيطة بكل زغابة ثم يمر إلى الدم. ويرتبط العديد من المغذيات ببروتين البلازما المسمى ألبومين (الزلال) الذي يحملها لأنسجة الجسم.

تستعمل خلاياك المغذيات لإنتاج الطاقة اللازمة للنمو الخلوي وللتكاثر، بالإضافة لوظائف أخرى. وعند إنتاج الطاقة تتولد الفضلات في الخلايا التي بدورها تخرجها.

 

تدخل الفضلات مجرى الدم، ويرتبط كثير من الفضلات بالألبومين، أو ينحل في البلازما التي تنقلها إلى الكبد. ويرّشح الكبد الفضلات والمواد الضارة الأخرى من الدم. ويحوّل الكبد بعض الفضلات إلى مركب يسمى اليوريا. ويحمل الدم اليوريا إلى الكليتين ثم تخرج في البول.

 

قتل البكتيريا بوساطة خلية البلعمة، (نوع من خلايا الدم البيض)


الوقاية من الأمراض. تؤدي الكريات البيض دورًا مهمًا في جهازك المناعي، حيث تساعد جسمك على المقاومة ضد العناصر المسببة للمرض. تنشّط المادة الضارة المغيرة على الجسم خلايا الدم البيض التي تعمل عندئذ على إتلاف هذه المادة. وتحارب بعض البروتينات الموجودة في البلازما المرض أيضًا. توجد خمس مجموعات رئيسية من الكريات البيض.

وتهاجم ثلاثة أنواع من الكريات البيض الجراثيم، وبشكل خاص البكتيريا، وتقضي عليها. والعملية التي تقوم بها تدعى البلعمة، وفيها تحيط كرية بيضاء بالجرثومة ثم تقتلها بوساطة الإنزيم. يدعى هذا النوع من الكريات البيض البلاعم.

تعد العدلات أكثر أنواع البلعمات عددًا. وهي تحارب بشكل رئيسي الالتهاب البكتيري (الجرثومي). فعندما تهاجم البكتيريا الجسم، تترك العدلات مجرى الدم وتتحرك للمنطقة المصابة. والوحيداتمثل العدلات، تترك مجرى الدم وتتحرك إلى الأنسجة المصابة حيث تتطور لتصبح خلية بلعمة. ولا تقتل البلعمات الجراثيم فقط وإنما تقضي على الخلايا المسببة للسرطان. وبالإضافة لذلك، فهي تساعد على إنتاج الأجسام المضادة. والحمضات (اليوزينيات) هي الخلايا البيضاء الثالثة، وهي أنْدرُها، وتكون قادرة على البلعمة حيث تدافع عن الجسم تجاه الطفيليات.

 

ويوجد أعداد من نوع رابع من الكريات البيض في الدم وهي اللمفاويات لا تقوم بعمل البلعمات، وبدلاً من ذلك فهي تكون الجزء الخلوي المهم للجهاز المناعي حيث تقوم بالتّعرف والاستجابة للفيروسات النوعية والجراثيم، وغازيات الجسم الأخرى. يوجد نوعان رئيسيان من اللمفاويات:الخلايا التائية والخلايا البائية. وتنتج الخلايا البائية الأجسام المضادة وتطلقها إلى داخل البلازما حيث تجول بالدم في شكل بروتينات الجلوبيلين. وتكافح هذه البروتينات، وبشكل خاص جلوبيلين جاما، الالتهابات. انظر:  جاما، جلوبيلين؛ الجلوبيلين.

تطلق الخلايا التائية مواد تتحكم في نشاط الخلايا البائية وتفرز أيضًا مواد تنشط البلعمات، وتساعد بذلك في القضاء على الكائنات الضّارة. ولم يتأكد العلماء من أي وظيفة خاصة بالنوع الخامس من الكريات البيض الدموية التي تدعى القعدات وهي مثل الحمضات نادرة الوجود في الدم.

للحصول على معلومات أكثر عن كيفية عمل الكريات البيض لمساعدتنا في مقاومة المرض، انظر:المناعة.

حمل الهورمونات. تدعى الأعضاء التي تنتج الهورمونات بالغدد الصماء. وهي تفرزها مباشرة في الدم. فالهورمونات تدخل البلازما وتعمل بمثابة “مراسيل كيميائية”. يقوم الهورمون بنشاط عندما يصل لأحد أجزاء الجسم. فقد يؤثر على النمو، وعلى عمليات التكاثر، وكيفية استعمال الغذاء من قبل الجسم، وبعض الوظائف الأخرى. انظر:  الغدة؛ الهورمون.

توزيع الحرارة في الجسم. تنتج كل الخلايا النشطة حرارة. ولكن بعض الخلايا ـ وبخاصة خلايا العضلات والغدد ـ تنتج حرارة أكثر من غيرها. تدخل الحرارة مجرى الدم وتمر خلال جسمك. تتسرب الحرارة الزائدة من جلدك ـ إذا لم يوزع الدم الحرارة ـ وهكذا تصبح بعض مناطق الجسم ذات حرارة شديدة، بينما تبقى المناطق الأخرى باردة. ولهذا، فإن دوران الدم ينظم حرارة الجسم.

 

كيف يحافظ الجسم على مورده من الدم

لا يمكن أن تعيش بدون مخزون ذاتي من الدم الصحيح. وبالإضافة لذلك، فإن كمية متنوعة من مشتقات الدم (أجزاء) يجب أن تبدّل باستمرار حسب احتياجات جسمك من الدم. وهناك مواد تدعى عوامل نمو مكونات الدم تشرف على إنتاج الكريات الحمر، والكريات البيض، والصفيحات. يبقي جسمك على إمداده من الدم بوساطة 1- تنظيم حجم مكونات الدم 2- التحكم في النزف، و3- تعويض مشتقات الدم المستهلكة.

 

تنظيم حجم مكونات الدم. ينظّم حجم كل نوع من مكونات الدم باستمرار بحسب حاجة الجسم إليه. تشرف بروتينات البلازما ـ وبشكل خاص الألبومين ـ على حركة البلازما بين الشعيرات والخلايا. تمر العناصر الذائبة عادة، مثل المغذيات من البلازما إلى جدران الشعيرات. أما إذا انخفضت كمية الألبومين دون المستوى الطبيعي فإن البلازما تمر إلى داخل الأنسجة. وبعكس ذلك، فإذا ارتفع تركيز الألبومين، فإن الماء ينساب من الأنسجة إلى البلازما.

يرتبط حجم الكريات الحمر بكمية الأكسجين اللازمة لأنسجة الجسم. تنتج الكليتان هورمونًا يدعىإيريثروبويتين ينشط إنتاج هذه الخلايا. وعندما تحتاج الأنسجة للأكسجين، تنتج الكليتان كمية زائدة من الإيريثروبويتين، فتسبب زيادة في إنتاج الكريات الحمر. وعندما تنقص متطلبات الجسم من الأكسجين فإن إنتاج الإيريثروبويتين ينخفض. ويمكن لبعض الأمراض أن تخفض أيضًا من إنتاج الكريات الحمر.

تشرف عوامل نمو أخرى على عدد الكريات البيض والصفيحات، بحيث ترتفع وتنخفض تبعًا لحاجة الجسم. فمثلاً يؤدي حدوث الالتهابات لارتفاع عدد الكريات البيض المدافعة ضد الجراثيم، ويماثل ذلك حدوث النزف الحاد الذي يقود لارتفاع عدد الصفيحات، وبهذا يزيد من قدرة الدم على تشكيل الجلطة.

 

التحكم في النزف. يمكن أن تنزف حتى الموت من جرح صغير إذا لم يتجلط دمك. يسبب جرح وعاء دموي تحرك الصفيحات إلى مكان الجرح ثم التصاقها بالسطح التالف مشكلة السدادة التي تصل حافتي الجرح.

تحتوي البلازما على بروتينات تسمى عوامل التخثر (التجلط) تجول عادة في الدم دون أن تؤدي وظيفة. أما إذا حدث تلف في وعاء دموي، فإن السدادة الصفيحية والوعاء المصاب يطلقان مواد كيميائية تتفاعل مع عوامل التخثر.

وأخيرًا يتحول بروتين البلازما المسمى فايبرينوجين إلى خيوط لزجة تسمى فيبرين (الليفين). تتقاطع متصالبة الواحدة تلو الأخرى مُشكلّة شبكة تعلق فيها الكريات الحمر والسدادة الصفيحية حيث تسد بإحكام فوهة الجرح. يرشح السائل للخارج، وتتشكل سدادة متينة تسمى الجلطة. وتسمى الجلطة المتشكلة على سطح الجلد القشرة.

 

ويمكن في بعض الأحيان، أن تتكون جلطة في وعاء دموي غير مصاب حيث لا يوجد هنالك نزف. وتسمى هذه الجلطة الخثْرة ويمكن أن توقف جريان الدم باتجاه الأنسجة التي تقع بجهة الجلطة، فتقطع بذلك الغذاء والأكسجين عن هذه الأنسجة. فإذا سدت الجلطة شريانًا يغذي القلب، ينجم عن ذلك الخثار القلبي، مما يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية. انظر:  الانسداد التاجي.

إذا سدت الجلطة شريانًا في الدماغ، يمكن أن تحدث سكتة. انظر: السكتة الدماغية.

يحتوي الدم على مواد تذيب الجلطات، كما أنه يحتوي على مواد تشكل الجلطات. تنشط المواد المذيبة للجلطات حين يحدث التجلط وذلك بغية التحكم في مداه ومدته.

تعويض مشتقات الدم المستهلكة. يمكن أن يعيش كل عنصر من عناصر الدم مدة زمنية خاصة به، ولذلك يتوجب على جسمك أن يعوض باستمرار الخلايا المستهلكة. تعيش الكريات الحمر حوالي 120 يومًا. والصفيحات حوالي 10 أيام. أما الكريات البيض فدورة حياتها تختلف تبعًا لنوعها. مثلا، تعيش العدلة عدة ساعات فقط وتموت حالاً بعد أن تقوم بوظيفة البلعمة. بينما تعيش بعض اللمفاويات عدة سنوات مما يؤمن مناعةً تجاه بعض الأمراض على مدى طويل.

تحطيم مشتقات الدم المستهلكة. تزال الكريات الحمر المستهلكة من قبل عضـوين في الجسم هما الكبد والطحال حيث يعملان على تكسيرها. يستعمل الكبد المادة الملونة الموجودة في الكريات الحمر الهرمة لإنتاج سائل مساعد على الهضم يدعى الصفراء.

يعاد استعمال حديد الهيموجلوبين من قبل الجسم لتكوين كريات حمر جديدة. تتحرك الكريات البيضاء الدموية المستهلكة إلى أنسجة الجسم، حيث تموت هناك. يحتمل أن تموت الصفيحات وهي تسد التسرّب البسيط في الأوعية الدموية.

تشكيل مشتقات دموية جديدة. يتألف لبّ عظام الإنسان من مادة رخوة حمراء أو صفراء تدعىالنقي. ينتج نقي العظام الأحمر عند البالغين ملايين من الخلايا الدموية في الثانية. يشكل النقي الأحمر لبّ العظام المسطحة، مثل الفقرات وعظمة القص والأضلاع والجمجمة.

تبدأ كل خلايا الدم بالتكوُّن في النقي كخلايا جذعية. تتطور الخلايا الجذعية لطلائع خلوية أكثر نضجًا، تشكل كل واحدة منها العديد من الكريات الحمر، والكريات البيض، أو الصفيحات الدموية. وكلما تشكلت الكريات الحمر في النقي يتكوّن فيها الهيموجلوبين. وكلما تطورت تنكمش ويصغر حجمها وتفقد نواتها. بعد تمام نضجها تدخل مجرى الدم من خلال فجوات ممتلئة بالدم موجودة بالنقي تدعى الجيوب.

تنشأ الكريات الدموية البيض أيضًا من النقي الأحمر ما عدا اللمفاويات (الخلايا التائية ـ والخلايا البائية) فإنها تنمو وتكتمل في مكان آخر في الجسم. تدخل الخلايا التائية مجرى الدم من خلال الجيوب وتصل إلى التوتة، وهي غدة قريبة من أسفل الرقبة، حيث يتم تطورها. وتذهب الخلايا التائية الناضجة عندئذ إلى تشكيلات تدعى العقد اللمفاوية الموجودة في مناطق عديدة من الجسم. تنهي الخلايا البائية نضجها في العقد اللمفية والطحال.

تتشكل الصُّفَيْحات في النخاع الأحمر داخل خلايا طليعية تدعى النوّاء تنقسم في نهاية تطورها إلى أجزاء، ليصبح كل جزء منها صفيحة تدخل مجرى الدم.

 

الفصائل الدموية

تحتوي أغشية الكريات الحمر على بروتينات تدعى المستضدات. لقد عرف أكثر من 300 مستضد للكريات الحمر. وتبعًا لوجود أو غياب مستضد معين، صنّف العلماء الدم الإنساني لأنواع مختلفة من الفصائل.

 

أهمية الفصائل الدموية. أظهر تصنيف الفصائل الدموية أهميته الكبيرة في بعض الإجراءات الطبية. كذلك مكَّنت المعلومات عن الفصائل الدموية المختصين من استعمالها في القانون وعلم الأجناس.

في الطب. الاستعمال الرئيسي للفصائل الدموية تحديد نوعية دم الشخص الذي يُدْعىَ المتبرّعوالذي يمكن نقله للمريض بدون رفض جسمه له أو دون تفاعلات مهمة. تحتوي بلازما كل شخص على الأجسام المضادة التي تتفاعل مع بعض المستضدات التي لا وجود لها أصلاً على سطح الكريات الحمر الذاتية للشخص. يمكن أن يحصل أثناء نقل الدم تلزن (تراص) خطر في كريات الدم الحمر، إذا ارتبطت الأجسام المضادة الموجودة في بلازما المريض بالمستضدات الموجودة على الكريات الحمر للشخص المتبرع. يمكن أن تسد هذه التكدسات الأوعية الدموية الصغيرة وينجم عن ذلك الإصابة بمرض خطير قد يؤدي إلى الوفاة. لا توجد في الحالة الطبيعية في بلازما أي شخص أجسام مضادة ترتبط بالمستضدات الموجودة في كرياته الحمر.

إن أكثر تفاعلات نقل الدم خطورة هو التلف السريع للكريات الحمر المنقولة. وهذا يقود لحدوث صدمة القصور الكلوي، وأحيانًا الموت. تتضمن التفاعلات الأخرى الحمى والرعشة والبرودة.

يجــرى دائمًا في المستشفيـات قبـل نقـل الـدم للمـريض اختبار التوافـق، وهو اختبـار تخلـط فيه الكريات الحمر للمتبرع مع عيّنة من بلازما المريض. فإذا حدث التــراص، فيجب عندئــذ أن لا يتلقى المريض الـدم من هـذا المتبرّع.

تُقلل اختبارات التوافق هذه احتمالات الخطورة في نقل الدم. تحمل أغشية الكريات البيض بروتينات تدعى مستضدات هـ.ل.أ.

 

يستفيد الأطباء من هذه المستضدات لتحديد العضو أو النسيج من متبرع ما والذي يمكن زرعه بأمان دون ضرر في المريض. انظر:  زراعة الأنسجة.

في القانون. يستخدم علماء الطب الشرعي الفصائل الدموية لمساعدتهم في الكشف عن هوية المجرمين. فمثلاً، يقارن نموذج دم من مكان الجريمة مع دم المشتبه به. ولايمكن لهذه المقارنة أن تكشف بشكل إيجابي عن المجرم ولكن يمكن أن تبعد التهمة عن بريء مشتبه به. وتكون المستضدات الموجودة على الكريات الحمر موروثة، ولذلك يمكن أن تستعمل اختبارات الدم للتحري عن الأبوة، حيث يكون رجل ما متهمًا بأنه والد لطفل. والاختبار يثبت أبوة هذا الرجل أو ينفيها.

لقد استُعيض عن اختبارات الدم لتحديد الأبوة والدراسات العائلية بدراسة جزيئات د ن أ في خلايا الدم. وهذه الدراسات تحدد الأبوة بنسبة مائة في المائة.

في علم الأجناس. استعمل كثير من علماء الأجناس توافق وجود الفصائل الدموية لتقسيم الشعوب إلى أجناس وأجناس فرعية. ولكن هذه الطريقة للتحديد العرقي ليست ناجحة. ولا تختلف مستضدات الفصائل الدموية بين الأجناس ظاهريّا وذلك بسبب حصول تزاوج بينها على مر العصور.


الفصائل الدموية (أ ب و). تأتي على رأس وسائل تصنيف الدم. يصنّف دم الإنسان إلى أربعة أنماط رئيسية أو فصائل. وتبنى هذه الأنماط على وجود أو غياب اثنين من المستضدات وهما (أ، ب) على سطح كريات الدم الحمر. 1- إذا احتوت الخلايا على مستضد (أ)، يكون الدم من النمط أو الفصيلة (أ). وتحتوي البلازما على الجسم المضاد (ب)، حيث ترص الخلايا التي تحتوي على المستضد (ب). 2- إذا احتوت الكريات على مستضد (ب) فالدم يكون من الفصيلة (ب). وتحتوي البلازما على الجسم المضاد (أ) حيث ترص الكريات الحمر التي تحوي المستضد (أ). 3- إذا احتوت الخلايا على نوعي المستضدات (أ،ب)، فالدم من الفصيلة (أ ب). ولا تحوي البلازما أجساما مضادة (أ،ب). 4- إذا لم تحتو الكريات الحمر على نوعي المستضدات (أ، ب) فإن الدم من الفصيلة (و). وتحوي البلازما نوعي الأجسام المضادة (أ، ب). والدم من الفصيلة (و) أكثر شيوعًا، ثم يأتي بعده دم الفصيلة (أ)، ونسبيًا يكون بعض الأشخاص من الفصيلة (ب) وأقل الفصائل شيوعًا هي الفصيلة (أ ب).

يفضل الأطباء استعمال دم المتبرع من نفس الفصيلة (أب و) حتى لا يؤدي لحدوث التراص لدى المريض أثناء نقل الدم. ولكن في حالات الإسعاف، يمكن أن ينقل الدم من الفصيلة (و) لمريض يحمل أي فصيلة كانت. ولهذا عُرف صاحب فصيلة الدم (و) بالمتبرع الشامل. ويشبه ذلك أن المرضى من الفصيلة (أ ب) مستعدون لتلقي أي دم من الفصائل (أ ب و) في حالة إسعاف لأنهم لا يمتلكون أجسامًا مضادة للمستضدات (أ ب). ولكن حتى في هذه الحالة تجري المستشفيات اختبار التوافق للتأكد من عدم حصول تراص. ويجب ألا يتلقى المرضى من الفصيلة (أ) دما من الفصيلة (ب)، وكذلك المرضى من الفصيلة (ب) يجب أن لا يتلقوا مطلقا دما من الفصيلة (أ). وفي معظم الحالات لا يهم كثيرًا كون بلازما المتبرع محتوية على أجسام مضادة ترص الكريات الحمر للمريض، حيث تتمدد البلازما بسرعة في دم المريض مما يجعل خطر حدوث التراص ضعيفًا.

 

أنماط الدم ريسوس (العامل الريصي رهـ) طريقة تصنيف ثانية لفصائل الدم. والأشخاص الذين يمتلكون مستضدات (رهـ) على كرياتهم الحمر يكونون إيجابيي (رهـ). والمستضد نفسه يدعى العامل (رهـ). والأشخاص الذين يفتقدون العامل (رهـ) يكونون سلبيي (رهـ).

لا تحتوي البلازما على جسم مضاد طبيعي تجاه مستضد (رهـ). ولكن يمكن للأشخاص سلبيي (رهـ) أن يكوِّنوا أجساما مضادة (رهـ) إذا تلقوا دمًا من إيجابيي (رهـ). يتخفف دم المتبرع عادة بسرعة، ولذلك فإن وجود الأجسام المضادة فيه لا يؤدي لمشاكل. لكن التراص يحدث متأخرًا إذا تلقى المريض سلبي (رهـ) دمًا آخر من إيجابي (رهـ)، حيث تهاجم الأجسام المضادة (رهـ) كريات الدم الحُمر المنقولة ذات (رهـ) إيجابي. يحــدث مـزج الـــدم ذي (رهـ) سلبــي مع دم (رهـ) إيجــابي إذا حملت امرأة سلبية (رهـ) بجنين إيجابي (رهـ). وإذا دخلت بعض الكريات الحُمر من الجنين إلى دم المرأة (رهـ). تسبب هذه الحالة مضاعفات خطرة إذا أصبحت هذه المرأة حاملاً من جديد بجنين آخر من الفصيلة (رهـ) إيجابي.

 

الفصائــل الدمويــة الأخــرى. هناك نظم أخرى لتصنيف الدم، منها الأنظمة دفي وكيل وكيد ولويس ولوثران و(م ن س) و (ب) ولكن نادرًا ما تتكون أجسام مضادة طبيعيــة لهــذه المستضدات. وباستثناء المستضدات (أ،ب) من النظام (أ ب و) وعامل (رهـ)، فإن معظم المستضدات للكريات الحُمر لا تشكل تفاعلات شديدة أو خطرة.

 

استخدام الدم في الطب

 

نقل الدم. أدت إمكانية نقل الدم أو مكوناته لشخص مريض أو مصاب إلى إنقاذ أعداد لا تحصى من المرضى، وقد حسّن ذلك العناية بالمريض. فالشخص الذي يفقد فجأة أكثر من لتر دم، يكون معرضًا للموت، إلا إذا تلقى دمًا. ويساعد نقل الدم أيضًا المرضى المصابين بنقص إنتاج النقي لخلايا الدم. وبالإضافة لذلك، فإن نقل الدم يعوض عن الدم المفقود خلال العمليات الجراحية.

يجمع بنك الدم دماء المتبرعين ويخزنها في أكياس معقمة فيها مواد حافظة ومواد كيميائية تمنع التجلط بشكل عام. ويحتاج المرضى إلى مشتق دم واحد مثل الكريات الحمر، ولهذا السبب، تفصل بنوك الدم، الدم الكامل إلى مشتقاته قبل تخزينه.

ويمكن تبريد الدم الكامل وحفظه لمدة 21 – 49 يومًا. وكذلك يمكن تجميد البلازما، وكريات الدم الحمر، وبعض مشتقات الدم وحفظها لعدة سنوات.

 

تنتقل بعض الأمراض من المتبرع إلى المريض عبر نقل الدم. ويختبر العاملون في المختبرات كل الدم المعطى لاحتمال وجود التهاب الكبد، أو الإيدز أو بعض الالتهابات الأخرى. وبالإضافة لذلك يُجْرَى اختبار التوافق للتأكد من عدم حصول تفاعلات خطرة انظر:  نقل الدم.

اختبارات الدم. يلجأ الأطباء لإجراء اختبارين من اختبارات الدم 1- اختبارات مسح عامة. 2- اختبارات تشخيصية. اختبارات المسح العامة تساعد الأطباء في اكتشاف المشاكل غير المتوقعة لدى المريض. فمثلاً يجري عدّ الكريات الحمر والكريات البيض ومقدار الهيموجلوبين في عينة الدم.

يقيس الكسر الحجمي لكريات الدم حجم الكريات الحمر بالنسبة لحجم باقي مشتقات الدم. ويشير الشذوذ المكتشف بهذه الاختبارات إلى احتمال وجود مرضٍ ما أو خلل في إنتاج خلايا الدم.

 

ويستعمـل الأطبــاء بعض الاختبـارات الدموية الأخرى للكشف عن بعض الأمراض. فمثلاً يبــين الاختبار الـذي يـدل على ارتفاع نسبة الجلوكوز (السكر) في الدم، وجـود مرض البول السكري. في هذا المرض لا يمكن للجسم أن يستعمل السكر بشكل طبيعي. انظر:  البول السكري. أما الاختبار الدمــوي الــذي يكشف ارتفــاعًًا في اليـوريــا فيمكن أن يــدل على وجــود اضطــراب في الكليتين، اللتين تطردان اليوريا من الدم.

ويختبر الأطباء الدم للكشف أيضًا عن ارتفاع نسبة الكولسترول الذي يرتبط بارتفاع نسبة الخطورة لمرضى القلب. انظر: الكولسترول.

الاختبارات التشخيصية. تساعد الأطباء في تحديد أسباب بعض الحالات مثل فقر الدم (الأنيميا)، وهي نقص غير طبيعي في عدد الكريات الحمر. وينجم عن الغذاء الذي لا يحتوي على مقدار كافٍ من الحديد، أو فيتامين (ب12)، أو حمض الفوليك. ويدل حجم الكريات الحمر للمريض على نوع الغذاء الذي يحتاجه. فإذا حدث فقر الدم بسبب نقص الحديد مثلاً، تصبح الكريات الحمر صغيرة. أما إذا حدث بسبب نقص الفيتامين (ب 12) فتكون الكريات الحمر عندئذ كبيرة.

يستدل الطبيب بإجراء التعداد التفاضلي للكريات البيض على نسبة كل نوع من أنواع الكريات البيض الدموية في دم المريض. وقد يدل الارتفاع الكبير لعدد الكريات البيض على وجود سرطان الدم(اللوكيميا)، وهو نوع من أنواع السرطان. ومن جهة أخرى، فإن وجود عدد منخفض من العدلات (نيوترفل) يمكن أن يدل على ضعف القدرة على مكافحة الالتهاب بشكل فعال.

تساعد بعض الاختبارات التشخيصية مثل عدّ الصفيحات واختبارات التجلط الأطباء على معرفة بعض الاضطرابات النزفية.

ويمكن أن تنبئ اختبارات التجلط هذه قبل إجراء العملية الجراحية عن تحديد إمكانية حدوث نزف شديد أثناء الجراحة.

الاضطرابات الدموية

تشمل الاضطرابات الدموية إما زيادة في الإنتاج، أو نقصًا فيه، أو زيادة في تحطيم خلايا الدم. ويمكن لبعض الالتهابات أيضًا أن تصيب الدم.

 

فقر الدم. ينجم عن انخفاض غير طبيعي في عدد الكريات الحمر أو الهيموجلوبين. ينقل دم المصابين بفقر الدم الحاد كمية قليلة من الأكسجين لا تكفي حاجة أنسجة الجسم.

 

وهنالك أسباب عديدة تؤدي لحدوث فقر الدم. والسبب الأول الرئيسي هو قصور في إنتاج الكريات الحمر في نقي العظام. ويمكن أن يكون سبب نقص الإنتاج نقصًا غذائيًا أو مرضًا أو التهابًا. وبالإضافة لذلك، فإن فقد الدم بسبب إصابة يُحدث فقر الدم. كما يسبب انحلال الدم الزائد(تكسر الكريات الحمر) أيضًا فقر الدم. ينشأ عن شذوذات الهيموجلوبين مرضان وراثيان فقر الدم المنجلي والتلاسيمية. ويلجأ الأطباء لوصف الحمية أو الأدوية أو نقل الدم لمعالجة فقر الدم، وذلك تبعًا للسبب المؤدي لحدوثه. انظر:  فقر الدم؛ تكسر كريات الدم الحمراء.

شذوذات الكريات البيض. تحدث الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا) من جراء إنتاج زائد أو غير محكم للكريات البيض غير الناضجة أو الناضجة. ولا يعرف الأطباء تمامًا أسباب هذا النوع من السرطان. فهم يستعملون الأدوية والأشعة، ونقل الدم لمعالجتها. انظر:  اللوكيميا. ويمكن أن يحدث اضطراب دموي يؤدي لنقص عدد الكريات البيض يُسمى قلة الكريات البيض. ويمكن أن ينجم عن التعرض لبعض الأدوية أو الأمراض، أو الالتهابات. وفي حالة قلّة الكريات البيض، وأكثرها شيوعا هو قلة العدلات، يحدث انخفاض حاد في عدد العدلات.

ويتعرض الأشخاص المصابون بنقص الكريات البيض لزيادة خطر حدوث الالتهابات بسبب قلّة العدلات في دمائهم، وهي الخلايا التي تدافع عن الجسم ضد البكتيريا المؤذية.

الاضطرابات النزفية. تحدث بسبب عجز الدم عن تشكيل الجلطة. تنجم مثل هذه الاضطرابات عن انخفاض غير طبيعي في عوامل تجلط الدم في البلازما أو بسبب شذوذ في الصفيحات. يؤدي النقص في بعض عوامل التجلط لحدوث الناعورية، وهي حالة وراثية يتجلط الدم فيها ببطء شديد. تكمن الخطورة عند المصابين بهذا المرض في حدوث نزف فجائي غير معلل ونزف شديد من جروح بسيطة ونزف من المفاصل والأعضاء الداخلية. ويعالج الأطباء هذا الاضطراب بحقن المريض بالعامل الناقص. انظر:  الناعورية.

تؤثر شذوذات الصفيحات أيضًا على قدرة الدم لإحداث التجلط. الشخص المصاب بنقص الصفيحات ـ الذي لديه نقص غير عادي في عدد الصفيحات ـ يكون معرضًا لحوادث نزفية خطرة. وتسبب بعض الأدوية والالتهابات والعدوى أو زيادة استهلاك الصفيحات في الجسم، نقصا في عدد الصفيحات.

يمكن أن يتعرض الأشخاص المصابون بزيادة عدد الصفيحات لحالات نزف غير طبيعية، بالإضافة لشذوذ في عملية التجلط (التخثر).

ويؤدي نقص الحديد في الجسم، أو وجود سرطان، أو بعض الأمراض، لارتفاع في عدد الصفيحات. وتؤدي معالجة هذين السببين لإصلاح الخلل.

الالتهابات. يمكن أن يُصاب الدم بالتهابات متعددة. فمثلاً، يمكن أن تسمم الجراثيم الممرضة الدم وتنتشر في الجسم. انظر:  تسمم الدم. وفي حال الإصابة بالملاريا يحطم الطفيلي الكريات الحمر الدموية. انظر: الملاريا.

وفي الحمى الغدية يهاجم الفيروس الخلايا البائية. انظر: الحمى الغدية. وفي الإيدز ـ أخطر الأمراض التي تنتقل بوساطة الدم ـ يصيب الفيروس الخلايا التائية، ومن ثم فهو يضعف قدرة الجهاز المناعي على مكافحة الجراثيم الممرضة انظر: الإيدز.

نبذة تاريخية عن أبحاث الدم

بدأ اهتمام العلماء بالدم منذ عهد الطبيب الإغريقي أبُقْراط الذي عاش خلال القرنين الخامس والرابع ق.م. افترض أبقراط أن كل الأمراض تنجم عن اضطراب التوازن لأربع أخلاط (سوائل) في الجسم، المرَّة (الصفراء) ذات اللون الأسود والدم والبلغم والصفراء ذات اللون الأصفر. وقادت النظرية لتطبيق الفصادة ـ الحجامة أو سحب الدم من وريد الشخص المريض ـ لكي يذهب الداء مع الدم. لقد كانت الفصادة لعدة قرون المعيار الطبي الوحيد للمعالجة. وكان الحلاقون يقومون بهذا الإجراء خلال العصور الوسطى. وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وصف عدد من الأطباء الفصادة وسببت وفاة عدد من المرضى بسبب فرط فقد الدم. في عام 1628م، وصف الطبيب الإنجليزي وليم هارفي كيفية حدوث الدورة الدموية خلال الجسم. وقد سبقه الطبيب المسلم علاء الدين بن النفيس عندما اكتشف الدورة الدموية الصغرى في القرن الثاني عشر الميلادي وقال: ¸إن الدم يُنَقَّى في الرئتين· قبل سرفيتوس بثلاثة قرون، ويظهر ذلك في كتابه الشهير شرح تشريح القانون. ولقد أصبح عمله هو الأساس للاكتشافات اللاحقة عن وظائف الدم التي قام بها وليم هارفي. انظر:  هارفي، وليم؛ ابن النفيس.

وفي عام 1882م، اكتشف إليِ ميتشنيكوف عالم الأحياء الروسي طريقة البلعمة. وقد ساعد اكتشافه على تفسير كيفية القضاء على الجراثيم بوساطة الكريات البيض. وفي عام 1882م أيضًا وصف عالم الأحياء الإيطالي جوليو بزوزيرو ـ بدقة ولأول مرة ـ وظائف الصفيحات وعلاقتها بتجلط الدم.

وبازدياد المعرفة لفائدة مشتقات الدم، قام الأطباء أولاً بنقل الدم مباشرة من المتبرع إلى المريض. وقد فشلت معظم هذه المحاولات.

وفي بداية القرن العشرين، اكتشف عالم المناعة النمساوي المولد كارل لاندشتاينر ـ الذي عمل في الولايات المتحدة الأمريكية ـ الفصائل الدموية (أ ب و). لقد أدى إجراء اختبار التوافق الذي يتم بين المتبرع بالدم والمريض إلى تحسن مذهل في عمليات نقل الدم الناجحة.

وفي عام 1940م اكتشف العالم لاندشتاينر، وزميله العالم الأمريكي ألكسندر فنر، العامل (رهـ).

وأصبح تخزين الدم ممكنًا في عام 1914م بإضافة المغذيات والمواد الكيميائية التي تتحكم في عملية التجلط في الدم. وقد تمت أول عملية تبرع طوعي للدم في لندن عام 1921م. وفي عام 1936م افتتح أول بنك دم في العالم في مستشفى كوك كاونتي في شيكاغو.

وخلال الحرب العالمية الثانية (1939ـ1945م) ساعد إعطاء الدم في إنقاذ حياة العديد من المصابين المدنيين والعسكريين. وقد تمكن الجراحون من استعمال البلازما التي كانت تحفظ لمدة أطول من الدم الكامل، وذلك في ساحة المعركة وحالات الطوارئ (المعالجة الإسعافية).

وخلال الثمانينيات من القرن العشرين بدأت المستشفيات بإخطار المرضى المنتظرين لعمليات جراحية غير إسعافية لتخزين دمائهم في بنك الدم. وتتطلب إجراءات حفظ الدم في البنك، جمع وحفظ الدم لعدة أسابيع قبل العملية الجراحية، ليكون جاهزًا للاستعمال إذا طلب. تعرف طريقة عودة المريض لاستعمال دمه الشخصي بنقل الدم الذاتي.

وظل العلماء يعملون على تطوير بدائل الدم أو الدم الصناعي الذي يمكن أن يغني عن الدم الإنساني في عمليات نقل الدم. وهذا البحث مهم جدًا، حيث يمكن أن تنطوي عملية نقل الدم، بالرغم من الاحتياطات الشديدة، على تفاعلات خطرة ويؤدي لنقل الفيروسات والالتهابات الأخرى.

وتتضمن الأبحاث الحديثة الأخرى إنتاج واختبار العوامل المسؤولة عن تكوين خلايا الدم. وقد أصبح كثير من هذه العوامل متوافرًا بكمية كبيرة بغية اختبارها في المرضى، وقد بُدئ باستعمالها عند المرضى الفاقدين لكمية زائدة من الكريات الحمر، والكريات البيض أو الصفيحات.

لقد أعطى البحث في عوامل نمو الخلايا أملاً لتحسين حالة كثير من الناس.

وبنهاية عام 2000م، كان هناك ثلاثة أجيال من الدم الصناعي في مراكز الأبحاث العالمية إلا أنها لم تحقق نجاحاً مشجعاً. ويرى بعض العلماء أن الدم الصناعي، من الناحية النظرية، قد يكون أفضل من الدم المتبرع به لأنه لا يسبب ارتكاسات مناعية، ولا يرفضه الجسم ولا ينقل الأمراض المعروفة مثل الأيدز والأمراض الفيروسية الأخرى، كما يمكن حفظه في جميع الظروف.

ولما فشلت التجارب السريرية في إثبات جدوى استخدام الدم الصناعي اتجه العلماء لبدائل أخرى منها إعطاء المريض عقاقير تساعد على إنتاج عناصر دموية تجمع قبل العملية بعدة أسابيع ثم يتم استخدامها للمريض نفسه. أو ربما ينتج دم بوساطة الهندسة الوراثية حيث تعدل مورثات بعض الحيوانات وتجبر على إنتاج دم بشري. وتكتنف هذه الطريقة مخاطر كثيرة أبرزها خطر انتقال الفيروسات الحيوانية إلى الإنسان.

 

نَقـل الـدم نقل دم أحد الأشخاص إلى جسم شخص آخر. ويحل الدم المنقول، محل الدم أو عناصره التي في شخص مريض أو مصاب. وقد أنقذت هذه الطريقة حياة كثير من الناس، وتؤدي دورًا مهما في الجراحة وفي الحالات الطبية الأخرى

وقد أجريت عمليات نقل دم قليلة قبل القرن العشرين. ولم تُصبح عمليات نقل الدم الكثيرة التي تتم في العصر الحديث سهلة إلا بعد اكتشاف فصائل (رمز) الدم في بدايات القرن العشرين. فقد وجد كارل لاندشتاينر، النسماوي الأمريكي، الباحث في ظواهر المناعة وأسبابها، أن الدم البشري يُمكن أن يقسم إلى أربع فصائل تُميّز بالحروف (أ، ب، و)، وهذه الفصائل هي: و، أب، ب، أ. انظر:الدم. وإذا كان لشخص دم من فصيلة معينة وتلقى دمًا من فصيلة أخرى، فإنه قد يعاني من رد فعل خطير. وقد أوضح هذا الاكتشاف سبب فشل كثير من حالات نقل الدم. ومنذ ذلك الوقت اكتشف العلماء فصائل كثيرة من الدم، مثل تلك التي تستند على وجود العامل (ر هـ) أو عدم وجوده. ومن الممكن أن تؤثر هذه الأنواع على نقل الدم.

وفي البداية كان نقل الدم يتم مباشرة من المتبرع إلى المتلقي. وأصبح تخزين الدم ممكنًا منذ عام 1914م بإضافة سترات وسكر مُغذِ، وكيمائيات تمنع تكوين الجلطة. واليوم يُمكن حفظ الدم لمدة خمسة وثلاثين يومًا أو أكثر باستخدام المحاليل الحافظة.

والدم نسيج معقد يتكون من عدة مكونات. وتشمل أساسًا مكونات صلبة مثل ـ الخلايا الحمراء ـ وكذا أعداداً أصغر من خلايا الدم البيضاء، واللويحات ـ التي تتعلق في سائل أصفر يسمى البلازما. وتحتوي البلازما على أنواع من البروتينات ومواد مغذية تستخلص من الطعام ومواد مُجَلِّطة. ويمكن أن يتم نقل الدم بأكمله، إذا فقد المتلقي كمية كبيرة من الدم. وعلى كل، فإن معظم المرضى يحتاجون فقط إلى مكوِّن من مكونات الدم. ويساعد نقل بعض المكونات في معالجة بعض الأمراض مثل فقر الدم والناعور (الاستعداد للنزيف ) وابيضاض الدم.

يحفظ الدم في بنوك الدم، التي تمد الدم بأكمله أو بأحد مكوناته. ويمكن أن تجمد وتخزن خلايا الدم الحمراء واللويحات ومكونات أخرى، لعدة سنوات. إن استخدام مكونات الدم من كمية تبرع واحدة تمكِّن من مساعدة عدد من المرضى.

كيف يتم نقل الدم. قبل أن يتم نقل الدم تُحدد فحوصات المختبر فصيلة دم المريض حسب الفصائل (أ، ب، و، أو رهـ). ويتم اختيار دم المتبرع ليكون من نفس النوع. وباختبار آخر يسمىالتماثل، يتم التأكد من أن اختلاط الدم المتبرَّع به والمُتَلقَّى لن يتسبب في رد فعل ضار.

ويتم وضع وعاء الدم، أو مكونات الدم، على حامل يوضع على مستوى أعلى من المريض. ويسيل الدم في مصفاة ثم في أنبوب بلاستيكي متصل بإبرة. وتدخل الإبرة في واحد من أوردة المريض. ويقرر الطبيب كمية الدم التي تُعطى وسرعة دخوله جسم المريض.

 

ويقوم الأطباء والممرضون بمراقبة المريض الذي يتلقى العلاج بعناية. فإذا تلقى الشخص النوع غير المناسب من الدم فإن الجسم يُتلف الخلايا الحمراء. وهذا الإتلاف يُؤدي إلى رد فعل عنيف أو قاتل ما لم يُوقَف نقل الدم فورًا. ويمكن أن ينقل الدم المتبرَّع به أمراضًا معدية، خاصة التهاب الكبد أو الإيدز، في حالات نادرة. انظر:  الإيدز. وتساعد الفحوصات المختبرية على معرفة الدم الملوث ومنع نقله.

كيف يُجمع الدم ويخزن. يتم جمع معظم الدم من المتبرعين اختياريًا. وتأخذ الممرضة الدم من وريد ذراع المتبرع. ويجمع الدم في كيس بلاستيكي يحتوي على سائل حافظ. ويقوم بنك الدم بفحص الدم، ويصنفه على الفصائل (أ، ب، أب، و، أو رهـ)؛ ويقوم في معظم الأحوال بفصل مكوناته. ثم يُخزن كامل الدم بأكمله أو مكوناته. وتحاول بنوك الدم أن يكون لديها كمية كافية من مكونات الدم، ومن الدم الكامل من كل الأنواع لمقابلة الاحتياجات المتوقعة.

ويمكن أن يجمع الدم أيضًا بطريقة تسمى فصادة الدم وتنطوي هذه الطريقة على إمرار دم المتبرع من خلال فاصل خلايا الدم، وهو جهاز يفصل واحدًا أو أكثر من مكونات الدم. وأثناء نقل المكونات المطلوبة، تعود الأجزاء الأخرى من الدم بطريقة مستمرة إلى المتبرع. وبخلاف ماعليه الحال في التبرع القياسي، الذي يسحب فيه حوالي عشر دم المتبرع، فالتبرع بطريقة فصادة الدم قد يسحب به كل دم المتبرع على مرتين عن طريق فاصل خلايا الدم. وهذا ممكن لأن البلازما، ومعظم مكونات الخلايا، تعود باستمرار إلى جسم المتبرع.

ولهذا فإن طريقة فصادة الدم تمكِّن بنك الدم من الحصول على كميات أكبر من المكون المطلوب من تبرع واحد.

ويجب أن تتوافر في المتبرعين بالدم متطلبات خاصة بالعمر والصحة والوزن. ويعوض الجسم الدم المسحوب خلال أسابيع قليلة. وليحافظ المتبرعون على صحتهم، لا يجوز أن يتبرَّعوا بالدم عدة مرات إلا بعد مضي عدد من الشهور بعد كل مرة.

 

الدم الاصطناعي. يعمل الباحثون، منذ الستينيات من القرن العشرين على إيجاد عدد من بدائل محتملة للدم لاستخدامه في حالة النقل الطارئ. ويُمكن أن تحمل بعض الكيمائيات والمواد الطبيعية ـ مثل الهيموجلوبين ـ الأكسجين، لكنها لا تؤدي المهام الأخرى للدم الطبيعي. وقد تصبح هذه المواد مفيدة في يوم من الأيام، في الحالات الطارئة، كبديل مؤقت لخلايا الدم الحمراء المفقودة.

وبنهاية عام 2000م، كان هناك ثلاثة أجيال من الدم الاصطناعي في مراكز الأبحاث العالمية إلا أنها لم تحقق نجاحاً مشجعاً. ويرى بعض العلماء أن الدم الاصطناعي من الناحية النظرية قد يكون أفضل من الدم المتبرع به لأنه لا يسبب ارتكاسات مناعية ولا يرفضه الجسم ولا ينقل الأمراض المعروفة مثل الأيدز والأمراض الفيروسية الأخرى، كما يمكن حفظه في جميع الظروف. ولما فشلت التجارب السريرية في إثبات صلاحية الدم الاصطناعي اتجه العلماء لبدائل أخرى منها إعطاء المريض عقاقير تساعد على إنتاج عناصر دموية تجمع قبل العملية بعدة أسابيع ثم يتم استخدامها للمريض نفسه. أو ربما ينتج دم بوساطة الهندسة الوراثية حيث تعدل مورثات بعض الحيوانات وتجبر على إنتاج دم بشري. وتكتسب هذه الطريقة مخاطر كثيرة أبرزها خطر انتقال الفيروسات الحيوانية إلى الإنسان.

 

 

معركة زاما من تاريخ تونس

معركة زاما, نشبت في 19 اكتوبر 202 ق.م., وكانت النهاية الحاسمة للحرب البونيقية الثانية. انتصر جيش روماني بقيادة پوپليوس كورنليوس سكيپيو على قوة قرطاجية بقيادة حنيبعل برقة. ومباشرة على إثر تلك الهزيمة على أرضهم, قام مجلس الشيوخ القرطاجي بطلب السلام، لينهي الحرب التي دامت 17 سنة.

بالرغم من عشرين سنة من الانتصارات المتواصلة، معظمها على التراب الإيطالي، إلا أن القائد القرطاجي حنبعل برقا ظل متواجداً في إيطاليا، وإن كان محدوداً في جنوب شبه الجزيرة. ثم أتى النصر الحاسم الذي ناله گايوس كلوديوس نيرون في معركة متوروسالقصيرة التي انتهت بمصرع شقيق حنبعل، صدربعل برقة، وقطعت الطريق بغير رجعة، على أي أمل تعزيزات.[1] وقد أصبح حنبعل بذلك محصوراً ومجبر على اتباع سياسةالأرض المحروقة في جميع أرجاء إيطاليا الجنوبية. وكان حنبعل قد دخل إيطاليا كغازٍ منتصر. وقد ألحق الخزي بالرومان في تيكينوس، تربيا، بحيرة تراسيمنه، وأخيراً فيكنـّاي حيث ذبح زهرة جنود الجيش الروماني. وقد توقع حنبعل أن يستخدم تلك الانتصارات في إقناع المدن-الدول الإيطالية بالتمرد والتحالف معه. وقد ثار، بالفعل، العديد من المدن-الدول الإيطالية على روما.[2] إلا أنه بفضل تصميم القيادة الرومانية ونظامهم العبقري في التحالفات والمعاهدات مع شعوب الرعية، فقد تمكن الرومان من الحفاظ على عدد من الجيوش القوية في أرجاء إيطاليا وصقلية وهسپانيا وبذلك احتفظوا بالمناطق الهامة

معركة زاما بريشة كورنليس كورت، 1567

الحرب الپونيقية الثانية

بعد ما عبر الايبرو، سار حنبعل وجيشه بسرعة، وعبروا جبال الالب في 218 ق م. لما وصلوا إلى ايطاليا دخل في جيشهم كثير الأجراء والحلفاء من عند قبيلة الگول وهزم الجيوش الرومانية في المنطقة بسهولة، ولما رأوا هذا حالفه الكثير من مدن ايطاليا ومنهم سيراكوزا. في نفس الوقت كان جيش روماني يحارب في اسبانيا. وقرب إلى روما حتى وصل إلى كابوا في 211 ق م، لكن بعد موت أخوه عزربعل في عام 207 رجع إلى مدينة بروتيوم في جنوب ايطاليا. وأخيرا حالف الرومان الملك النوميدي ماسينيسا وأرسلو جيش ليهجم على افريقيا نفسها، فبعد قليل نجت روما وأخذت اسبانيا كلها في اتفاق السلام، ومنعت قرطاج من أي حرب – حتى ولو كانت في دفاع نفسها – إلا بإذن روما.

 

المراجع

 

الحاكم بأمر الله (985 – 1021) الخليفة الفاطمي السادس

الحاكم بأمر الله (985 – 1021) الخليفة الفاطمي السادس، حكم من 996 إلى 1021 . ولد في مصر وخلف والده في الحكم العزيز بالله نزار وعمره 11 سنة . اتسمت فترة حكمه بالتوتر، فقد كان على خلاف مع العباسيين الذين كانوا يحاولون الحد من نفوذ الإسماعيليين، وكان من نتائج هذا التوتر في العلاقات أن قامت الخلافة العباسية بإصدار مرسوم شهير في عام 1011 وفيه نص مفاده أن الحاكم بأمر الله ليس من سلالة علي بن أبي طالب. وبالإضافة إلى نزاعه مع العباسيين فقد انهمك أيضا الحاكم بأمر الله في صراع آخر مع القرامطة. تميز عهد الحاكم بإصدار العديد من القوانين الشاذة الغريبة، فقد حرم أكل الملوخية وأمر الناس بأن يعملوا ليلا و يستريحوا نهارا. اختفى الحاكم بأمر الله في عام 1021 ، وبالرغم من أرجحية وفاته، إلا ان عقيدة الدروز تؤمن بأنه دخل غيبة كبرى وأنه سيرجع بصفته المهدي المنتظر

خلفاء الفاطميين
عبيد الله المهدي، 909934.
محمد القائم بأمر الله، 934946.
إسماعيل المنصور بالله، 946953.
معد المعز لدين الله، 953975.
نزار العزيز بالله، 975996.
المنصور الحاكم بأمر الله، 9961021.
علي الظاهر لإعزاز دين الله، 10211036.
معد المستنصر بالله، 10361094.
المستعلي بالله، 10941101.
الآمر بأحكام الله، 11011130.
الحافظ لدين الله، 11301149.
الظافر بدين الله، 1194 – 1154.
الفائز بدين الله، 1154 – 1160.
العاضد لدين الله، 11601171.

 

حياته

هو المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله معد الفاطمي . أبو علي .الحاكم بأمر الله . سادس ملوك الدولة الفاطمية الإسماعيلية . ولد بالقاهرة من أم رومية وبويع بالخلافة بعد موت أبيه سنة 386 هـوعمره إحدى عشرة سنة ، وخطب له على منابر مصر والشام وإفريقية . نادى بألوهيته وفد من دعاة المذهب الإسماعيلي قدم إلى مصر وعلى رأسهم محمد بن إسماعيل الدرزي وحمزة بن علي الفارسي ، فراقت للحاكم فكرة التأليه واعتقد تجسد الإله في شخصه ، واُعلِنت الدعوة بتأليهه سنة 408 هـ واتخذ بيتاً في جبل المقطم ، وفتح سجلا تكتب فيه أسماء المؤمنين به ، فاكتتب فيه من أهل القاهرة سبعة عشر ألفا ، كلهم يخشون بطشه ، وتحول لقبه ، في هذه الفترة على الأرجح ، من الحاكم بأمر الله إلى الحاكم بأمره ، وصار قوم من الجهال إذا رأوه قالوا : يا واحدنا يا واحدنا ، يا محيي ويا مميت .

عارض المصريون – وهم من أهل السنة – فكرة حلول الله في الحاكم وتأليهه ونقموا على الدعاة الفرس الذين أخذوا يبشرون بدعوتهم الإلحادية الجريئة ، فقتلوا محمد بن إسماعيل الدرزي واختفى حمزة الفارسي ثم ظهر مع أتباعه في بلاد الشام ونقم الحاكم على المصريين لقتلهم داعيته فأحرق مدينة الفسطاط وظهرت من الحاكم تصرفات غريبة فيها تناقض عجيب ، فكان يأمر بالشيء ثم يعاقب عليه ، وكان يُعلي مرتبة وزير ثم يقتله ، من ذلك أنه أعلى مرتبة وزيره (برجوان) ثم قتله ، وقلَّما مات وزير أو كبير في عهده حتف أنفه ، فقد قتل مؤدبه أبا تميم سعيد الفارقي وهو يسامره في مجلسه ، وفعل مثل ذلك في كثير غيره. أمر أهل الذمة بالدخول في الإسلام أو الانتقال إلى بلاد الروم ، ومن أراد منهم البقاء في مصر فعليه أن يعلق صليباً من الذهب والفضة إن كان نصرانيا ويجب أن يعلق تمثال عجل على صدره إن كان يهودياً. ثم أمر أن تستبدل الصلبان من الفضة والذهب بصلبان من الخشب ، كما أمر أن تستبدل رءوس العجول بمثلها خشبا ، ومنع أهل الذمة من ركوب الخيل ، ومنعهم من دخول الحمامات إلا إذا وضعوا في أعناقهم جرساً ليتميزوا عن المسلمين ، وأمر بهدم الكنائس والبيع ، ومنها كنيسة القيامة في بيت المقدس ثم أذن في إعادة بنائها، وقتل من أسلم ثم ارتد إلى دينه ، ثم أذن لمن أسلم أن يعود إلى دينه ، ومنع خروج النساء وأمر بالتزام بيوتهن ليلا ونهارا ، ومنع الرجال من ارتياد المقاهي وأمر بقتل الكلاب كما أمر بمنع بيع بعض الخضر والمأكولات كالملوخية والسمك الذي لا قشر له . وإلى جانب هذه التصرفات العجيبة ، كان يهتم بنشر العلم ، فأنشأ دار الحكمة في مصر ودعا إليها خيرة العلماء في مختلف العلوم والفنون وأجرى عليهم المرتبات الكبيرة ، وهيأ الوسائل لهم ليتفرغوا للبحث والدراسة والتأليف ، وأقام في دار الحكمة مكتبة عظيمة حوت ما لم يجتمع مثله في مكتبة من مكتبات ذلك العهد . كما بنى عدة مساجد . وجد في إحدى الليالي من سنة 411 هـ مقتولا في ناحية من جبل المقطم وقيل إنه لم يعثر على جثته وإنما وجدت ملابسه ملوثة بالدم ، ويقال إن أخته ست الملك كلفت القائد حسين بن دواس زعيم قبيلة كتامة بقتله فقتله ثم قتلت ابن دواس وقتلت معه من اطلع على سر القتل ، ثم أبدت الحزن على أخيها وجلست للعزاء. بتأليه الحاكم وقبوله فكرة حلول الإله في شخصه وهي الفكرة التي أوحاها إليه محمد بن إسماعيل الدرزي وحمزة بن علي الفارسي تألفتطائفة الدروز وانشقت عن الإسماعيلية وظهرت في بلاد الشام بعد انتقال حمزة إليها مع أشياعه. ولما بلغ حمزة موت الحاكم أعلن أنه لم يمت وإنما احتجب وأنه سيعود لنشر الإيمان بعد غيبته . كان عمر الحاكم لما قتل سبعا وثلاثين سنة وكانت مدة ولايته خمسا وعشرين سنة . خلفه ابنه الظاهر أبو الحسن علي فأزال المظاهر التي أحدثها أبوه وأعلن في السجل الذي أصدره براءته من المزاعم التي قيلت في أبيه وأسلافه .

[1]

اليافع يصبح خليفة

كان الخليفه الفاطمى العزيز بالله يستعد لإستئناف القتال ضد البيزنطيين فى مدينه بلبيس حتى توفى وهو فى الحمام – فخلفه الولد الوحيد الذى انجبه من زوجته المسيحية اليونانية الأصل. تربى إبن الخليفة وكان إسمه المنصور تربية شيعية فاطمية. وأصبح خليفة وهو يبلغ من العمر 11 سنه , ولقب عند إعتلائه عرش الخلافه بإسم “الحاكم بأمر الله” وسمى أيضاً الإمام المنصور.

وقال المقريزي المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 70 من 167 ) : ” وقام من بعده ابنه‏:‏ الحاكم بأمر الله أبو علي منصور وكانت مدة خلافته إلى أن فـُقِد خمساً وعشرين سنة وشهرًا وفـُقِد وعمره ست وثلاثون سنة وسبعة أشهر في ليلة السابع والعشرين من شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة وقد بسطت خبر العزيز والحاكم عند ذكر الجوامع من هذا الكتاب‏.

ولما كان إبن العزيز قاصرا قام بالوصايه عليه وزيره برجوان تنفيذا لوصيه أبيه وكان برجوان عبدا خصيا سلافونياً (1) تربى فى قصر العزيز وكان ماهرا فى القيام بالأعمال الموكلة إليه فإكتسب ثقه الخليفه وظل يترقى فى المناصب حتى وصل إلى منصب الوزارة ثم أصبح وصيا على إبنه القاصر بناء على وصيه الخليفه قبل موته إلا أنه كان هناك صراع على السلطه بين الوصى برجوان وبين قائد جيش الخليفه إبن عمار فعمت الفوضى البلاد لشده هذه الخلافات .

وكان ( أبو محمد الحسن بن عمار ) قائد جيش الخليفه وزعيم الكتاميين الذين يعتبرون عصب الخلافة الفاطمية. وكان الكتاميين تظلموا وتقدموا بطلب بعزل عيسى بن نسطور من الوزاره وإنتهى الأمر بتولى ابن عمار شئون إدارة الدولة , ولكن لمكانه ابن نسطور لدى الخليفة أسند إليه رئاسة ديوانه الخاص , ولكنه لم يتمتع بهذا المنصب مدة طويلة , فقد كان هدفا لدسائس أبي عمار الذى اتهمه بالإختلاس فقبض عليه وقتله (2) ولم يلبث ابن عمار أن قـُتِل أيضا بعد أن هزمت القوات التركيه قواته المكونه من قبائل شمال أفرقيا المغاربة.

أما الحاكم بامر الله عندما وصل سنه 15 سنة وهو سن الخلافه فى الشريعة الإسلامية ويقول ابن القلانسي (3): ” ولم يكن هناك ما ينذر بوقوع أحداث دموية مفجعة التى أخضبت عهده بالدماء , وأدخلت الذعر فى نفوس النصارى والمسلمين على السواء , والواقع أنه حينما بلغ سن الرشد , سارع إلى اطمئنان كل الموظفين النصارى على مراكزهم واهتدى بنصائح أخته ” ست الملك ” التى كانت تعطف على النصارى عطفاً شديداً”.

قال عنه ساويرس بن المقفع (4) أنه نمى وكبر وصار كالأسد يزأر ويطلب فريسة وأصبح محباً لسفك الدماء وفاق الأسد الضارى , وقد أحصى من قتل بأوامره فكانوا 18 ألف إنسان وإبتدأ من أكابر وأعيان الدوله وكتبته وقطع أيادى كثير من الناس وأول من قتل هو أستاذه برجوان الذى رباه وسبب غدره على معلمه أنه كان يسميه فى صغره ( الوزغة ), أي السحلية وقال الأنبا يوساب أنه سماه الوزعة لأنه كان دميم الخلقة (5) فأرسل فى طلب معلمه قائلا : ” الوزغة الصغيرة قد صار تنينا عظيما وهو يدعوك ” فقام برجوان وذهب إليه وهو يرتعد وعندما حضر إليه أمر بقطع رأسه , وكان ذلك فى عام 390هـ 1000م ويقول جاك تاجر فى تعليقه على هذه الوحشية : ” ولما أمر الخليفة الشاب بقتل برجوان الوصي , أقلق الشعب وأضجره وحمله على التوجه إلى مقر الخلافة , ” والقايد فضل كان هذا بمثابه استلامه الحكم الفعلى للبلاد بإزاحه كليهما عن طريقه لما كان لهما من نفوذ ولكن هذه الأحداث أقلقت الشعب لمدى القسوه التى إتبعها فى تنفيذ مخططه فثاروا وتوجهوا الى مقر الخلافه , إلا أنه كان ذكيا فإحتوى غضبهم وقام بتهدئتهم وأقام الحجج والأسانيد الباطله قائلا : ” أن برجوان كان يسعى للإستئثار بالسلطه ويمنعه من الإتصال برجال دولته فلم أستطع كخليفة أن أقوم بالحكم الفعلى وأننى أفتقر الى الحكمه بسبب شبابى وصغر سنى وعدم درايتى بإسلوب الحكم ” وبكى وناح نادما على ما فعله فرأف الشعب لحاله وتمكن من الإفلات من ثورة الشعب وغضبه ولكنه أضمر الشر فى قلبه صابرا للإنتقام من الشعب فى وقت آخر.

وتذكر ساويرس بن المقفع بالتفصيل فظائع كثيرة عن الحاكم بأمر الله. [2]

الحاكم بأمر الله والوزير القبطي

وكان لبرجوان مساعدا كاتبا قبطيا إسمه فهد بن إبراهيم عرفه الحاكم من كثره تردده على القصر يحمل الرسائل إلى الخليفه والأوامر منه , ومن الظاهر انه كان ذو شأن كبير غنيا ومن أعيان القبط وكبرائهم إذ قال عنه المقريزي (7) ” لأنه فى غطاس سنه 288هجريه ضربت المضارب والأسره فى عده مواضع على شاطئ النيل , ونصبت أسره للرئيس فهد بن إبراهيم النصراني كاتب الأستاذ برجوان , وأوقدت له الشموع والمشاعل وحضر المغنون والملهون , وجلس مع أهله الى أن كان وقت الغطاس فغطس وإنصرف “.

وكان الحاكم محتاجا لرجل يحل محل برجوان الذى قتله ليدير الحكومه ففكر فى فهد القبطى , الذى رأى رأس برجوان تدحرج على الأرض أمامه فإمتلأ فزعاً واصفر وجهه من هول المفاجأه , وبخبث ودهاء شديدين أنعم عليه العطايا والهبات وهدئ من روعه , وخلع عليه لقب ” الرئيس أبى العلاء “

ولما كان فهد لايطمع فى شئ من دنياه فعمل جاهدا ليرضى الله وأولياء الأمر فى عمله فترقى فى المناصب العليا حتى وصل إلى أن يكون كاتم سر الخليفه وفى ذات يوم دخل إلى الخليفه وكان الخليفه قد قرر إسناد منصب الوزاره إليه ويقص علينا ابن القلانسي (8) الحديث الذى دار فى قصر الخليفه وإنتهى بإعتلاء القبطى فهد أعلى سلطة فى مصر فقال : ” جلس الحاكم وقت العشاء الأخير وإستدعىالحسين بن جوهر وأبي العلاء فهد بن إبراهيم الوزير , وتقدم إليه بإحضار سائر كتاب الدواوين والأعمال , ففعل , وحضروا وأوصلهم إليه. فقال لهم الحاكم: ” إن هذا فهدا , كان بالأمس كاتب برجوان عبدى , وهو اليوم وزيرى فإسمعوا له وأطيعوا , ووفوه شروطه فى التقدم عليكم , وتوفروا على مراعاه الأعمال وحراسه الأموال. ” وقبل فهد الأرض وقبلوها , وقالوا : ” السمع والطاعه لمولانا.” ثم إلتفت إلى فهد وقال ” أنا حامد لك وراض عنك وهؤلاء الكتاب خدمي , فإعرف حقوقهم وأجمل معاملتهم واحفظ حرمتهم وزد فى واجب من يستحق الزيادة بكفايته وأمانته (9).”

وبدأ الشر يحيك الدسائس والمؤامرات فأرسل جنوده الحاسدون عندما بدأت شهرته فى فعل الخير للمسلمين والمسيحين على السواء, وخشى الحاسدون إزدياد نفوذ النصارى فى البلاد , فلا ولايه لذمى على مسلم , فأوعزوا على الوشايه به عند مولاه ليضعفوا ثقته به , فكانت التهمه القديمه التى إستعملها ابو عمار هى خطتهم , فإتهمه إثنين من الحاقدين عليه هما أبو طاهر وإبن العداس بإختلاس الأموال , ولم يحسن الحاكم إستقبالهم كما انه لم يستمع إلى وشايتهما إلا أنهم إستمرا على خطتهما الدنيئه وحرضا آخرين على تقديم شكاوى مماثله وكان الحاكم يفهم مغزى هذه الشكاوى المقدمه إليه , فإستغلها للضغط على عامله الأمين القبطى فهد ومساومته بطريقه خبيثه فأرسل إليه فمثل بين يديه وقال له : ” أنت تعلم أننى قد إصطفيتك وقدمتك على كل من فى دولتى فإسمع منى وكن معى فى دينى فأرفعك أكثر مما أنت فيه وتكون لى مثل أخ.” فإذا كان فهد سارقا فلماذا إذا ساومه ؟ وأراد الحاكم أن يستغل الشكاوى ويحوله عن ديانته فرفض القبطى فهد الوزارة وفضل عار المسيح أعظم من كنوز مصر فكان كموسى النبى الذى ترك قصر فرعون , فأمر الخليفه بقطع رقبه فهد القبطى , وحرق جسده.

وأمر بإيقاد النار تحت جسده ثلاثه ايام بلياليها فإحترق جسده ما عدا يده اليمنى التى كان يمدها ممسكه بالنقود معطيه صدقه ومما يذكره الرواه أن فهد أراد مره أن يعطى صدقه لسائلا وكان يضع يده فى كمه ليخرج النقود كعاده أهل ذلك الزمان وكان قد نسى فى هذااليوم أن يضع النقود ولكنه وجد مالاً فأعطاه للفقير. فإعتبر أن السيد المسيح هو المعطى لكل البركات و لمعرفه اين دفن الرئيس أبو العلا فهد يقول أبو المكارم فى مخطوطه (11) : ” أنه كانت هناك حارة من حوارى القاهرة يطلق عليها إسم حارة برجوان الخادم الأسود (12) وكان برجوان هذا استاذاً للحاكم بأمر الله وكان ينظر فى امور المملكة وكاتبه الرئيس أبو العلا فهد بن إبراهيم النصرانى فى الخلافة الحاكمية أمر الحاكم بقتل برجوان والرئيس أبو العلا وأحرقه بالنار وقبره وذويه تحت كنيسة أبو مرقورة بدير الخندق فى طوفس (13) ” وقد أخذ الأروام هذه الكنيسة للصلاة فيها بعد أن أمر أمير الجيوش بدر الدين الجمالي الأقباط بإعطائها لهم وبها جسد هذا الشهيد .

 

شخصيه الحاكم بأمر الله الغريبة

قال كاتب عنه (15): ” لقد نشأ مطلق الأمر فى آراءه وتصوراته وتعلم علوم الشيعة فغلا فيها , كما تعلم الفلسفة والنجوم فكان له بها ولع شديد, وكان على طرفى الغلو فى كل أعماله – فإذا عاقب أفرط وسفك الدماء وقتل الأعوان والأقارب والعلماء, وإذا ثاب أو أحب بذل ما لم يبذله ملك , وكانت أعماله متناقضة , يفعل اليوم ما ينقضه غداً “

إن إصداره لتعليمات ومراسيم متضاربة أمرا يثير الدهشه والأسى والضحك فى وقت واحد , كما أنه لا يمكن التكهن بما يمكن أن يفعله أو يأمر به عند عرض عليه أى قضيه أو مشكله , فمثلا فى حاله قتله لفهد أراد أن يغطى فشله فى جذب فهد الى دينه أرسل الحاكم فى طلب أولاد الشهيد فهد وخلع عليهم الخلع وأمر بألا يمسهم أحد بسؤ وألا ينهب منزلهم , أما جاك تاجر فله رأى آخر (16): ” قد أراد الحاكم بذلك أن يتحدى أبا طاهر وإبن العداس اللذين أوعزا بهذه الجريمه واللذين توصلا إلى أعلى المناصب لتنفيذ خطتهما.” إلا أنه لا يمكن غسل يدى الحاكم من هذه الجرائم التي لا يستطيع أحدا أن يجد لها تفسيرا إلا أنها حاذت على هوى نفسه لهذا قدم على تنفيذها بدون أى شعور بالندم وكان من تقليد الفاطميين الإستعانه بالنصارى إلا أن الحاكم بأمر الله أبطل هذه العاده بعد أن إضطهد الذميين كما هو مكتوب فى جميع كتب المؤرخين بلا إستثناء ولكنه لم يكن فى إستطاعته أن يستغنى أبداً عن جميع الموظفين النصارى.

مقتل ابن عمار

ذكر المقريزي فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 103 من 167 ):

” خط قصر ابن عمار هذا الخط من جملة حارة كتامة وهو اليوم درب يعرف بالقماحين وفيه حمام كرائي ودار خوند شقرا يُسلك إليه من خط مدرسة الوزير كريم الدين بن غنام ويُسلك منه إلى درب المنصوري وابن عمار هذا هو أبو محمد الحسن بن عمار بن عليّ بن أبي الحسن الكلبي من بني أبي الحسب أحد أمراء صقيلة وأحد شيوخ كتامة وصاه العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله لما احتضر هو والقاضي محمد بن النعمان على ولده أبي علي منصور فلما مات العزيز بالله واستخلف من بعده ابنه الحاكم بأمر الله اشترط الكتاميون وهم يومئذ أهل الدولة أن لا ينظر في أمورهم غير أبي محمد بن عمار بعدما تجمعوا وخرج منهم طائفة نحو المصلى وسألوا صرف عيسى بن مشطروس وأن تكون الوساطة لابن عمار فندب لذلك وخلع عليه في ثالث شوّال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة واصطنع أحداث المغاربة فكثر عتيهم وامتدّت أيديهم إلى الحرام في الطرقات وشلحوا الناس ثيابهم فضج الناس منهم واستغاثوا إليه بشكايتهم فلم يبد منه كبير نكير فأفرط الأمر حتى تعرّض جماعة منهم للغلمان الأتراك وأرادوا أخذ ثيابهم فثار بسبب ذلك شرٌّ قُتِلَ فيه غلام من الترك وحَدَثٌ من المغاربة فتجمع شيوخ الفريقين واقتتلوا يومين آخرهما يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فلما كان يوم الخميس ركب ابن عمار لابسًا آلة الحرب وحوله المغاربة فاجتمع الأتراك واشتدّت الحرب وقتل جماعة وجرح كثير فعاد إلى داره وقام برجوان بنصرة الأتراك فامتدّت الأيدي إلى دار ابن عمار واصطبلاته ودار رشا غلامه فنهبوا منها ما لا يحصى كثرة فصار إلى داره بمصر في ليلة الجمعة لثلاث بقين من شعبان واعتـُزل عن الأمر فكانت مدّة نظره أحد عشر شهراً إلاَّ خمسة أيام.

فأقام بداره في مصر سبة وعشرين يومًا ثم خرج إليه الأمر بعوده إلى القاهرة فعاد إلى قصره هذا ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان فأقام به لا يركب ولا يدخل إليه أحد إلاَّ أتباعه وخدمه وأطلقت له رسومه وجراياته التي كانت في أيام العزيز بالله ومبلغها عن اللحم والتوابل والفواكه خمسمائة دينار في كل شهر وفي اليوم سلة فاكهة بدينار وعشرة أرطال شمع ونصف حمل ثلج فلم يزل بداره إلى يوم السبت الخامس من شوّال سنة تسعين وثلثمائة فأذن له الحاكم في الركوب إلى القصر وأن ينزل موضع نزول الناس فواصل الركوب إلى يوم الاثنين رابع عشرة فحضر عشية إلى القصر وجلس مع من حضر فخرج إلى الأمر بالانصراف فلما انصرف ابتدره جماعة من الأتراك وقفوا له فقتلوه واحتزوا رأسه ودفنوه مكانه وحُمل الرأس إلى الحاكم ثم نقل إلى تربته بالقرافة فدفن فيها وكانت مدّة حياته بعد عزله إلى أن قُتل ثلاث سنين وشهرًا واحدًا وثمانية وعشرين يومًا وهو من جملة وزراء الدولة المصرية وولى بعده برجوان وقد مرّ ذكره‏.‏

محاولة جمع رفات آل البيت فى مصر

محاولة الحاكم بأمر الله الأولى. أراد نقل أجسادهم إلى مصر، وكلف بذلك أبا الفتوح الحسن بن جعفر، فلم يـُوَفـَّق بعد أن جاءت ريح شديدة تدرحجت من قوتها الإبل والخيل، وهلك معها خلق من الناس، فكانت رادعاً لأبي الفتوح عن نبش القبور وانشرح صدره لذلك، واعتذر للحاكم بأمر الله بالريح. انظر تفصيلها في: وفاء الوفاء للسمهودي (2/653).

المحاولة الثانية للحاكم بأمر الله، فقد أرسل من ينبش قبر النبي فسكن داراً بجوار المسجد وحفر تحت الأرض فرأى الناس أنواراً وسُمع صائح يقول: أيها الناس إن نبيكم يُنبش ففتش الناس فوجدوهم وقتلوهم. المصدر السابق.

http://www.alminbar.net/alkhutab/mosques_nabawe.htm راجع هذا الموقع لمزيد من المعلومات

 

دعوته كبار أراخنة الأقباط العشرة لدينه

ولما انتهي الحاكم بأمر الله من إفناء خواصه ومقدمي جيشه ، عاد إلى مقدمي الأراخنة ورؤساء الكتاب فأخذ منهم عشرة وعرض عليهم الإسلام وكان أولهم يوحنا أبو نجاح رئيس المقدمين ، ثم الرئيس فهد بن إبراهيم. فأحضرهم إليه الواحد تلو الآخر وقال له ” أريد أن تترك دينك وتعود إلى ديني وأجعلك وزيري فتقوم بتدبير أمور مملكتي”.

فرفض كل واحد منهم العرض على حدة. ويذكر كل من ساويرس بن المقفع (في تاريخ البطاركة) والمقريزي (في خططه) تفاصيل العرض ثم التعذيب الذي أفضى لقتل كل منهم.

 

قتل برجوان

قال المقريزي المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار – الجزء الثالث ( 97 من 167 )  : ” فكان من خبر قتل برجوان أنّه لما دخل إلى القصر كان الحاكم في بستان يعرف بدّويرة التين والعنّاب ومعه زيدان فوافاه برجوان بها وهو قائم فسلّم ووقف فسار الحاكم إلى أن خرج من باب الدويرة فوثب زيدان على برجوان وضربه بسكّين كانت معه في عنقه وابتدره قوم كانوا قد أعدّوا للفتك به فأثخنوه جراحة بالخناجر واحتزّوا رأسه ودفنوه هناك‏.‏

ثمّ إنَّ الحاكم أحضر إليه الرئيس فهدأ بعد العشاء الأخيرة وقال له‏:‏ أنت كابني وأمّنه وطمّنه فكانت مدّة نظر برجوان في الوساطة سنتين وثمانية أشهر تنقص يومًا واحدًا ووجد الحاكم في تركته مائة منديل يعني عمامة كلّها شروب ملوّنة معمّمة على مائة شاشية وألف سراويل دبيقية بألف تكّة حرير أرمنيّ ومن الثياب المخيطة والصحاح والحليّ والمصاغ والطيب والفرش والصياغات الذهب والفضّة ما لا يحصى كثرة ومن العين ثلاثة وثلاثين ألف دينار ومن الخيل الركابيّة مائة وخمسين فرسًا وخمسين بغلة ومن بغال النقل ودواب الغلمان نحو ثلثمائة راس ومائة وخمسين سرجًا منها عشرون ذهبًا ومن الكتب شيء كثير‏.‏ وحمل لجاريته من مصر إلى القاهرة رحل على ثمانين حمارًا‏.‏

قتله حارس ست الملك

عطوف كان خادمًا أسود, غلام الطويلة وكان قد خدم ست الملك أخت الحاكم, قتله الحاكم بجماعة من الأتراك وقفوا له في دهليز القصر واحتزّوا رأسه في يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من صفر سنةإحدى وأربعمائة قاله المسبِّحي‏.‏

قتل القائد حسين بن جوهر الصقلي

قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار – الجزء الثالث ( 99 من 167 ) :

“فلما قتلَ الحاكمُ الأستاذَ برجوان كما تقدم خلع على القائد حسين لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة تسعين وثلثمائة ثوبًا أحمر وعمامة زرقاء مذهّبة وقلّده سيفًا محلّى بذهب وحمله على فرس بسرج ولجام من ذهب وقاد بين يديه ثلاثة أفراس بمراكبها وحمل معه خمسين ثوبًا صحاحًا من كلّ نوع وردّ إليه التوقيعات والنظر في أمرو النار وتدبير المملكة كما كان برجوان ولم يطلق عليه اسم وزير فكان يبكّر إلى القصر ومعه خليفته الرئيس أبو العلاء فهد بن إبراهيم النصراني – كاتب برجوان – فينظران في الأمور ثمّ يدخلان وينهيان الحال إلى الخليفة فيكون القائد جالسًا وفهد في خلفه قائمًا‏.‏

فلما كان في سابع عشر جمادى الآخرة قرىء سجل على سائر المنابر بتلقيب القائد حسين بقائد القوّاد وخلع عليه ومازال إلى يوم الجمعة سابع شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة فاجتمع سائر أهل الدولة في القصر بعدما طلبوا وخرج الأمر إليه أن لا يقام لأحد وخرج خادم من عند الخليفة فأسرّ إلى صاحب الستر كلامًا فصاح‏:‏ صالح بن عليّ فقام صالح بن عليّ الرودباذي متقلّد ديوان الشام فأخذ صاحب الستر بيده وهو لا يعلم هو ولا أحد ما يراد به فأدخل إلى بيت المال وأخرج وعليه درّعة مصمتة وعمامة مذهّبةً ومعه مسعود فأجلسه بحضرة قائد القوّاد وأخرج سجلًا قرأه ابن عبد السميع الخطيب فإذا فيه ردّ سائر الأمور التي نظر فيها قائد القواد حسين بن جوهر إلي‏.‏ فعندما سمع من السجل ذكره قام وقبّل الأرض‏.‏

فلما انتهت قراءة السجلّ قام قائد القوّاد وقبّل خدّ صالح وهنأه‏.‏ وانصرف فكان يركب إلى القصر ويحضر الأسمِطة إلى اليوم الثالث من شوّال أمره الحاكم أن يلزم داره هو وصهره قاضي القضاة عبد العزيز بن النعمان وأن لا يركباهما وسائر أولادهما فلبسا الصوف ومُنع الناس من الاجتماع بهما وصاروا يجلسون على حُصْر‏.‏

فلمّا كان في تاسع عشر ذي القعدة عفا عنهما الحاكم وأذن لهما في الركوب فركبا إلى القصر بزيّهما من غير حلق شعر ولا تغيير حال الحزن فلمّا كان في حادي عشر جمادة الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قبض على عبد العزيز بن النعمان وطلب القاهرة وأسواقها فأفرج عنه ونودي أن لا يغلق أحد فرّدَّ حسين بعد ثلاثة أيام بابنيه وتمثلوا بحضرة الحاكم فعفا عنهم وأمرهم بالمسير إلى دورهم بعد أن خلع على حسين وعلى صهره عبد العزيز وعلى أولادهما وكُتب لهما أمانان ثمّ أعيد عبد العزيز في شهر رمضان إلى ما كان يتقلّده من النظر في المظالم ثم رَدّ الحاكم في شهر ربيع الأوّل سنة أربعمائة على حسين بن جوهر وأولاده وصهره عبد العديز ما كان لهم من الإقطاعات وقرىء لهم سجل بذلك‏.‏

فلما كان ليلة التاسع من ذي القعدة فرّ حسين بأولاده وصهره وجميع أموالهم وسلاحهم فسير الحاكم الخيل في طلبهم نحو دجوة فلم يدركهم وأوقع الحوطة على سائر دورهم وجعلت للديوان المفرد وهو ديوان أحدثه الحاكم يتعلّق بما يقبض من أموال من يسخط عليه وحمل سائر ما وجد لهم بعدما ضبط وخرجت العساكر في طلب حسين ومن معه وأشيع أنّه قد صار إلى بني قرّة بالبحيرة فأنفدت إليه الكتب بتأمينه واستدعائه إلى الحضور فأعاد الجواب بأنه لا يخل ما دام أبو نصر بن عبدون النصرانيّ الملقّب بالكافي ينظر في الوساطة ويوقّع عن الخليفة فإنّي أحسنت إليه أيام نظري فسعى بين إلى المحرّم سنة إحدى وأربعمائة وقدم حسين بن جوهر ومعه عبد العزيز بن النعمان وسائر من خرج معهما فخرج جميع أهل الدولة إلى لقائ وتلقّته الخلع فأُفيضت عليه وعلى أولاده وصهره وقيّد بين أيديهم الدواب فلمّا وصلوا إلى باب القاهرة ترجّلوا ومشرواومشى الناس بأسرهم إلى القصر فصاروا بحضرة الحاكم ثمّ خرجوا وقد عفا عنهم وأذن لحسين أن يكاتّب بقائد القوّاد ويكون اسمه تاليًا للقبه وأني خاطب بذلك‏.‏

وانصرف إلى داره فكان يوما عظيمًا وحمل إليه جميع ما قبض له من مال وعقار وغيره وأنعم عليه وواصل الركوب هو وعبد العزيز بن النعمان إلى القصر ثم قبض عليه وعلى عبد العزيز واعتقلا ثلاثة أيام ثمّ حلفا أنّهما لا يغيبان عن الحضرة وأشهدا على أنفسهما بذلك وأفرج عنهما وحلف لهما الحاكم في أمان كتبه لهما‏.‏

فلما كان في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ركب حسين وعبد العزيز على رسمهما إلى القصر فلمّا خر للسلام على الناس قيل للحسين وعبد العزيز وأبي علي أخي الفضل‏:‏ أجلسوا لأمر تريده الحضرة منكم فجلس الثلاثة وأنصرف الناس فقبض عليهم وقتلوا في وقت واحد وأحيد بأموالهم وضياعهم ودورهم وأخذت الأمانات والسجلات التي كتبت لهم‏.‏

واستدعي أولاد عبد العزيز بن النعمان وأولاد حسين بن جوهر ووُعدوا بالجميل وخلع عليهم وجملوا والله يفعل ما يشاء‏.‏

اشتداد خوف المصريين

قال المقريزي المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار – الجزء الثالث ( 100 من 167 )  :

حارة الحسينية عرفت بطائفة من عبيد الشراء يقال لهم الحسينية‏:‏ قال المسبِّحي في حوادث سنة خمس وتسعين وثلثمائة‏:‏ وأمر بعمل شُونة ممّا يلي الجبال ملئت بالسنط والبوص والحلفاء فابتدىء بعملها في ذي الحجة سنة اربع وتسعين وثلثمائة إلى شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين فخامر قلوب الناس من ذلك جزع شديد وظن كلّ من يتعلق بخدمة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أنّ هذه الشونة عُملت لهم‏.‏
ثمّ قويت الإشاعات وتحدّث العوام في الطرقات أنها للكتّاب وأصحاب الدواوين وأسبابهم فاجتمع سائر الكتّاب وخرجوا بأجمعهم في خامس ربيع الول ومعهم سائر المتصرفين في الدواوين من المسلمين والنصارى إلى الرماحين بالقاهرة ولميزالوا يقبّلون الأرض حتّى وصلوا إلى القصر فوقفوا على بابه يدعون ويتضرّعون ويضجّون ويسألون العفو عنهم ومعهم رقعة قد كتبت عن جميعهم إلى أن دخلوا باب القصر الكبير وسألوا أن يُعفى عنهم ولا يُسمع فيهم قول ساعٍ يسعى بهم وسلّموا رقعتهم إلى قائد القوّاد الحسين بن جوهر فأوصلها إلى أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله فأجيبوا إلى ما سألوا وخرج إليهم قائد القوّاد فأمرهم بالانصراف والبكور لقراءة سجل بالعفو عنهم فانصرفوا بعد العصر وقرىء من الغد سجل كتب منه نسخة للمسلمين ونسخة للنصارى ونسخة لليهود بأمان لهم والعفو عنهم‏.

وقال‏:‏

في ربيع الآخر واشتدّ خوف الناس من أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله فكتب ما شاء الله من الأمانات للغلمان الأتراك الخاصة وزمامهم وأمرائهم من الحمدانيةوالكجورية والغلمان العرفان والمماليك وصبيان الدار وأصحاب الإقطاعات والمرتزقة والغلمان الحاكمية القدم على اختلاف أصنافهم وكُتب أمان الجماعة من خدم القصر الموسومين بخدمة الحضرة بعدما تجمّعوا وصاروا إلى تربة للعزيز بالله وضجوا بالبكاء وكشفوا رؤوسهم وكتبت سجلاّت عدّة بأمانات للديلم والجبل والغلمان الشرابية والغلمان الريحانية والغلمان البشارية والغلمان المفرّقة العجم وغيرهم والنقباء والروم المرتزقة وكتبت عدّة أمانات للزويليين والبنادين والطبّالين والبرقيين والعطوفيين وللعرافة الجوانية والجودرية وللمظفرّية وللصنهاجيين ولعبيد الشراء الحسينية وللميمونية وللفرحية وأمان لمؤذني أبواب القصر وأمانات لسائر البيارزة والفهّدين والحجّالين وأمانات أخر لعدّة أقوام كلّ ذلك بعد سؤالهم وتضرّعهم‏.‏

وقال‏:‏

في جمادى الآخرة وخرج أهل الأسواق على طبقاتهم كلّ يلتمس كتب أمان يكون لهم فكتب فوق المائة سجل بأمان لأهل الأسواق على طبقاتهم نسخة واحدة وكان يقرأ جميعها في القصر أبو عليّ أحمد بن عبد السميع العباسيّ وتسلم أهل كل سوق ما كتب لهم وهذه نسخة إحداها‏.‏

بعد البسملة‏:‏ هذا كتاب من عبد الله ووليه المنصور أبي عليّ الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين لأهل مسجد عبد الله أنكم من الآمنين بأمان الله الملك الحق المبين وأمان جدّنا محمد خاتم النبيين وأبينا علي خير الوصيين وآبائنا الذريّة النبويّة المهديين صلى الله على الرسول ووصيه وعليهم أجمعين وأمان أمير المؤمنين على النفس والحال والدم والمال لاخوف عليكم ولا تمتدّ يد بسوء إليكم إلاّ في حدّ يقام بواجبه وحق يُؤخذ بمستوجبه فليوثق بذلك وليعول عليه إن شاء الله تعالى‏.‏ وكتب في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

المقريزي المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الرابع ( 144 من 167 )  :

جامع المقس هذا الجامع أنشأه الحاكم بأمر الله على شاطئ النيل بالمقس في لآن المقس كان خطة كبيرة وهي بلد قديم من قبل الفتح كما تقدم ذكر ذلك في هذا الكتاب‏.‏ وقال في الكتاب الذي تضمن وقف الحاكم بأمر الله الأماكن بمصر على الجوامع كما ذكر في خبر الجامع الأزهر ما نصه‏:‏ ويكون جميع ما بقي مما تصدق به على هذه المواضع يصرف في جميع ما يحتاج إليه في جامع المقس المذكور من عمارته ومن تمن الحصر العبدانية والمظفورة وثمن العود للبخور وغيره على ما شرح من الوظائف في الذي تقدم وكان لهذا الجامع نخل كثير في الدولة الفاطمية ويركب الخليفة إلى منظرة كانت بجانبه عند عرض الأسطول فيجلس بها لمشاهدة ذلك كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب عند ذكر المناظر وفي سنة سبع وثمانين وخمسمائة انشقت زريبة من هذا الجامع السقوط فأمر بعمارتها‏.‏
ولما بنى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب هذا السور الذي على القاهرة وأراد أن يوصله بسور مصر من خارج باب البحر إلى الكوم الأحمر حيث منشأه المهراني اليوم وكان المتولي لعمارة ذلك الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي أنشأ بجوار جامع المقس برجًا كبيرًا عرف بقلعة المقس في مكان المنظرة التي كانت للخلفاء فلما كان في سنة سبعين وسبعمائة جدد بناء هذا الجامع الوزير الصاحب شمس الدين عبد الله المقسي وهدم القلعة وجعل مكانها جنينة واتهمه الناس بأنه وجد هنالك مالاً كثيرًا وأنه عمر منه الجامع المذكور فصار العامة اليوم يقولون جامع المقسي ويظن من لاعلم عنده أن هذا الجامع من إنشائه وليس كذلك بل إنما جدده وبيضه وقد انحسر ماء النيل عن تجاه هذا الجامع كما ذكر في خبر بولاق في غاية العمارة وقد تلاشت المساكن التي هناك وبها إلى اليوم بقية يسيرة ونظر هذا الجامع اليوم بيد أولاد الوزير المقسي فإنه جدده وجعل عليه أوقافًا لمدرس وخطيب وقومة ومؤذنين وغير ذلك‏.‏

 

المصادر

  1. ^ بن المقفع, ساويرس. {{{title}}}.
  2. ^ ساويرس بن المقفع: تاريخ الأقباط

(1) السلافيون هم القبائل التى جاء منها الروس والبلغار وبولانده وإيلليريا وبوهيميا وبوميرانيا ورومانيا

(2) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي طبع ليدن عام 1908ص 60 اقباط ومسلمون ص 126 (3) ابن القلانسي ص 60 وراجع أيضاً أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد جاك تاجر القاهره 1951ص 126-127 (4) تاريخ البطاركه – ساويرس بن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس1904 ج2 ص 102 (5) الصغيره تاريخ الآباء البطاركة – للأنبا يوساب أسقف فوةه وهو من آباء القرن الثالث عشر – أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القمص صمؤيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 95

(6) تاريخ البطاركه – ساويرس بن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعه باريس 1904 ج2 ص 102 (7) المواعظ والإعتبار فى ذكر الخطط والآثار للمقريزي. طبعة بولاق 1272هجريه (8) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م إعداد جاك تاجر القاهره 1951 ص 127,128 – عن ذيل تاريخ دمشق لأبن القلانسي طبع ليدن عام 1908 ص 56 تاريخ مصر فى العصور الوسطى بالإنجليزية ) – ستانلى لين بول ص 128

(9) سيره الآباء البطاركه – ساويرس بن المقفع نشره سيبولد طبعة بيروت عام 1904م وطبعه ايفتس Evetts طبعة باريس 1904 ص 102 (10) تاريخ أبو المكارم تاريخ الكنائس والأديره فىالقرن 12 بالوجه البحرى طبع سنه 1999 ج1 ص 19

(11) تاريخ أبو المكارم تاريخ الكنائس والأديره في القرن 12 بالوجه البحرى طبع سنه 1999 ج1 ص 12 (12) برجوان كان خصياً فى دار الخليفة العزيز بالله (13) طوفس تعنى مقبرة (14) راجع مقالة ” مصر فى عصر الخلفاء ” الذى نشر فى مجلة الهلال عدد ديسمبر1936 ص 153-156

(15) صفحات من تاريخ مصر 2- تاريخ مصر إلى الفتح العثمانى – تأليف عمر الإسكندرى و أ. ج. سَفِدْج – مكتبة مدبولى 1410هـ -1990م أنظر ص 215 (16) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م اعداد جاك تاجر, القاهره 1951 ص128

كشف جلال الدين دراز، أحد كبار طائفة البهرة الشيعية في مصر لـ “المصريون”، أن الطائفة اشترت على مدار 20 عاما ما يقارب من 75% من المحلات والبيوت بمنطقة الجمالية والحسين والدراسة والدرب الأحمر والموسكي في قلب القاهرة الفاطمية، حيث تعتقد أن الحاكم بأمر الله “الغائب” سيعيد دولة الخلافة الفاطمية.

وذكر تفاصيل فيما يتعلق بعملية الشراء والتمويل، حيث تُكتب عقود المحلات والمقاهي والبيوت المشتراة باسم مصريين شيعة من طائفة البهرة، تحسبا لرفض الحكومة المصرية بدعوى ان المشترين أجانب.

وأشار إلى أن ليبيا والهند وإيران وباكستان هي التي تقود بتمويل الطائفة سواء في عملية ترميم مساجد آل البيت، كما حدث في مرقد السيدة زينب ومقصورة رأس الحسين ومسجد الجيوشي وشارع المعز لدين الله الفاطمي وشارع الليمون بباب زويلة.

وأوضح أن الطائفة أنفقت ما يقارب من مائة مليون دولار في عمليتي الترميم والشراء، ونشر فكر الطائفة بين أحباء آل البيت.

ويؤكد الدكتور رمضان السعيد أستاذ التاريخ في آداب عين شمس، أن طائفة البهرة الشيعية تقدس الحاكم بأمر الله وكان أفرادها قد غادروا مصر بعد اختفائه الغامضـ واستقر معظمهم في باكستان والهند حيث عملوا بالتجارة وأصبحوا شديدين الثراء وتوافدوا على مصر في أواخر السبعينيات وازداد عددهم في فترة الثمانينات.

وقال، إن الثابت تاريخيا أن الدولة الفاطمية تدين بوجودها إلى أبو عبيد الله الشيعي داعية الإسماعيلية، كما أن تاريخ الفاطمية في مصر يشهد باضطهاد علماء السنة، فالخليفة العزيز على الرغم من تسامحه مع الأقباط واليهود اضطهد علماء المالكية.

سلطان البهره بجوار جامع الحاكم بامر الله بالقاهره فى احد احتفالاتهم وهم غير مصرين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ودلل بواقعة حدثت عام 381هـ حينما ضرب رجلا وطوف به في المدينة، لأنه وجد في بيته كتاب “الموطأ” للإمام مالك، وفي 416هـ أمر الخليفة الفاطمي الظاهر بإخراج فقهاء المالكية وأمر بتحفيظ الناس كتاب “الرسالة الوزيرية”، وهو الكتاب الذي جمع يعقوب بن كلس لوضعه 40 فقهيا من الشيعة، وقال للناس إنه كلام العزيز بالله.

وأكد أن أشهر دعاة الفاطميين ميمون القداح يرجع إلى أصل مجوسي وكان يدعو إلى مذهب فلسفي لإنكار النوبة وكل العقائد، وبعد وفاة العزيز بالله تولى ابنه الحاكم بأمر الله وكان آنذاك في الحادية عشرة وكانت تركيبته خاصة فهو ابن شيخ المذهب الفاطمي وأمه شقيقة بطريك مصر، وربما لذلك دعا إلى التوفيق بين النصارى ودين المسلمين

 

المصادر

  • الحاكم بأمر الله , الخليفة المفترى عليه – د. عبد المنعم ماجد – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1982
  • خطط المقريزى – مكتبة مدبولى – القاهرة

سبقه
العزيز بالله الفاطمي
الخلافة الفاطمية
996– 1021
تبعه
الظاهر لإعزاز دين الله
قبله:
العزيز بالله الفاطمي
أئمة الشيعة الإسماعيلية بعده:
الظاهر لإعزاز دين الله

الديناصور

الديناصور (من الكلمة الإغريقية داينوسوروسحيوان فقاري ساد النظام البيئي الأرضي لأكثر من 160 مليون سنة، بدءاً منالعصر الثلاثي المتأخرة – قبل 230 مليون سنة – حتى نهاية العصر الطباشيري (قبل 65 مليون سنة) عندما انقرضت معظم الديناصورات في حدث الانقراض الطباشيري- الثلاثي. تُعتبر أنواع الطيور الحية اليوم من الديناصورات، بوصفها منحدرة من الديناصورات الثيروبودية.

صاغ سير ريتشارد أوين مصطلح “ديناصور” في 1842 من الجذور الإغريقية  (داينوس) بمعنى: رهيب أو قوي أو مذهل، و (سوروس) بمعنى “عظاءة”. يُستخدم المصطلح بشكلٍ غير علمي أحياناً لوصف زواحف قبل تاريخية أخرى مثل البليكوصور ديميترودون،والبتروصور المجنح، والإكثيوصور المائي، والبليسيوصور، والموساصور، برغم أن أياً من هذه الحيوانات لا ينتمي إلى طبقة الديناصورات. خلال النصف الأول من القرن العشرين اعتقد معظم المجتمع العلمي أن الديناصورات كانت حيواناتٍ بطيئة وغير ذكية وباردة الدم. مع ذلك، دعمتالبحوث التي أجريت مُنذ السبعينيات المعتقد الذي يرى أن الديناصورات كانت حيواناتٍ نشيطة وتمتعت بأيضٍ مرتفع وتأقلمت بأشكالٍ مختلفة لتتواصل فيما بينها. وبشكلٍ تدريجي انتقل الفهم العلمي الجديد للديناصورات إلى الوعي الشعبي.

 

Othniel Charles Marsh, 19th century photograph
 

Edward Drinker Cope, 19th century photograph

اقترح اكتشاف الطائر البدائي أركيوبتريكس في 1861 وجود علاقة قريبة بين الديناصورات والطيور. وبغض النظر عن وجود طبعات ريش أحفورية، فإن الأركيوبتريكس كان شديد الشبه بمعاصره الديناصور المفترس كومبسوغناثوس. منذ ذلك الحين، رجحت البحوث كون الديناصوراتالثيروبودية أسلاف الطيور المعاصرة، ويعتبر مُعظم علماء الإحاثة اليوم الطيور الديناصورات الوحيدة الناجية من الانقراض، ويقترح البعض وجوب تجميع الديناصورات والطيور في تصنيف بيولوجي واحد.[1] علاوة على الطيور، فإن القريب الآخر الوحيد الناجي إلى الزمن الحاضر للديناصورات هو التمساحيات. ومثل الديناصورات والطيور، فإن التمساحيات أعضاء في مجموعة أركوصوريا التي تضم زواحف العصر البرميالمتأخر التي حكمت الأرض الوسطى.

منذ اكتشاف أول مستحاثة ديناصور في أوائل القرن التاسع عشر، أصبحت هياكل الديناصورات العظمية نقاطٍ جذب هائلة للمتاحف حول العالم. صارت الديناصورات جزءاً من ثقافة العالم وحافظت على شعبيتها. ظهرت الديناصورات في أفلامٍ وكتبٍ حققت أعلى المبيعات (خصوصاً الحديقة الجوراسية)، وتغطي وسائل الإعلام الاكتشافات الحديثة في مجال الديناصورات بشكلٍ مستمر.

 

The famous Berlin Specimen of Archaeopteryx lithographica
 

وصف

 

Tyrannosaurus rex skull and upper vertebral column, Palais de la Découverte, Paris

 

Eubrontes, a dinosaur footprint in the LowerJurassic Moenave Formation at the St. George Dinosaur Discovery Site at Johnson Farm, southwestern Utah

الديناصور حيوان زاحف عاش قبل ملايين السنين. وكلمة الديناصور مشتقة من كلمتين يونانيتين تعنيان السحلية المزعجة الرهيبة. ولم تكن الديناصورات سحالي ولكن حجم بعضها كان مروِّعًا، حيث إن الكبيرة منها كانت أضخم الحيوانات التي سكنت على اليابسة على الإطلاق، وكان وزنها أكثر من عشرات أضعاف وزن فيل كامل النمو. وهناك أنواع نادرة من الحيتان تنمو لتصبح أضخم من هذه الديناصورات.

 

ديناصورات العصر الكريتاسي (قبل 138 مليون سنة إلى 63 مليون سنة خلت) كان من بينها التيرانوسورس (إلى اليسار فوق) والترايسيراتوبس. وهناك اثنان من الأناتوسورات في مقدمة الصورة. وخلال هذا العصر، ظهرت النباتات ذات الأزهار وكذلك الحيات والسحالي والأبوسومات.

ظهر أول الديناصورات على الأرض قبل مايقارب 220 مليون سنة مضت. وسيطرت هذه المخلوقات على اليابسة لما يقارب 150 مليون سنة، حيث عاشت في معظم بقاع العالم وفي أوساط متنوعة، من المستنقعات إلى السهول المنبسطة، إلا أنها انقرضت فجأة قبل نحو 63 مليون سنة.

وقد اختلفت الديناصورات بدرجة كبيرة في حجمها ومظهرها وعاداتها إلا أن أشهر أنواعها تشمل عمالقة مثل الأباتوسورس، والدبلودوكس، والتيرانوسورس. وإلاباتوسورس الذي سُمِّيَ أيضا بالبرونتوسورس ويصل طوله نحو 21م، في حين أن الدبلودوكس قد ينمو إلى أطول من ذلك، حيث بلغ نحو 27م، وقد كان كلاهما من آكلات النباتات. ولهذه الوحوش رؤوس صغيرة ورقاب وذيول طويلة للغاية. وكان التيرانوسورس من المفترسات آكلات اللحوم. وهو يقف بارتفاع ثلاثة أمتار عند الورك وله رأس ضخم وأسنان طويلة ومستدقة الأطراف. ولكن الديناصورات لم تكن جميعها عملاقة حيث كان أصغر أنواعها بحجم الدجاجة. وبصورة عامة فإن الديناصورات كانت تشبه معظم زواحف يومنا الحاضر. فعلى سبيل المثال، كان لبعضها أسنان وعظام وجلد مثل ما لدى التماسيح وبعض الزواحف الأخرى المعاصرة. ومن المحتمل جدًا أن بعضها كان يتمتع بدرجة ذكاء كتلك التي عند التماسيح، إلا أن الديناصورات اختلفت عن زواحف يومنا الحاضر بأساليب أخرى. فعلى سبيل المثال، لم ينَْمُ أي من الزواحف الحديثة بحجم كبير يشبه كبر الديناصورات. وهناك اختلاف آخر مهم وهو شكل وقفة الديناصور. ففي حالة السحالي والسلاحف ومعظم الزواحف الأخرى، فإن السيقان تكون ظاهرة على جانبي الجسم، حيث إن تركيب السيقان يُعطي هذه الحيوانات شكلاً منبسطًا وغير متناسق، في حين أن سيقان الديناصور تبقى تحت الجسم مشابهة بذلك سيقان الحصان. وقد أدى تركيب الساق هذا إلى رفع جسم الديناصور عن الأرض ومكن بعض أنواعها من السير على سيقانها الخلفية. عاشت الديناصورات في فترة زمنية من تاريخ الأرض نسميها حقب الحياة المتوسطة أو الدهر الوسيط والتي استمرت من نحو 240 إلى 63 مليون سنة. وتسمى حقب الحياة المتوسطة أيضًا بعصر الزواحف حيث سيطرت الزواحف على الأرض والبحر والسماء أثناء تلك الفترة الزمنية. وانتمت أكثر الزواحف أهمية لمجموعة من الحيوانات سميت الأركوسورس (الزواحف السائدة). وبالإضافة إلى الديناصورات، شملت هذه المجموعة الثيكودونتس وهي أسلاف الديناصورات والتماسيح والزواحف الطائرة. وبنهاية حقب الحياة المتوسطة، فإن جميع الأركوسورس قد انقرضت فيما عدا التماسيح، وبذلك يكون عصر الزواحف قد انتهى.

ولم يعرف العلماء سبب اختفاء الديناصورات ولكنهم اعتقدوا أنها لم تترك سلالة. غير أن بعض علماء اليوم يعتقدون أن ديناصورات صغيرة معينة من آكلة اللحوم كانت هي أجداد الطيور.

عرف العلماء الديناصورات من خلال دراسة أحافيرها وهي عظامها وأسنانها وبيضها وآثار أقدامها المحفوظة، وهم يقومون أيضًا بدراسة الزواحف الحية والحيوانات الأخرى التي تمتلك صفات مشابهة لتلك الديناصورات.

تأثيل

 

The Chicxulub Crater at the tip of the Yucatán Peninsula; the impactor that formed this crater may have caused the dinosaur extinction.

صيغ مصطلح ديناصوريا بالإنجليزية: Dinosauria رسمياً في 1842 بواسطة عالم الإحاثة الإنكليزي ريتشارد أوين الذي استخدمه للإشارة إلى “القبيلة أو الطبقة المميزة للزواحف السحلية” التي قد مُيزت في إنكلترا وحول العالم. [2] اشتق المصطلح من الكلمات الإغريقية: δεινός (داينوس بمعنى “عظيم”، “قوي”، أو “مذهل”) وσαύρα (صورا بمعنى “عظاءة” أو “زاحف”).[3] بالرغم من أن الاسم العلمي يُفسر غالباً بأنه إشارة إلى أسنان الديناصورات ومخالبها وبقية خصائصها المخيفة، إلا أن أوين قصد به أن يُشير إلى حجم الديناصورات ومهابتها.[4] في الإنكليزية العامية، تُستخدم كلمة “ديناصور” أحياناً للإشارة إلى شيء غير ناجح أو شخصٍ فاشل،[5] على الرغم من سيادة الديناصورات لمائة وستين سنة، وانتشار سلالات أحفادها الطيور وتنوعها.

 

ديناصورات العصر الجوراسي ( 205 ـ 138 مليون سنة مضت) شملت أطول ديناصور معروف وهو الدبلودوكس وطوله 27مترًا (يمين الصورة). وشملت بعض الديناصورات الأخرى الاستيجوسورس المصفَّح (يسار الصورة ) والألوسورس (في الوسط) والكامبتوسورس (أسفل الصورة إلى اليمين).

التعريف المعاصر

وفقاً لتصنيف النشوء فإن الديناصورات تُعرف عادة بأنها المجموعة التي تحتوي على “تريسراتبس، نيورنيثيس [الطيور المعاصرة]، أقرب أسلافها، وكل المتحدرين منها”.[6] كما اقترح أن الديناصورات ينبغي أن تُعرف من وجهة كونها أقرب سلفٍ شائع للميگالوسوروس والإگواندون لأن هذين نوعان من ثلاثة نص عليها ريتشارد أوين عندما ميز الديناصورات.[7] ينتج عن التعريفين نفس مجموعة الحيوانات المعرفة بكونها ديناصورات، ومن ضمنها الثيروبودات (غالباً لواحمثنائية القدم)، الصوروبودومورفات (غالباً عواشب رباعية القدم)، الأنكيلوصوريات (عواشب مدرعة رباعية القدم)، الستگوصوريات (عواشب مسطحة رباعية القدم)، السيراتوبسيات (عواشب رباعية القدم بقرون وأهداب، والأورنيثوبودات (عواشب ثنائية أو رباعية القدم من ضمنها “بطية المنقار”). كُتبت هذه التعريفات لتستجيب للمفاهيم العلمية حول الديناصورات التي تسبق الاستخدام الحديث للتطور العرقي. ويُقصد باستمرارية المعنى منع أي التباس بشأن معنى المصطلح “ديناصور”.

 

A nesting ground ofMaiasaura was discovered in 1978.

يوجد شبه إجماع عالمي بين علماء الإحاثة على كون الطيور سليلة الديناصورات الثيرابودية. وباستخدام تعريف علم الأفرع المحدد الذي يوجب تضمين كل سلالات سلفٍ واحد شائع في مجموعة واحدة لجعل هذه المجموعة طبيعية، فإن الطيور ديناصورات، وبناء على ذلك فإن الديناصورات غير منقرضة. تصنف الطيور بواسطة معظم علماء الإحاثة على أنها تنتمي إلى المجموعة الفرعية مانيرابتورا، التي تنتمي إلى الكويلوروصوريا، التي تنتمي إلى الثيرابودات، التي تنتمي إلى الصوريسكيات، التي هي عبارة عن ديناصورات.[8]

 

Artist’s rendering of twoCentrosaurus, herbivorousceratopsid dinosaurs from the late Cretaceous fauna of North America

من وجهة نظر علم الأفرع، الطيور ديناصورات، لكن كلمة “ديناصور” في الخطاب الاعتيادي لا تتضمن الطيور. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإشارة إلى الديناصورات التي ليست طيوراً بوصفها “ديناصورات غير طيرية” مرهقة. ولأغراض التوضيح، ستستخدم هذه المقالة كلمة “ديناصور” كمرادف لمصطلح “الديناصورات غير الطيرية” الذي سيستخدم متى ما اقتضت الحاجة التوكيد. كذلك، فإنه من الصحيح تقنياً الإشارة إلى الديناصورات بوصفها مجموعة مميزة تحت نظام تصنيف لينيوس الأقدم، الذي يقبل التصنيف شبه العرقي الذي يستثني بعض السلالات المتحدرة من سلفٍ واحد شائع.

وصف عام

 

Comparative size of Eoraptor

باستخدام التعريفات أعلاه، فإن الديناصورات (وليس من ضمنها الطيور) يُمكن أن توصف بأنها زواحف أركوصورية أرضية بأطرافٍ تنتصب تحت الجسموُجدت مُنذ العصر الثلاثي المتأخر (حيث ظهر في الطبعات الصخرية) حتى العصر الطباشيري المتأخر (الذي انقرض في نهايته).[9] تُعتبر كثيرٌ من الحيوانات قبل التاريخية ديناصوراتٍ في التصور الشعبية، ومثالٌ على ذلك الإكثيوصورات، الموساصورات، البليسيوصورات، البتيروصورات، والديميترودون، لكن هذه الحيوانات لا تُصنف علمياً على أنها ديناصورات. الزواحف المائية كالإكثيوصورات والموساصورات والبليسيوصورات لم تكن مخلوقاتٍ أرضية أو أركوصورات، وكانت البتيروصورات أركوصورات لكنها لم تكن أرضية، بينما كان الديميترودون حيواناً برمياً أقرب إلى الثدييات. [10]كانت الديناصورات الفقاريات المهيمنة على النظام الأرضي في الحقبة الوسطى، خصوصاً خلال العصر الجوراسي والطباشيري. كانت مجموعات الحيوانات الأخرى خلال هذه الحقبة مقيدة من حيث الحجم والبيئة الملائمة، وعلى سبيل المثال، فنادراً ما تجاوزت الثدييات حجم قطة، وكانت غالباً لواحم بحجم القوارض تتغذى على فرائس صغيرة.[11] يُستثنى من هذه الحالة الربنومام العملاقترايكونودونت يزن ما بين 12 إلى 14 كيلوغراماً عُرف بأكله الديناصورات الصغيرة مثل السيتكوصورات الصغيرة.[12]

كانت الديناصورات مجموعة حيوانية شديدة التنوع، ووفقاً لدراسة أجريت في 2006 فإن خمسمائة (500) نوعٍ من الديناصورات قد عُرِفَ بدرجة كبيرة من التأكد حتى الآن، ويُقدر عدد الأنواع المحفوظات في السجلات الأحفورية بحوالي ألف وثمانمائة وخمسين (1850) نوعاً، يبقى حوالي 75% منها بانتظار أن تُكتشف.[13] وتنبأت دراسة سابقة بوجود ثلاثة آلافٍ وأربعمائة (3400) نوعٍ من الديناصورات، بينها مجموعة كبيرة لم تُحفظ في سجلات أحفورية.[14] واعتباراً من 17 سبتمبر 2008 سُمي ألف وأربعة وسبعون (1074) نوعاً من الديناصورات.[15] بعض هذه الديناصورات عاشب وبعضها الآخر لاحم، كما أن بعضها ثنائي القدم، وبعضها رباعي القدم، وبعضٌ ثالث كالأموصور والإغواندون كان يمشي على قدمين وعلى أربع أقدامٍ بسهولة. كان لبعضها درع عظمي، أو تعديلات جمجمية كالقرون.

 

Comparative size ofGiraffatitan

وبالرغم من أنها تعرف بحجمها الهائل، فإن كثيراً من الديناصورات كانت بحجم الإنسان أو أصغر. وُجدت بقايا الديناصورات في كُل القارات الأرضية، بما فيهاالقارة القطبية.[16] لا تُعرف ديناصورات عاشت في بيئة مائية أو هوائية برغم أن الثيرابودات المريشة يُمكن أن تكون طائرة.

 

Scale diagram comparing the largest known dinosaurs in four suborders and a human

الخصائص المميزة

 

Marasuchus, a dinosaur-like ornithodiran

بالرغم من أن الاكتشافات الحديثة صعبت تقديم قائمة متفق عليها بخصائص الديناصورات المظهرية المميزة، إلا أن كل الديناصورات المكتشفة حتى الآن تتشاطر تحوراتٍ معينة طرأت على هيكل الأركوصورات العظمي الأصلي. ومع أن بعض مجموعات الديناصورات اللاحقة احتوت تحوراتٍ إضافية، فإن التحورات الأساسية تعتبر نمطية في الديناصورات، حيث احتوت عليها الديناصورات المبكرة ونقلتها إلى كل المتحدرين منها.

Full skeleton of an early carnivorous dinosaur, displayed in a glass case in a museum 

The early formsHerrerasaurus (large),Eoraptor (small) and aPlateosaurus skull

صفات الديناصورات المشتركة تتضمن عرفاً مستطيلاً على العضد أو عظم الذراع العلوي لتحمل عضلات الكتف والساعد، بالإضافة إلى رف في مؤخرة عظم الورك، وحافة عريضة منخفضة قرب المؤخرة، وعظام كاحل مدعمة لتحمل الأطراف السفلية.[17]

Saurischian pelvis structure (left side)

Tyrannosaurus pelvis (showing saurischian structure – left side)

Ornithischian pelvis structure (left side)

Edmontosauruspelvis (showing ornithischian structure – left side)

السطح والمناخ

يعتقد العلماء بأن القارات كانت في مرحلة ما كتلة أرضية واحدة محاطة ببحر هائل. وأثناء حقب الحياة المتوسطة، بدأت هذه الكتلة الأرضية في التكَسُّر والتفكك مكونة القارات. وانجرفت هذه القارات ببطء مبتعدة عن بعضها حتى استقرت في مواقعها الحالية. ولكن ولسنوات عديدة تمكنت الديناصورات من التجول بحرية عبر اليابسة التي تربط هذه القارات.

وكلما ابتعدت القارات بعضها عن بعض تغيرت معالمها السطحية وكذلك مناخها. ولفترة زمنية، كانت البحار الضحلة تغطي معظم مناطق أوروبا وأمريكا الشمالية وجنوبي آسيا، وأحاطت غابات كثيفة بالسهول الأكثر جفافًا وكذلك أحاطت المستنقعات والمناطق الدلتاوية بسواحل البحار. وفي مرحلة متأخرة من حقب الحياة المتوسطة، بدأت جبال الهملايا وجبال الروكي تتشكل وزحفت البحار من أمريكا الشمالية.

ومن المحتمل أن تكون الديناصورات قد عاشت فيما يشبه الجو الاستوائي أثناء معظم حقب الحياة المتوسطة. حيث من الممكن أن الطقس في المناطق القريبة من البحار كان متميزًا برطوبة معتدلة طوال العام. وكذلك من الممكن أن المناطق الداخلية كانت متميزة بفصل سنوي جاف. وبنهاية حقب الحياة المتوسطة، أتجه الطقس نحو البرودة والجفاف.

معرفة الديناصورات

لدى العلماء العديد من الطرق لمعرفة الديناصورات. واحدة من أهم هذه الطرق تتم من خلال دراسة أحافير الديناصورات. فعلى سبيل المثال، فإن سن الديناصورات يمكن أن يجعل الخبير يتوقع إن كان الحيوان آكل نبات أم آكل لحوم.

يسمى العلماء الذين يدرسون الأحافير علماء الإحاثة (الأحافير). ويتعلم العلماء عن الديناصورات من خلال ملاحظة الحيوانات التي لها صفات مشابهة لصفات الديناصورات. فعلى سبيل المثال، يمكنهم دراسة الفيلة وكذلك وحيد القرن في الأدغال لمعرفة المزيد عن حياة الحيوانات الكبيرة التي عاشت على الأرض.

 

إعادة تركيب الهيكل العظمي لأحد الأباتوسورسات تُظهرُ شكلاً يجذب الأبصار في المتاحف الطبيعية. ويقوم العلماء بتركيب هياكل الديناصورات (الصورة اليسرى) بإلصاق عظامها المتحجرة وأسنانها. وتساعد هذه الهياكل العظمية الناس على تَخيُّل الهيئة التي كان عليها الديناصور. أما أحافير البيض (الصورة أعلاه) فهي لحيوان البروتوسيراتوبس. طول البيضة حوالي 16 سم.

اكتشافات الديناصور

لم يكن أحد يعلم بأن الديناصورات قد وُجدت أبدًا واستمر ذلك حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي. حيث إن الناس الذين عثروا على عظمة أو سن لديناصور لم يعرفوا كُنْهها. وفي عام 1822م وجدت زوجة طبيب انجلترا اسمه جدايون مانتل سنًا كبيرة مدفونة بشكل جزئي في الصخر. وأطلعت عليها زوجها الذي كان يجمع الأحافير. وعلم مانتل أن السن تشبه سن سحلية في جنوب أمريكا الجنوبية اسمها الإجوانة. واقترح أن هذه السن آتية من أحد الزواحف الضخمة التي تشبه الإجوانة وسماها الإجوانودون (سن الإجوانة).

وخلال بضع سنين، تم اكتشاف بقايا أنواع أخرى من الزواحف الكبيرة المنقرضة. وفي عام 1841م، اقترح السيد ريتشارد أوينْ وهو عالم إنجليزي أن هذه الزواحف ترجع لمجموعة من الزواحف المختلفة مما نعرفه من حيوانات اليوم. وقد أعطاها أوين اسم ديناصوريا وأصبحت هذه المجموعة تُعرف بالديناصورات ولكن تصنيفها أصبح معقدًا.

وفي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اكتُشفت بقايا كثيرة من الديناصورات في غربي أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وإفريقيا.

ومن أغنى المناطق في العالم بهذه البقايا الديناصورية منطقة وادي نهر الغزال الأحمر في جنوبي ألبرتا في كندا. وهناك منطقة أخرى غنية جدًا بالبقايا المتحجرة للديناصورات وهي إقليم زنج يانغ في الصين على مشارف صحراء جوبي. كما توجد رواسب وأحافير كبيرة أيضًا في بلجيكا و منغوليا و تنزانيا و ألمانيا ومناطق عديدة أخرى في العالم. أما في أستراليا فلم يكتشف الكثير من بقايا الديناصورات وما تم الكشف عنه أتى بصورة رئيسية من كوينزلاند ومن فكتوريا مؤخرًا. وتنتمي الديناصورات التي تم كشفها في أستراليا إلى الأونيثوبودس والأنكيلوسورس المصفح.

العمل على أحافير الديناصور

تقوم المتاحف والمعاهد والمؤسسات التعليمية بدعم العلماء الباحثين في أحافير الديناصورات ودراستها. ويقوم علماء الإحاثة (الأحافير) بالبحث عن الأحافير في الأماكن التي تعرّت فيها اليابسة بفعل الريح والمياه حتى أصبحت الطبقات الصخرية العميقة الحاملة للأحافير مكشوفة وبعدها يقومون بإزالة الصخور التي تعلوها.

وفي كثير من الحالات، يقومون باستخراج الأجزاء الصخرية المحتوية على الأحافير. ومن ثم تغطية الصخور والأحافير بالقماش والجص الباريسي. ويجف الجص ليصبح على شكل غلاف صلب واق وبعدها يتم شحن الأحافير إلى المختبر.

وفي المختبر، يقوم العاملون بتنظيف العظام والأسنان وإصلاح العظام المكسورة. وبعدها ربما يقوم المختصون بإعادة تركيب الهيكل العظمي بوضع العظام بعضها مع بعض على إطار معدني. وفي بعض الأحيان تستبدل، العظام المفقودة بقطع من الألياف الزجاجية أو الجص أو البلاستيك. ونادراً ما يكتشف العلماء جميع العظام لديناصور ضخم ومن ثم فإنهم يقدرون طول الحيوان اعتمادًا على العظام التي وجدوها.

تقوم بعض المتاحف بعمل نماذج للديناصورات لأجل العرض إذ يدرس الخبير الهيكل العظمي، ويحاول تصور شكل الحيوان بعضلاته وجلده ثم يبنون إطارًا من المعدن يشابه الهيكل العظمي، ويثبتون فيه الأسلاك والأغطية بحيث يتشكل على الهيئة المتصورة لجسم الديناصور، ويغطى أخيرًا بالجلد ويطلى باللون المناسب ليضفي عليه شكلاً حقيقيًا.

الحياة النباتية والحيوانية

تغيرت الحياة النباتية والحيوانية في حقب الحياة المتوسطة. ففي النصف الأول من تلك الحقبة، كانت الأشجار الحاملة للمخاريط هي أكثر النباتات انتشارًا. وشملت الحياة النباتية أنواعًا مثل: السيكسيات من عاريات البذور، والسرخسيات، والحزازيات، والأشجار السرخسية. أما حيوانات اليابسة فبالإضافة إلى الديناصورات، كانت هناك التماسيح، والضفادع، والحشرات، والسحالي، والسلاحف وأنواع قليلة من الثدييات الصغيرة. أما في البحار فإضافة لحيوانات مثل المرجان، والرخويات (البطلينوس)، وقنديل البحر، والقواقع، والإسفنجيات، والحبَّار، ونجم البحر ،وسمك القرش، وبعض الأسماك الأخرى، كانت هناك زواحف تدعى إكثيوسورس وبليسيوسورس. أما البتيروسورس فكانت زواحف مجنَّحة تستطيع الطيران.

ومع نهاية زمن الزواحف، فقد أصبحت النباتات الزهرية واسعة الانتشار. وشملت أشجار الغابات السرو، والجنكة، والقبقب، والبلوط، والنخيل، والحور،والشجر الأحمر. وظهرت الطيور وكذلك ظهرت الأفاعي الأوائل.

أما الحيوانات البحرية فقد اشتملت على الأسماك الحديثة إضافة لبعض الأسماك العظمية المفترسة المشابهة للسردين والتي بلغ طولها 3,7م وكذلك السلاحف الضخمة والسحالي العملاقة المسماة موساسورس.

أنواع الديناصورات

 

أنواع الديناصورات يقسم الباحثون الديناصورات إلى قسمين رئيسيين هما: الأورنيثيسشيان والصوريشيان وذلك حسب تركيب الورك. فالأورنيثيسشيان، وهي الأنواع التي مثل الكوريثوسورس، لها ورك مثل الذي في الطيور، أما الصوريشيان، ومن أنواعها الألوسورس، فلها ورك مثل السحالي.

قسم العلماء الديناصورات إلى مجموعتين رئيسيتين:

1-الصُّوريشيان.

2- الأورنيثيسشيان.

وتختلف هاتان المجموعاتان في تركيب الورك: فالأولى التي يعني اسمها السحلية الوركية تمتاز بوجود ورك مشابه لورك السحالي، في حين أن الثانية تعني الطير الوركي ويمتاز بوجود ورك مشابه لورك الطيور. وكل مجموعة من هاتين المجموعتين تتكون من عدة سلالات أساسية من الديناصورات.

وقد عاشت بعض أنواع الديناصورات طوال حقب الحياة المتوسطة. في حين أن أنواعًا أخرى عاشت فقط في فترة أو فترتين من الفترات الثلاث التي تتكون منها الحقبة كلها. وهذه الفترات الثلاث هي العصور الترياسي والجوراسي والكريتاسي. وقد امتد عصر الترياسي فيما بين 240 و205 مليون سنة ونصف في حين أن عصر الجوراسي امتد فيما بين 205و 138مليون سنة مضت. أما عصر الكريتاسي (وهو العصر الأطول في حقبة الميسوزوي) فقد استمر تقريبًا فيما بين 138 – 63 مليون سنة خلت.

مجموعة الصوريشيان

احتوت على أضخم وأشرس الديناصورات وكان هناك ثلاثة أنواع أساسية من الصوريشيان وهي:

1- البروسوروبود

2- السوروبود

3ـ الثيروبود

واشتملت كل مجموعة من هذه المجموعات على العديد من ديناصورات السحالي الوركية.

البروسوروبود. كما هو الحال في البلاتوسورس، نمت إلى أن بلغ طولها ستة أمتار وكانت تتميز بعنق طويل ورأس صغير. وكانت تسير على رجليها الخلفيتين أحيانًا وعلى أرجلها الأربع أحيانًا أخرى. وكانت هذه أول الديناصورات آكلة النباتات. وقد ظهرت قبل نحو 220 مليون سنة وعلى مايبدو فقد انقرضت في بداية العصر الجوراسي.

السوروبود. كانت عمالقة عالم الديناصورات. وبلغ طولها نحو 21م وارتفاعها من الورك عند جلوسها حوالي ثلاثة أمتار ونصف المتر إلى أربعة أمتار ونصف المتر،. وكان وزن معظم أفرادها الكاملة النمو يتراوح بين تسعة أطنان وسبعة وعشرين طنًا متريًا. وكانت السوروبود تمشي على أربع أرجل ضخمة كما هي الحال في الفيل. والسوروبود المثالي له رقبة طويلة ورأس صغير وذيل طويل وصدر ضخم وعميق. وكان السوروبود هو آكل النبات الرئيسي في العصر الجوراسي وقد أصبحت بعض آكلة النبات الأخرى أكثر أهمية في العصر الكريتاسي. وقد وجد مختصو الأحافير بقايا السوروبود في كل القارات فيما عدا القارة القطبية الجنوبية. ويُعْد الأباتوسورس أو البرونتوسورس (البرونتصورص) من أفضل السوروبود المعروفة. وبالنسبة للعديد من الناس، فإن كلمة ديناصور تستحضر للذهن صورة الأباتوسورس، حيث كانت سيقانه الأمامية أقصر من سيقانه الخلفية وكان ظهره منحدرًا تجاه قاعدة العنق. أما الدبلودوكس وهو أطول الديناصورات المعروفة فقد بدا مشابهًا بدرجة كبيرة للأباتوسورس إلا أنه أنحف وأخف وزنًا. ووصل نموه إلى نحو 27م. وعاش كل من الأباتوسورس والدبلودوكس خلال العصر الجوراسي فيما يعرف الآن بأمريكا الشمالية. وقد عثر على بقايا الاباتوسورس في أوروبا.

البراكيوسورس. وهو نوع آخر من السوروبود، عُرف هذا الحيوان الضخم المخيف في شرق إفريقيا فقط. ومع ذلك، فإن البراكيوسورس قد عاش في العديد من مناطق العالم خلال العصر الجوراسي. ووصل ارتفاع البراكيوسورس إلى 12م أو أكثر. وبلغ وزنه مايصل إلى 77طنًا متريًا. وكانت سيقانه الأمامية أطول من الخلفية. وكانت هذه الحيوانات تقف مثل الزرافات حيث ينحدر الظهر إلى الأسفل باتجاه الذيل.

الثيروبود. كانت الوحيدة من الديناصورات آكلة اللحوم . وسارت هذه الحيوانات منتصبة القامة على رجليها الخلفيتين. وديناصورات الثيروبود المثالية امتازت بذيل عضلي طويل تحمله خلفها بشكل مستقيم لحفظ التوازن. وكانت أطرافها الأمامية نحيفة. وللثيروبود الكبيرة عنق قصير ورأس طويل ضخم. أما الثيروبود الصغيرة فكانت لها أعناق طويلة ورؤوس أصغر. ولجميع الثيروبود فكوك قوية وأسنان تشبه الشفرات. وقد عاشت طوال الحقبة الميسوزوية.

والتيرانوسورس المفترس من أشهر الثيروبود المعروفة ويعني اسمها هذا ملك السحالي الطاغية وهو الأكثر رعبًا من بين آكلة اللحوم في عصره. ويبلغ طول التيرانوسورس ثلاثة أمتار من الورك وينمو طوله إلى 12م تقريبًا. وبلغ طول رأسه حوالي المتر طولاً وبلغت أسنانه حوالي 15سم طولاً. وكان للحيوان أطراف أمامية قصيرة جدًا لدرجة أنها قد تكون عديمة الفائدة. ولكل طرف أمامي أصبعان. وقد ساد التيرانوسورس اليابسة إلى قرابة نهاية عصر الزواحف. وقد اكتُشفت بعض الأحافير القليلة للتيرانوسورس في أمريكا الشمالية. ووجد بعض الأحافير للثيروبود الكبيرة في آسيا وأمريكا الجنوبية.

قبل حوالي 150 مليون سنة ولفترة طويلة قبل ظهور التيرانوسورس، كانت الألوصورات هي الديناصورات الرئيسية الآكلة للحوم. وقدكانت تشبه التيرانوسورس ولكنها لم تكن بنفس الضخامة. كما أمتازت الألوصورات بوجود أطراف أمامية أطول وبثلاثة أصابع في كل من هذه الأطراف. وشملت الثيروبود الصغيرة الدينونيكس والأورنيثوميس. وكان الدينونيكس حوالي المتر طولاً وفي كل قدم يوجد مخلب منحنٍ ضخم ربما كان يستخدمه لتمزيق فريسته. أما الأورنيثوميس فقد كان على شكل نعامة فاقدة الريش وبنفس حجمها تقريبًا. واشتملت الثيروبود على أصغر أنواع الديناصورات المعروفة وهو الكومسوجناثس حيث كان هذا الحيوان بحجم الدجاجة تقريبًا.

كيف عاشت الديناصورات

 

لأزمنة التي كانت تعيش فيها الديناصورات كانت الديناصورات تعيش طوال العصر الميسوزي الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي العصر الترياسي (قبل 240 مليون إلى 205 مليون سنة)، العصر الجوراسي (قبل 205 مليون إلى 138 مليون سنة)، ثم الكريتاسي (قبل 138 مليون إلى 63 مليون سنة). وتظهر الرسومات التي على هذه الصفحة والصفحة المقابلة ديناصورات من عصور ثلاثة.

اعتقد الناس ولسنوات عديدة أن الديناصورات مخلوقات رعناء، بطيئة الحركة، وعاشت بشكل يشبه زواحف اليوم، إلا أن البراهين الأحفورية بينت أن بعض أنواع الديناصورات خصوصًا الثيروبود الصغيرة ربما كانت أنشط كثيرًا من معظم زواحف اليوم، إضافة إلى أن معظم الديناصورات أقرب شبهًا بالطيور أكثر من شبهها بزواحف اليوم، وذلك فيما يتعلق بسيقانها وبنية أقدامها وهيئتها المنتصبة. ويعتقد بعض العلماء أن الديناصورات أقرب بأن تكون أسلافًا للطيور منها للزواحف اليوم. ويعتقدون أيضًا أن دراسة الطيور يمكن أن تساعدنا على معرفة حياة الديناصورات وحتى سبب انقراضها.

وكيفية معيشة الديناصورات تكمن جزئيًا فيما إذا كانت من ذوات الدم البارد (مكتسبة الحرارة) كما هو الحال في الزواحف اليوم أو ذوات الدم الحار كما هو الحال في الطيور. فدرجة حرارة جسم ذوات الدم البارد تتغير تبعًا لتغير درجة حرارة الوسط المحيط به. فعلى سبيل المثال، نجد أن درجة حرارة جسم السحلية ترتفع حيث يصبح الهواء أدفأ وإذا برد الهواء فإن السحلية تفقد حرارة جسمها. أما حيوانات الدم الحار فهي ذات درجة حرارة جسم دافئ معتدلة الثبات. ومثل هذه الحيوانات غالبًا ما تكون أكثر نشاطًا من ذوات الحرارة المتغيرة.

ولم يتفق العلماء حول ما إذا كانت الديناصورات من ذوات الدم البارد أو من ذوات الدم الحار. وتقليديًا، اعتُبرت الديناصورات من ذوات الدم البارد، إلا أن العديد من العلماء اليوم يعتقدون أنها كانت قطعًا من ذوات الدم الحار للحفاظ على ارتفاع مستوى نشاطها. ومع هذا، فإن خبراء آخرين يشيرون إلى أن الحيوانات الضخمة تفقد حرارة أجسامها بصورة بطيئة جدًا. ولذلك فإن الديناصورات حتمًا كانت تمتلك درجة حرارة دافئة وثابتة في أجسامها وكانت معتدلة النشاط حتى ولو كانت من ذوات الدم البارد.

التكاثر والنمو

على الرغم من اكتشاف البيض الأحفوري للديناصورات، فإن العلماء لا يعرفون كيف تكاثرت أنواع الديناصورات رغم القول بأن بعضها على الأقل كان يضع البيض كما تفعل معظم الزواحف الأخرى. ومن المحتمل أن تكون الإناث قد بنت أعشاشًا لها في التربة ووضعت فيها عدة بيضات. وربما اعتنت بعض الديناصورات بصغارها بعد فقسها وخروجها من البيض. ومن المحتمل أن بعضها الآخر قد تخلى عن صغاره لتبقى على قيد الحياة بأحسن ما تستطيع.

ولا يملك العلماء إلا أن يخمِّنوا مدى أعمار الديناصورات، ولكن بإمكانهم تحديد الفترة التي استغرقتها الديناصورات لتنمو إلى حجم الاكتمال. ويعتمد معدل النمو على ما إذا كانت الديناصورات من ذوات الدم الحار أو من ذوات الدم البارد، حيث تنمو ذوات الدم الحار بسرعة أكثر من ذوات الدم البارد. فلو كانت الأباتوسورس من ذوات الدم الحار يمكن القول بأنها احتاجت إلى 50 سنة للوصول إلى أوزانها المكتملة التي تقارب 27 طنًا متريًا. ولو كانت الحيوانات من ذوات الدم البارد فلربما احتاجت مائتي سنة أو أكثر لكي تصل إلى نفس الضخامة.

الحياة الجماعية

تشير البراهين الأحفورية إلى أن أكثر من عشرين نوعًا من الديناصورات ربما عاشت وشغلت منطقة معينة في نفس الوقت. وقد عاش العديد من الديناصورات في قطعان مثل السيراتوبسيان والدَّكبيل والستيجوسورس في حين أن بعضها الآخر مثل الأباتوسورس والتيرانوسورس أمضت معظم حياتها وحيدة أو في مجموعات صغيرة.

ويعتقد بعض الخبراء أن الديناصورات مثل العديد من طيور وزواحف اليوم كانت حيوانات متعددة الألوان. وربما اجتذبت بعض أنواع الديناصورات قرائنها بعرض بعض أجزاء جسمها الفاقعة اللون. فعُرف الرأس في ديناصورات الدَّكبيل وكذلك الأهداب العنقية في السيراتوبسيان مثلاً، ربما كانت ملونة بدرجة زاهية ومن ثم ساعدت في جذب القرائن.

الحصول على الطعام

هناك اعتقاد بأن السوروبودس ربما كان يخوض في البحيرات والمستنقعات الضحلة لكي يأكل النباتات المائية، أو ربما أكلت أوراق الأشجار كما عملت ديناصورات الدَّكبيل، أو تغذت على النباتات القصيرة التي نمت على خطوط الشواطئ أو السهول المنبسطة كما فعلت الانكيلوسورس والسيراتوبسيان والسيجوسورس.

أما الألوسورس والتيرانوسورس وبعض الثيروبود الكبيرة فمن المحتمل أنها كانت حيوانات صيادة حيث تفترس بشكل أساسي الديناصورات الضخمة آكلة النبات.وربما كانت هذه الديناصورات العملاقة آكلة اللحوم كالثيروبود تأكل كل ما تصادفه من حيوانات ميتة.كما أن بعض الثيروبود الصغيرة كانت تأكل الحشرات أو البيض، وكان بعضها الآخر يصيد الثدييات أو الديناصورات الصغيرة أو الزواحف. ومن الممكن أن بعض الثيروبود الصغيرة هذه كانت نشطة جدًا ويمكنها الجري بسرعة. وربما كان بعضها الآخر مثل الدينونيكس المفترس يصطاد بطريقة جماعية كما تفعل الذئاب والكلاب البرية اليوم.

الحماية من الأعداء

تميزت الديناصورات آكلة النباتات بالعديد من التشكيلات لتحمي نفسها من الثيروبود. ويعتقد أن حجم الثيروبود الضخم قد حماها من معظم الحيوانات المفترسة الأخرى. فالأنكيلوسورس كانت له صفائح عظمية للحماية، والسيراتوبسيان والستيجوسورس ربما قامت باستعمال قرونها وأشواكها لمحاربة الأعداء. كما أن ديناصورات الدَّكبيل كانت تستطيع السباحة في المياه العميقة لتتجنب مهاجمة الثيروبود لها.

الأورنيثيسشيان

كانت من آكلة النبات. وكانت أسنانها مزودة بزوائد عظمية منقارية الشكل وللعديد منها صفائح عظمية في جلدها. وفي العصر الطباشيري (الكريتاسي)، أصبحت الأورنيثيسشيان أهم الديناصورات آكلة النبات. وكان هناك أربعة أنواع أساسية منها وكان ترتيبها حسب ظهورها على اليابسة كما يلي:

1- الأورنيثوبودس.

2- الستيجوسورس (الأسطغور).

3- الأنكيلوسورس.

4- السيراتوبسيان. وقد اشتمل كل نوع على أعداد مختلفة

الأورنيثوبودس. وهو يستطيع السير إما على أربع أرجل وإما على الرجلين الخلفيتين فقط. وأولى الأحافير الديناصورية المكتشفة كانت للإجوانودون وهو أحد أنواع الأورنيثوبودس. وبلغ طول الإجوانودون حوالي تسعة أمتار طولاً. وكانت له شوكة عظمية في إبهام كل طرف من أطرافه الأمامية وعاشت الأورنيثوبود طوال عصر الزواحف.

ووصلت الأورنيثوبودس قمة تطورها في ديناصور الدَّكبيل أو الهادروسورس. وكانت ديناصورات الدَّكبيل هذه منتشرة بشكل كبير خلال العصر الطباشيري. وقد عاشت في المناطق المعروفة الآن بآسيا وأستراليا وأمريكا الشمالية. وكان لكل واحد منها منقار منبسط في مقدمة الفم يشبه منقار البط وبه فكوك بها مئات الأسنان تمتد إلى مؤخرة الفم. كما كانت لها سيقان خلفية قوية وطويلة، وأطراف أمامية نحيلة ذات أصابع شبكية. ونمت ديناصورات الدَّكبيل هذه إلى ما يقترب من مترين وسبعة أعشار المتر ارتفاعًا من الورك وبامتداد ما يزيد على تسعة امتار.

وهناك بعض أنواع ديناصورات الدَّكبيل مثل الأناتوسورس ذات الجمجمة المنبسطة والمنخفضة. وأنواع أخرى مثل الكوريثوسورس التي لها عُرف عظميً ظاهر في أعلى رأسها. ولها قنوات هوائية ممتدة من أنوفها خلال هذا العُرف. ويعتقد بعض العلماء أن ديناصورات الدَّكبيل العُرفية هذه ربما كانت تصدر أصواتًا مرعبة باستعمال القنوات الهوائية الشبيهة بالبوق.

الستيجوسورس كانت من آكلات النباتات الضخمة الكبيرة التي تحمل صفائح عظمية على ظهورها القائمة، وقد عاشت قبل نحو 150مليون سنة مضت. ومن أحسن ما عُرف من هذا النوع هو الستيجوسورسْ الذي عاش فيما يُعرف الآن بأمريكا الشمالية. وقد سارت هذه على أربع أرجل وبلغ طولها نحو ستة أمتار وارتفاعها حوالي مترين ونصف المتر من الورك ولها رأس صغير ورقبة قصيرة. وكانت سيقانها الخلفية أطول كثيرًا من الأمامية. ولهذا فقد كانت رؤوس هذه الحيوانات متدلية بالقرب من الأرض وبدت وكأنها منحنية للأمام.

وكان للستيجوسُورس صف أو صفَّان من الصفائح العظمية الرأسية الممتدة على طول الظهر. وكان ذيلها مسلحًا بزوجين من الأشواك العظمية. وربما ساعدت هذه الأشواك والصفائح في حمايته من الأعداء. وربما ساعدت هذه الصفائح أيضًا في العمل كجزء من نظام تبريد للجسم. فمن الممكن أن يقوم الهواء المار حول وفوق الظهر بتبريد الدم المار في هذه الصفائح.

الأنكيلوسورس (الأنكيلوصورات). وهي معروفة بالديناصورات المدرعة. وهي حيوانات قصيرة وعريضة وتمشي على أربع أرجل وقد تراوح طول معظم الأنكيلوسورس بين أربعة أمتار ونصف المتر وستة أمتار ولها جمجمة يزيد طولها على نصف المتر. وقد غطت أجسام ورؤوس معظم الأنكيلوسورس صفائح عظمية ثقيلة. والعديد من هذه الصفائح ذو أشواك أو زوائد. وتنمو هذه الأشواك عادة على الأكتاف أو على خلفية الرأس. ولبعض أنواع الأنكيلوسورس كتلة كبيرة من العظام في نهاية الذيل ويمكن استعمالها كعصا ضد الأعداء. وقد عاشت الأنكيلوسورس في العديد من مناطق العالم إبان العصر الكريتاسي.

السيراتوبسيان كانت ديناصورات ذات قرون، وكانت تمشي على أربع أقدام وشبيهة إلى حد ما بحيوان وحيد القرن ويتراوح طولها بين متر وثمانية أعشار المتر، وسبعة أمتار وستة أعشار المتر ولها رأسٌ ضخمٌ. كما كان للسيراتوبسيان هدب عظمي على الجزء الخلفي من الرأس. وامتد هذا الهدب عبر العنق. وفي أحد أنواع السيراتوبسيان مثل الستايراكوسورس، كانت هذه الأهداب مزودة بأشواك. ولمعظم هذه الأنواع قرونٌ على وجهها. فالترايسيراتوب لها ثلاثة قرون وجهية، واحد قصير على الأنف وواحد فوق كل عين. وتنمو القرون التي فوق عيونها لتصل في طولها إلى متركامل. والمنونكلونيس له قرن واحد كبير على الأنف. وللبنتاسيراتوب خمسة قرون على وجهه. وأحد أنواع السيراتوبسيان وهو البروتوسيراتوب كان عديم القرون. وكانت السيراتوبسيان آخر المجموعات الرئيسية من الديناصورات. وقد عاشت فيما هو معروف الآن بآسيا وأمريكا الشمالية

لماذا انقرضت الديناصورات

يعتقد أن الديناصورات قد سيطرت على اليابسة لمدة تقارب 150 مليون سنة، كما سيطرت الزواحف الضخمة الأخرى على السماء والبحر. ومنذ نحو 63 مليون سنة مضت، انقرضت هذه الزواحف الضخمة وسيطرت الثدييات على الأرض.

ولقد وضع الباحثون العديد من النظريات لتفسير اختفاء الديناصورات وبعض الزواحف الضخمة الأخرى. ويُظن أن أقرب هذه التفسيرات نظرية تغيُّر المناخ الأرضي. ففي أواخر العصر الكريتاسي، أصبح الجو باردًا لدرجة لا تحتمله الديناصورات. وكانت الديناصورات كبيرة لدرجة لا يمكن معها أن تسبت في أوكارها، وليس لها ريش أو فرو لحمايتها من البرد. أما الحيوانات الصغيرة فيمكنها السّبات خلال الفترات الباردة. وللثدييات والطيور فرو أو ريش للحماية كما يستطيع بعضها أن يهاجر إلى أماكن أكثر دفئًا لتجنب الطقس البارد. وبهذه السبل، فإن هذه الحيوانات يمكنها النجاة من البرد الذي ربما تسبب في إبادة الديناصورات.

وهناك نظرية أخرى أيضًا تتضمن تغيرات في المناخ. حيث يعتقد بعض الباحثين أن انفجار بعض النجوم القريبة قد أطلق إِشعاعات خطيرة أوجدت جوًا بارداً غير مناسب على الأرض استمر آلاف السنين، فلم تستطع الديناصورات تجنب الإشعاع والبرد وربما كان ذلك سببًا في إبادتها.

ويعتقد بعض الخبراء أن الديناصورات آكلة النباتات لم تتمكن من أكل النباتات الجديدة التي تطورت خلال العصر الكريتاسي مما أدى إلى موتها جوعًا. وبانقراضها انقرضت آكلة اللحوم أيضًا لأنها كانت تتغذى بها.كما يعتقد بعض الخبراء الآخرين أن الديناصورات لم تتمكن من التنافس بنجاح على الغذاء مع الثدييات، لذلك خسرت مقاومتها للبقاء. وهناك نظرية أخرى تقترح أن كوكبًا كبيرًا قد اصطدم بالأرض في نهاية العصر الطباشيري. وطبقًا لهذه النظرية، فإن أثر ذلك كان نشر بلايين الأطنان من الغبار أو بلورات الثلج ـ في حالة اصطدام الكوكب بالمحيط. وقد حجب هذا الحطام ضوء الشمس لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر. وتمكنت بذور النباتات اليابسة من تحمل هذه الفترة المعتمة إلا أن النباتات نفسها لم تنمُ. ولعدم نمو هذه النباتات، فإن العديد من الديناصورات آكلات النباتات قد ماتت وكذلك الديناصورات التي كانت تتغذى بآكلات النبات. وتسبب الظلام في انخفاض درجة حرارة اليابسة إلى مادون درجة التجمد ولمدة تتراوح بين ستة أشهر واثني عشر شهرًا. وقد أدى التغير في المناخ إلى دمار أكبر في أعداد الديناصورات. ويفترض العلماء بأن الثدييات الصغيرة والطيور قد اتقت من البرد بوساطة فرائها أو ريشها ونجت من الانقراض لأنها كانت تتغذى بالبذور والمكسِّرات والأعشاب المتعفنة. وبعد انحسار الظلام العام، نمت النباتات اليابسة مرة ثانية من البذور والجذور الكامنة.

ويشعر عديد من العلماء بأنه لا يمكن لنظرية واحدة أن تفسر بشكل كامل سبب انقراض الديناصورات، ويقترحون أن الديناصورات وببساطة لم تتمكن من مسايرة التغيرات الحادثة على الأرض مع نهايةالعصر الطباشيري. لذلك فإن مزيجًا من الأسباب ربما شاركت في إنهاء عصر الزواحف.

ديناصورات مصر

 

عائلة تيتانوصوريات Family Titanosauridae

 

عائلة تيتانوصوريات Family Titanosauridae
الاسم العربي بالإنجليزية الفصيلة صورة مكان وزمان العثور عليه بمصر ملاحظات
إيجيبتوصور Aegyptosaurus Aegyptosaurus baharijensis
بحرية صور Bahariasaurus Balaenoptera borealis ربما يكون مماثلا لـ دلتادروميوس، وهو ديناصور مفترس آخر من العصر الكريتاسي (الطباشيري).
كركرودونتوصور Carcharodontosaurus Megaptera novaeangliae إرنست شترومر فون رايخنباخ، 1934، شمال الفيوم. ديناصور مفترس هائل الحجم. عاش من 98 إلى 93 مليون سنة مضت في العصر الكريتاسي. وكان تقريبا في طول تيرانوصورس ريكس، إذ يصل طوله إلى 12 متر، ويزن 4 أطنان.
دلتادروميوس Deltadromeus Deltadromeus agilis إرنست شترومر فون رايخنباخ، 1934، شمال الفيوم. ديناصور مفترس عاش من 95 مليون سنة مضت في العصر الكريتاسي المتأخر. وكان من أطول الديناصورات المفترسة، حيث يصل طوله إلى 13.3 متر ويزن 3.5 أطنان.
باراليتيتان Paralititan Paralititan stromeri إرنست شترومر فون رايخنباخ، 1934، شمال الفيوم. سحلية هائلة الحجم من آكلات العشب. عاشت من 95 مليون سنة مضت في العصر الكريتاسي المتأخر. وكانت من أطول الديناصورات المفترسة، حيث يصل طولها إلى 13.3 متر وتزن 3.5 أطنان.
سبينوصور Spinosaurus Spinosaurus aegyptiacus إرنست شترومر فون رايخنباخ، 1911، شمال الفيوم. ديناصور مفترس هائل الحجم، من عائلة كارنوصور التي تضم معظم الديناصورات المفترسة المعروفة. عاش من 95 مليون سنة مضت في العصر الكريتاسي المتأخر، وكان من أضخم الديناصورات المفترسة، حتى أكبر من تيرانوصورس ركس، حيث يصل طولها إلى 14 متر ويزن حوالي 4 أطنان.
[[]] Deltadromeus Megaptera novaeangliae إرنست شترومر فون رايخنباخ، 1934، شمال الفيوم. ديناصور مفترس هائل الحجم. عاش منذ 95 مليون سنة مضت في العصر الكريتاسي المتأخر. وكان من أطول الديناصورات المفترسة، خيث يصل طولها إلى 13.3 متر ويزن 3.5 أطنان.

مصادر


Echocardiography – تخطيط صدى القلب


 

جهاز تخطيط صدى القلب.

تخطيط صدى القلب أو فحص القلب التصواتي هو فحص للقلب باستخدام تقنية الموجات فوق الصوتية. يُعَد تخطيط صدى القلب من الفحوصات الطبية التصويرية غير الباضعة لحجرات القلب، ويتم التعرف خلال الفحص على قوة العضلة القلبية وعلى شكل وهيئة الصمامات القلبية، وما يعتريهما من أمراض.

مبدأ العمل

للحصول على تصوير للقلب تُستغل خاصية الأمواج فوق الصوتية في اختراق المادة والانكسار والانعكاس عند اختراق الأوساط الفيزيائية المختلفة، يحدث ذلك عند حدود هذه الأوساط. ومثال ذلك عند انتقال الصوت من الجلد إلى طبقات الدهن تحته، وكذلك عند عبور الموجات فوق الصوتية العضلة القلبية، وتظهر بالتالي حجرات القلب بشكل واضح[1].

أثناء مرور الموجات فوق الصوتية في حجرات القلب، فإن الدم يحمل هذه الموجات بعيداً، وبالتالي لا يعكس هذه الأمواج، مما يجعل الحجرات القلبية تظهر فارغة (باللون الأسود)، بينما يكون الانعكاس عن جدران القلب والصمامات أوضح، ويزداد وضوحاً في حالات تكلّس هذه الأجزاء[2].

تتكون أجهزة تخطيط صدى القلب من مجس باليد، وعلى وحدة معالجة، وعلى شاشة، كما يحوي على لوحة إدخال غالباً ماتحوي لوحة مفاتيح. يمكن للجهاز الواحد أن يستقبل عدة رؤوس مجسات، ويمكن استبدالها، لعمل تخطيط تصواتي عبر الصدر أو عبر المريء.

في طب القلب تستخدم موجات فوق صوتية بتردد يتراوح ما بين 2.0 – 3.0 ميجاهيرتز، والتي تصل لأعماق أكبر في جسم الإنسان، مما يسمح بمشاهدة كامل حجرات القلب، ويكون ذلك على حساب قدرة التمييز (بالإنجليزية: Resolution) ودقة الصورة[3].

تخطيط صدى القلب عبر الصدر

 

رسم توضيحي لموقع المجس عبر الصدر، المجس يوضع على الجلد.

يتم تخطيط صدى القلب عبر الصدر (بالإنجليزيةTTE transthoracal echocardiography) بوضع رأس المسبار الذي يبث موجات فوق صوتية بشكل مقطعي على الجلد عند جدار الصدر ما بين ضلعين، للوصول إلى تصوير للقلب من عدة جوانب، والحصول على مقاطع متعددة لحجرات القلب. عادة ما يُطلب من المريض الكشف عن صدره والاستلقاء إلى الجانب الأيسر. من ناحية مبدئية هناك نقطتان رئيسيتان لتخطيط صدى القلب، الأولى بالجانب الأيسر الأعلى لعظم القص، والثانية في المسافة بين الأضلاع المماثلة لقمة القلب.

1. السطر الأول يمثل المقاطع التي نحصل عليها عند تخطيط صدى القلب باستخدام النقطة المماثلة لقمة القلب.2. السطر الثاني يمثل المقاطع التي نحصل عليها عند تخطيط صدى القلب من الجانب الأيسر لعظمة القص.

يفيد التخطيط عبر الصدر في معرفة[4]:

يمتاز الفحص عبر الصدر بسهولة إجرائه، ورخص سعره بالمقارنة بالتصويرات الطبية الأخرى، كما يمتاز بأنه يمكن نقل جهاز تخطيط صدى القلب للمريض، بدل نقل المريض إلى غرفة فحص خاصة، مما يعطي أهمية للفحص في حالات الطوارئ[2].

تخطيط عبر المريء

 

رسم توضيحي يوضح مسبار الفحص التصواتي في مكانه فيالمريء، ومجاورته للقلب.

يتم تخطيط صدى القلب عبر المريء عن طريق مسبار يتم إدخاله عن طريق الفم إلى المريء، وذلك للحصول على “نافذة” أفضل موجات فوق صوتية|للموجات فوق الصوتية]] لرؤية الأقسام الخلفية من القلب، إذ أن هذه الجوانب تكون بعيدة عن الصدر، فتكون الصور التي يتم الحصول عليها من الصدر غير واضحة، بينما حينما يتم الفحص من المريء – الذي يُجاور القلب من الخلف مباشرة – أدق للأقسام الخلفية، كما يمكن إنتاج صور ثلاثية الأبعاد[5] لصمامات القلب.

يسمح التصوير عبر المريء بتحقيق تصوير بتمييز أعلى، وبخاصة للتفاصيل الدقيقة لحجرات القلب وصماماته، وذلك لأن المريء يقع مباشرة خلف القلب، بدون وجود الرئة كحاجز معيق بين مسبار الفحص وحجرات القلب، إذ أن الرئة بما تحتويه من هواء تعتبر معيقاً كبيراً لعمليات التصوير باستخدام الموجات فوق الصوتية. وتكون الدقة التصويرية أعلى من التصوير عبر الصدر[2] لأن المسبار يكاد يكون ملامساً للجدار الخلفي للقلب، ولايفصل بينهما إلا جدار المريء الدقيق نسبياً.

يمكن إجراء التصوير التصواتي عبر المريء بشكلٍ مشابه للتنظير الداخلي، حيث يُدخل المسبار – الذي يكون على شكل خرطوم (أنبوب) عبر البلعوم إلى المريء. يمكن أن يُصار إلى تهدئة المريض باستخدام منومات قصيرة الأمد، عندها يكون إدخال الأنبوب أصعب ولكن المريض لايلاحظ دخول الأنبوب فيشعر أن الفحص كان مريحاً أكثر. أو يمكن تشجيع المريض على التعاون وبخاصة إذا كان المريض يجري الفحص في عيادة خارجية ويرغب مثلاً في قيادة السياة أو القيام بعمل ما بعد الفحص. يُشترط لإجراء الفحص أن تكون المعدة فارغة، ولذلك لابد أن يمتنع المريض عن تناول الأطعمة ل 6 ساعات على الأقل قبل الفحص، وعن شرب السوائل لمدة ساعة إلى ساعتين قبل الفحص وذلك لتجنب التقيؤ أثناء الفحص.

 

صورة لمسبار الفحص التصواتي عبر المريء.

 

صورة ثلاثية الأبعاد للصمام التاجي.

دواعي الفحص عبر المريء

يتم إجراء الفحص عبر المريء في الحالات التي لاتكون ظاهرة عبر الصدر ومن دواعي الفحص عبر المريء[6]:

مراجع

  1. ^ مبادئ عمل تخطيط صدى القلب. (بحسب عرض 26.6.2009)وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  2. أ ب ت Harrison’s Principles of Internal Medicine; 15th Edition, pages 1271ff: ISBN 0-07-118319-1
  3. ^ Sono Grundkurs; Mathias Hofer, 4. Überarbeitete Auflage. ISBN 3-13-102914-5 وصلة لموقع باللغة الألمانية
  4. ^ Medlineplus: Echocardiogram شرح دواعي تخطيط صدى القلب عن صفحة المكتبة الوطنية الأمريكية للطب. (بحسب عرض 4.7.2009) وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  5. ^ Dynamic 3D echocardiography in virtual reality (بحسب عرض 9.7.2009). وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  6. ^ Transesophageal Echocardiography: Clinical Indications and Applications نقلاً عن صفحة جمعية القلب الأمريكية (بحصب عرض 9.7.2009). وصلة لموقع باللغة الإنجليزية

منمنمات

منمنمة فارسية تصور مشاهد صيدبهرام غور

 

يتميز التصوير الاسلامي‌ الذي‌ عرف‌ باسم‌ “المنمنمات‌” بخصائص‌ مميزة‌ تشمل‌ الجوانب‌ التقنية‌ و الأسلوبية‌ و الوظيفية‌ التي‌ يطمح‌ إليها هذا التصوير، و ينطلق‌ هذا كلّه‌ من‌ فلسفة‌ تتناول‌ الانسان‌ و الكون‌ و الدين‌ في‌ إطار عرفاني‌، و تربط‌ فلسفة‌ التصوير في‌ الاسلام‌ بين‌ العام‌ المادي‌ و بين‌ العالم‌ الروحي‌ ربطاً محكماً ينزع‌ إلى‌ الكمال‌ و يجعل‌ من‌ أعمال‌ الفن‌ نمطاً فريداً في‌ مزاياه‌، تقربه‌ من‌ أن‌ يكون‌ نوعاً من‌ ممارسة‌ طقس‌ ديني‌، و قد ارتبط‌ هذا النوع‌ من‌ التصوير بتطور المخطوطات‌ التي‌ تناولت‌ شتى‌ المعارف‌ العلمية‌ منها و الادبية‌، و ترقى‌ أقدم‌ المخطوطات‌ إلى‌ القرن‌ الثاني‌ عشر الميلادي‌، و إن‌ كانت‌ أعداد قليلة‌ منها معروفة‌ في‌ مصر و إيران‌ منذ القرن‌ التاسع‌ الميلادي‌، و لقد عرف‌ الرسم‌ اهتماماً واسعاً في‌ إيران‌ منذ القرن‌ السابع‌ الميلادي‌، حيث‌ تفاعل‌ الرسم‌ الإيراني‌ مع‌ الرسم‌ الصيني‌.

تلتقي‌ في‌ تصوير المنمنمات‌ الاسلامية‌ تأثيرات‌ عدة‌: عربية‌ و إيرانية‌ و صينية‌ و مغولية‌ و سلجوقية‌ و هندية‌ و تركية‌ و عثمانية. كما تظهر بعض‌ التأثيرات‌ البيزنطية‌ في‌ فترات‌ محددة‌، و خاصة‌ حول‌ القوس‌ المتوسطي‌، و يمكن‌ أن‌ نلحظ‌ تأثيراً باهتاً لها يفي ‌المنمنمات‌ المعاصرة‌.

ولفن‌ المنمنمات‌ عدة‌ مدارس‌، فهناك‌ المدرسة‌ البغدادية‌ و المدرسة‌ المغولية‌ و المدرسة‌ التيمورية‌، ثم‌ المدرسة‌ الصفوية‌ و المدرسة‌ المملوكية‌ و المدرسة‌ التركية‌ و المدرسة‌ الهندية‌، ثم‌ المدرسة‌ المعاصرة‌.

لقد تميزت‌ كل‌ من‌ هذه‌ المدارس‌ بميزات‌ خاصة‌ و يشكل‌ نشاطها مجتمعاً المسيرة‌ الرئيسية‌ لتطور فن‌ المنمنمات‌ في‌ العالم‌ الاسلامي‌. و لقد عملت‌ شعوب‌ العالم‌ الاسلامي‌ جميعها بدأب‌ إليى هذه‌ الدرجة‌ أو تلك‌ في‌ تطوير هذا الفن‌ الذي‌ يعتقد البعض‌ بأنه‌ “مولود الرسوم‌ الصينية” نظراً لغلبة‌ العرق‌ الأصفر على‌ الرسوم‌ بسماته‌ المميزة‌ و غزارة‌ التفاصيل‌ المرتبطة‌ بأسلحة‌ المغول‌ و عاداتهم‌ و تقاليدهم‌ و بيئتهم، وهي‌ تأثيرات‌ بقيت‌ ملحوظة‌ لفترة‌ من‌ الزمن‌، ثم‌ تضاءل‌ ظهورها تدريجياً تحت‌ ضغط‌ التأثيرات‌ المحلية‌، و ينطبق‌ هذا على‌ منمنمات‌ أغلب‌ المدارس‌ في‌ فتراتها المبكرة‌.

والواقع‌ أن‌ عبارة‌ منمنمة‌ تتصف‌ بسعة‌ دلالتها، فهي‌ إنتاج‌ فني‌ صغير الابعاد، يتميز بدقة‌ في‌ الرسم‌ و التلوين‌، و هو اسم‌ يطلق‌ عادة‌ على‌ الاعمال‌ الملونة‌ و غيرها من‌ الوثائق‌ المكتوبة‌ المزينة‌ بالصور أو الخط‌ أو الهوامش‌ المزخرفة‌، وقد حقق‌ فن‌ المنمنمات‌ المرتبط‌ بالمخطوطات‌ كمالاً رفيعاً خلال‌ القرون‌ الوسطى في‌ الشرقين‌ الأوسط‌ و الأدنى‌ و حتى في‌ أوروبا، و قد استخدم‌ لفظ‌ المنمنمات‌ للتعبير عن‌ أعمال‌ التصوير، و خاصة‌ الصور الشخصية‌ الصغيرة‌ الحجم‌، التي‌ كان‌ يجري‌ رسمها و تلوينها على‌ الخشب‌ و العاج‌ و العظام‌ و الجلود و الكارتون‌ و الورق‌ و المعدن‌ و غيرها من‌ المواد.

لعب‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ دوراً مهماً في‌ أكثر المدارس‌ الفنية‌ للمنمنمات‌، فقد تفاعلت‌ خبراتهم‌ في‌ كل‌ من‌ المدرسة‌ العباسية‌ في‌ بغداد، و خاصة‌ لدى‌ وصول‌ البرامكة‌ إلى‌ موقع‌ السلطة‌، فقد استجلب‌ هؤلاء العديد من‌ الفنانين‌ الإيرانيين‌ إلى‌ بغداد، فشاركوا في‌ تأسيس‌ مدرسة‌ المنمنمات‌ فيها، و قد عرف‌ من‌ المدرسة‌ السلجوقية‌ محاولة‌ الحفاظ‌ على‌ أصالة‌ الرسم‌ الإيراني‌ و سماته‌ المحلية‌ و أبعاده‌ عن‌ تأثيرات‌ الفن‌ الصيني‌، لكن‌ باستيلاء المغول‌ على‌ إيران‌ وظهور المدرسة‌ المغولية‌ تغيرت‌ ملامح‌ المنمنمات‌، إذ أوجد المغول‌ مدارس‌ في‌ تبريز و شيراز و مرو ارتبطت‌ بالأسلوب‌ الصيني‌، ثم‌ ظهرت‌ المدرسة‌ الهراتية‌ أو التيمورية‌ في‌ سمرقند و هي‌ من‌ أبرز مدارس‌ الرسم‌ الإيراني‌ على‌ وجه‌ الاطلاق، وعندما تأسست‌ المدرسة‌ الصفوية‌ في‌ العهد الصفوي‌ انتقل‌ مركز الفن‌ الإيراني‌ من‌ “هراة‌” إلى‌ “تبريز”، و تعتبر رسوم‌ المدرسة‌ الصفوية‌ صفحة‌ جديدة‌ في‌ الرسم‌ الإيراني‌.

لقد أسس‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ المدرسة‌ التركية‌ لفن‌ المنمنمات‌ بعد استقدامهم‌ من‌ قبل‌ السلاطين‌ العثمانيين‌، كالسلطان‌ سليمان‌ القانوني‌، كما و أن‌ المدرسة‌ الهندية‌ تأثرت‌ هي‌ الاخرى‌ بالفن‌ الإيرانية‌ بعد أن‌ انتشر الاسلام‌ في‌ الهند على‌ يدي‌ “بابر” حفيد تيمورلنك‌. و هكذا، و بهذه‌ الصورة‌ المكثفة‌ و المختصرة‌ إلى‌ أبعد الحدود يمكن‌ استنتاج‌ الدور الريادي‌ البارز الذي‌ لعبته‌ إيران‌ في‌ تطور فن‌ المنمنمات‌ عبر التاريخ‌ الذي‌ يمتد أكثر من‌ عشرة‌ قرون‌ في‌ بقاع‌ جغرافية‌ مترامية‌ الاطراف‌. لقد عكس‌ الفن‌ الإيراني‌ عبر تاريخه‌ مراحل‌ تطور الأمة‌، و عكس‌ أحداثها المهمة‌ و هموم‌ شعبها و تعاقب‌ أطوارها الحضارية‌، و تفاعلها مع‌ الأمم‌ الأخرى‌، فكان‌ الفن‌ في‌ إيران‌ مواكباً لمسيرة‌ الانسان‌ دائماً.
في هذه المساحة الصغيرة أود أن أعبُر إلى ما وراء السطور وأن أقرأ قلق الفنان الأول، ذلك الفنان الذي يهب عمراً بأكمله، أو يكاد، في سبيل إتقان عمله.. يبذل الساعات الطويلة والأيام والشهور وربما السنوات من أجل كتابة آية قرآنية قصيرة، متمثلاً باخلاص مغزى الحديث النبوي الشريف: (إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه)، فيحاول ما استطاع أن يترجم النور المشع من بين الحروف إلى تعبير فني عال وزخرفة رافلة بالفرح والدلال والطمأنينة الروحية.. تتحول الخطوط والألوان المتقشفة بين يديه إلى نوع من العبادة في ملكوت الوجد والعرفان، ثم يأتي فنان آخر، يغمس يديه بماء الطين ليشكل أباريق وكؤوس بهيجة مبرهناً على أن الانسان يمكن أن يجسد بدائع الحياة بعد أن منحه الله القدرة على الإبداع، فنان ثالث ينكب على قطعة خشبية يحفرها ويعرقها عبر خطوط دقيقة جداً راسماً منظراً حياً لصياد أو غزالة راقصة على العشب بأسلوب غاية في المهارة، ورابع يستعيد على النحاس زخرفات الأزمنة الماضية ونقوشها المعبرة عن القوة والاعتماد بالنفس في التروس والصولجانات والسيوف؟

لقد وصلتنا منمنمات الفنانين الإيرانيين البديعة كرسائل عابرة للزمن، تارة في شكل آنية أو خزفية أو منحوتة نحاسية أو خشبية أو قطعة من العقيق أو الحرير، وتارة في لوحة خط مزخرفة ومذهبة لتصير هوية مميزة للفن القادم من إيران، والحق أن مداها اتسع لتصير هوية للفن الاسلامي في كل مكان، فن عريق يميزه الانتماء للشرق بكل ما فيه من سحر وجمال.

ومما لا شك فيه أن ما يشد المشاهد إلى هذه الفنون جميعاً هو تلك النقاط المتوهجة والمشتركة بين فنون الحضارة الاسلامية، بمهاراتها ومضامينها الإنسانية الراقية، بل إن الباحث الجاد يندهش من جدال البعض حول شرعية الفن ولا شرعيته، وفي تراثنا الاسلامي شواهد لا حصر لها تجعل من مجرد التساؤل أمراً نافلاً ومن الإجابة بدهية لا تحتاج لبراهين، فلم يشكل انتشار الاسلام عائقاً أمام الفنون، بل إن الفنون المختلفة تطورت وازدادت ألقاً وتميزاً في فضائه، ثم إن الأهم هو نشوء ما يمكن تسميته بجمالية إسلامية خاصة، نابعة من الحس الحضاري الرفيع والعمق الروحي الذي من الصعب أن نجد مثيلاً له في فنوننا المعاصرة اليوم، ربما لهذا السبب تفاجأ بإقبال الجمهور الغربي على الفنون الشرقية بينما لا نلحظ الاهتمام ذاته من جانب الجمهور الشرقي نفسه في غالب الأحيان، وفي أمثلة كثيرة كان (المستشرق) هو الذي يقود الباحثين والنقاد إلى روعة الفنون في حضارتنا الاسلامية!

ولكن لم تكن الصورة دائماً بمثل هذا التجاهل، بل سبق العديد من الشعراء إلى استلهام معاني صورهم من روعة الجمال الأخاذ في المنمنمات، فنقرأ شاعر الحب والغزال نزار قباني وهو يقول: (حديثك سجادة فارسية/ وعيناك عصفورتان دمشقيتان/ تطيران بين الجدار/ وبين الجدار/ وقلبي يسافر مثل الحمامة/ فوق مياه يديك/ ويأخذ قيلولة تحت ظل السوار).. فالسجاد الفارسي بمنمنماته وتفاصيله الصغيرة شكل خلفية لكل تلك الصور اللاحقة في القصيدة.

أما إذا عدنا إلى السؤال الأول في أعلى الصفحة والذي تمحور حول مصدر (التصغير) والنمنمة في الفن فلعل في بيت الإمام علي (ع) وتأمل مضمونه أبلغ جواب: (وتعزم أنك جرم صغير/ وفيك انطوى العالم الأكبر). ملاحظة: هذه المقالة كتبت من وحي معرض (ربيع القرآن) الذي أقامه المركز الثقافي الإيراني بالدوحة حديثاً.

مدارس في فن المنمنمات

المدرسة‌ العباسية‌ (بغداد)

يقول‌ (بازيل‌ غمري) في‌ كتابه‌ (الرسم‌ الإيراني): «يجب‌ أن‌ تبدأ دراسة‌ الرسم‌ الإيراني‌ بالنسخ‌ الخطية‌ للعصر الفارسي‌، و المدرسة‌ العباسية‌ اسم‌ يطلق‌ على النسخ‌ الخطية‌ المذهبة‌ و المزينة‌ بالرسوم‌ التي‌ اهتم‌ بها الخلفاء العباسيون‌ و جمعوها في‌ عاصمتهم‌ بغداد». عرفت‌ اسبانيا هذا الفن‌ لمئات‌ السنين، إلا ان‌ شمال‌ أفريقيا لم‌ يشهد الا النمط‌ الهابط‌ منه‌. و حين‌ أمسك‌ البرامكة‌ بزمام‌ الامور في‌ الدولة‌ العباسية‌، قدم‌ عدد كبير من‌ الفنانين‌ إلى‌ بغداد ليكرسوا المدرسة‌ التي‌ اشتهرت‌ باسم‌ المدرسة‌ البغدادية‌ ، والحقيقة‌ ان‌ هذا الموضوع‌ يحتاج‌ إلى‌ دراسة‌ تاريخية‌ موسعة‌ ، الا ان‌ المعروف‌ تاريخياً ان‌ الكثير من‌ الآثار القيمة‌ لهذه‌ المدرسة‌ اتلفت‌ في‌ حوادث‌ نهب‌ مكتبات‌ بخارى‌ و سمرقند.

وكان‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ من‌ ذوي‌ الذوق‌ الرفيع‌ اول‌ مَن‌ قام‌ في‌ القرون‌ الاولى‌ للهجرة‌ بتذهيب‌ القرآن‌ الكريم‌ و تزيينه‌ ، و تزيين‌ حواشي‌ الكتب‌ بالنقوش‌ الاسليمية‌ و الخطائية‌ و انواع‌ الزخارف‌ . ثم‌ تطور هذا الابداع‌ فيما بعد و اصبح‌ للنقوش‌ الاسليمية‌ و الخطائية‌ اصولها و قواعدها المعروفة‌ ، و ربما سنحت‌ الفرصة‌ للحديث‌ عنها في‌ موقع‌ آخر. توسعت‌ هذه‌ النقوش‌ في‌ عصور السلاجقة‌ و المغول‌ و التيموريين‌ ، و تجاوزت‌ مجال‌ تذهيب‌ الكتب‌ لتشمل‌ الفسيفساء و نقوش‌ السجاد.

و بعد ابداع‌ التصاميم‌ و النقوش‌ المعروفة‌ ، ظهر فن‌ جديد هو رسم‌ الصور و القصص‌ ، تجلت‌ ارهاصاته‌ في‌ منمنمات‌ المدرسة‌ العباسية‌.

و يذكر (آرثر اپهام‌ پوپ) ان‌ هناك‌ نسخاً لكتاب‌ كليلة‌ و دمنة‌ و كتاب‌ في‌ البيطرة‌ الصيدلة‌ باسم‌ (دماتريا مديكا) و مقامات‌ الحريري‌ تحمل‌ رسوماً على‌ نمط‌ منمنمات‌ المدرسة‌ البغدادية‌ ، و في‌ سياق‌ الحديث‌ عن‌ المدرسة‌ العباسية‌ (بغداد) يقول‌ بازيل‌ غري‌: “باختصار لا يمكن‌ تحديد تفاوت‌ واضح‌ بين‌ المنمنمات‌ الإيرانية‌ التي‌ انجزت‌ في‌ العصر العباسي‌ و منمنمات‌ سائر انحاء آسيا ، و لعل‌ الفرق‌ الوحيد الذي‌ احدثه‌ الإيرانيون‌ هو الانسجام‌ في‌ اعمالهم‌ اثر حملات‌ المغول‌ على‌ بلادهم‌ ، ويبدو انهم‌ كانوا بحاجة‌ إلى‌ هزة‌ شديدة‌ ليكون‌ نبوغهم‌ قادراً على‌ تدجين‌ الفن‌ الجديد و تطييعه‌ بالوافد من‌ الشرق‌ الاقصى”.

المدرسة‌ المغولية: شهدت‌ هذه‌ الحقبة‌ تكاملاً ملحوظاً في‌ فن‌ الرسم‌ و اساليبه‌ التقليدية، فقد كان‌ فن‌ المنمنمات‌ في‌ العصر السلجوقي‌ محافظاً على‌ هويته‌ الإيرانية‌ المحضة‌ ، بعيداً عن‌ نفوذ الرسوم‌ الصينية‌ ، و بعد انقراض‌ السلاجقة‌ استطاع‌ الإيرانيون‌ ان‌ يحافظوا ـ بأعجوبة‌ ـ على‌ ثقافتهم‌ التقليدية‌ ، و حين‌ قدم‌ المغول‌ وقعوا تحت‌ تأثير الثقافة‌ الإيرانية‌ ، إلا انهم‌ أثروا كثيراً في‌ المسيرة‌ الفنية‌ التي‌ كانت‌ في‌ سبيلها نحو التكامل‌ ، فظهرت‌ مراكز و نتاجات‌ فنية‌ جديدة‌ في‌ تبريز و شيراز و مرو.

مدرسة‌ هرات‌

أعقب‌ المرحلة‌ المغولية‌ ظهور عهد فني‌ جديد في‌ إيران‌ حمل‌ اسم‌ مدرسة‌ هرات‌ ، و يطلق‌ عليها ايضاً المدرسة‌ التيمورية‌ او مدرسة‌ سمرقند و بخارى، اذ كانت‌ هاتان‌ المدينتان‌ مركزي‌ الفنون‌ عصرئذ.

يذكر التاريخ‌ ان‌ ثلاثة‌ من‌ خلفاء تيمور اتخذوا من‌ هرات‌ عاصمة‌ لهم‌ واهتموا بالثقافة‌ و الفن‌ خلافاً لسيرة‌ جدهما الذي‌ عرف‌ بدمويته‌، و كان‌ هؤلاء السلاطين‌ الثلاثة‌ (بايسنقر، شاهرخ‌، حسين‌ بايقرا) المؤسسين‌ الحقيقيين‌ لمدرسة‌ هرات‌ التي‌ يعتبرها بعض‌ اساتذة‌ المنمنمات‌ من‌ ابرز مراحل‌ تقدم‌ الرسم‌ في‌ إيران‌، و لعل‌ الاستاذ الأكثر ابداعاً في‌ تلك‌ الفترة‌ هو كمال‌ الدين‌ بهزاد الذي‌ يطلق‌ عليه‌ بعض‌ المستشرقين‌ اسم‌ هراتي‌. بلغ‌ التذهيب‌ و المنمنمات‌ غايتهما في‌ هذه‌ المدرسة‌ ، واصبحت‌ هرات‌ مركزاً تستقطب‌ النخبة‌ من‌ فناني‌ ذلك‌ العصر، و لعل‌ ابرز آثار هذه‌ المدرسة‌ كتاب‌ (خمسة‌ نظامي‌) للفنان‌ كمال‌ الدين‌ بهزاد، (گلچين‌) لاسكندر سلطان‌، (شاهنامه‌) لمحمد جركي‌، (بوستان‌ سعدي‌) لبهزاد و غيرها .

المدرسة‌ الصفوية‌

حين‌ امسك‌ الصفويون‌ بزمام‌ الامور انتقل‌ مركز الفن‌ في‌ إيران‌ من‌ هرات‌ إلى تبريز ، و ظهرت‌ بوادر التغيير ، فقد اتجه‌ الرسم‌ نحو الطبيعة‌ و خرج‌ من‌ الاطر الضيقة‌ للكتاب‌ إلى الرسوم‌ الجدارية‌ ، و برز اساتذة‌ كبار مثل‌ رضا عباسي‌ مؤسس‌ المدرسة‌ الصفوية‌ التي‌ تميزت‌ بوضوح‌ عن‌ المدرستين‌ المغولية‌ و التيمورية‌ ، و كانت‌ ميزتها الابرز انها كانت‌ أكثر رقة‌ من‌ سابقتيها . ومن‌ أبرز رموزها : رضا عباسي‌ ، خواجه‌ نصير بن‌ عبد الجبار استرآبادي‌ ، فرخ‌ بيك‌ ، ميرزا محمد تلميذ الخواجه‌ عبد العزيز وغيرهم‌ . و كان‌ لانفتاح‌ إيران‌ على‌ الغرب‌ ، و بلدان‌ آسيا في‌ العهد الصوفي‌ أثر كبير على فن‌ الرسم‌ ، أدى‌ إلى‌ ظهور آثار قمية‌ توزعتها المتاحف‌ العالمية‌ و الإيرانية‌ ولا شك‌ ان‌ العصر الصفوي‌ يمثل‌ مرحلة‌ جديدة‌ في‌ تاريخ‌ المنمنمات‌ الإيرانية‌. المدرسه‌ المعاصرة‌: شهدت‌ السنوات‌ المائة‌ الماضية‌ ازدهاراً في‌ المنمنمات‌ تجي‌ بظهور نتاجات‌ فنية‌ رائعة‌ . بدأ عصر الازدهار بعد انشاء مدرسة‌ كمال‌ الملك‌ عام‌ 1908 و قدوم‌ الاساليب‌ الفنية‌ الأوروبية‌ الحديثة‌ و اهتمام‌ الرسامين‌ الايرانين‌ بها.

و لصيانة‌ الاساليب‌ الإيرانية‌ من‌ الضياع‌ ، و تشجيع‌ الفنون‌ الإيرانية‌ التقليدية‌ و الصناعات‌ اليدوية‌ الوطنية‌ انشئت‌ مدرسة‌ فنية‌ اخرى‌ عام‌ 1930 و كان‌ فن‌ النمنمات‌ (المينياتور) من‌ بين‌ الفروع‌ التي‌ شملتها هذه‌ المدرسة‌ إلى‌ جانب‌ فروع‌ الصناعات‌ اليدوية‌ و الفنون‌ التقليدية‌ الاخرى، و قد اجرت‌ المدرسة‌ امتحاناً لاختيار الاستاذ قبل‌ بدء الدراسة‌ بعام‌ ، و كان‌ المشرف‌ على‌ الامتحان‌ الاستاذ حسين‌ طاهر زاده وبهزاد الذي‌ يعد مؤسس‌ الفنون‌ التقليدية‌ المعاصرة‌ في‌ المدرسة‌ الفنية‌ الوطنية‌ ، وأحد رموز فن‌ المنمنمات‌ في‌ إيران‌ ، و قد وقع‌ اختياره‌ على‌ المرحوم‌ هادي‌ تجويدي‌ ليكون‌ أول‌ أستاذ للمنمنمات‌ في‌ المدارس‌ المعاصرة‌.

هيرودت Herodotus


هيرودت (باللغة الاتينية Herodotus )

المؤرخ هيرودوت أو هيرودوتس باللغة الأغريقية واسمه مركب من لفظين هما : ” هيرا ” الآلهة اليونانية الشهيرة – و ” دوت ” أو ” دوتا ” بمعنى أعطى أو أهدى فالاسم يعني هدية هيرا أو عطاء هيرا عاش هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد (484 ق.م. – حوالي 425 ق.م.)

.ولد هيرودوت في هاليكارناسوس أحدى بلدان جنوب غرب آسيا الصغرى بين سنتي 490 و 480 ق.م ، وهو من أسرة من طبقة الصفوة الإجتماعية ،  وكانت أسرته محبة للعلم والشعر والاساطير ، تعمل في السياسة , لهذا اهتمت بتعليمه وتثقيفه ، وقد شغف منذ صغره بالدراسة والتعلم واهتم بقرائة الكتب المختلفة والاشعار والادب والملاحم ، وقد عاصر في بداية طفولته غزو الفرس بقيادة أحشويرش الأول بلاد اليونان ، وكان له عم أسمه وبانياسيس كاتباً وأديباً  , فقام بانياسيس بتعليم هيرودوت الشعر الملحمي فاحبه ، وجعله معجباً بهوميروس ، . وعندما كبر هاجر هيرودوت الى ساموس التي كانت مركزاً صناعياً وتجارياً ومركزاً ثقافياً هاماً ، ويرى بعض المؤرخين ان سبب تركه لبلدنه خلافه مع الطاغية هاليكارناسوس أنذاك هو ليجداميس ومشاركته في الثورة ضده وإثارته للناس ،

وبعد اقامته لمدة من الزمن في ساموس قام بأسفاره ورحلاته الواسعة حتى يشبع رغبته الجامحة للبحث عن والمعرفة العلوم ، زار خلال رحلته مناطق مختلفة في اوربا وافريقيا واسيا وقطع في رحلاته بحدود 1700 ميل ، ودامت أسفاره 17 سنة ،  اشتهر بالأوصاف التي كتبها لأماكن عدّة زارها وأناس قابلهم في رحلاته العديدة وسجل الكثير من الوقائع والأحداث الممتدة على مساحة مترامية الأطراف في اليونان وفارس ومصر والشام وبلاد العرب , وكان قد حضر إلى مصر وكتب ما شاهدة فيها مؤرخاً تاريخياً وبالطبع كان لغة كتابه الأغريقية , وكان وصفه دقيقاً وجديراً بالثقة , وكانت كتاباته ممتعه ومشوقة غير انه خلط التاريخ بالقصص الشائعة الدارجة على ألسنة العامة فى ذلك العرصر كما كتب كتباً عديدة عن السيطرة الفارسية على  اليونان ، أطلق عليه أسم ” أبو التاريخ “

وقضى أواخر أيامه في أثينا وفيها قرأ ودرّس من تاريخه في تلك المدينة كما درست في المدن اليونانية الاخرى ، ومنحه اهل أثينا مكافئة مالية كبيرة تقديراً لأعماله وكتاباته التاريخية والادبية الا انه لم يحصل على حق المواطنة الأثينية على الرغم منتقديمه طلباً لذلك ليستقر أخيراً في ثوري في جنوب ايطاليا قرابة عام 444ق.م. حيث أكمل كتابه ، وتوفي في عام 426 أو 425 ق.م.
أطلق هيرودوت على كتابه أسم Iotopins Attoaeievs أي ” تمحيص أو إثبات الأخبار ” فكلمة Iotopins اليونانية تعنى  Historia باللغة اللاتينية تعني ” الفحص ” أو ” البحث ” وتحت هذا العنوان جمع هيرودوت ما أستطاع معرفته وتسجيله من معلومات جغرافية وتاريخية ودينية وقصصية في كتابه عن الأمم التى زارها  ، . وكتبه التسعة هي : ــــ

الجزء الاول واسمه ” كليو ” ربة التاريخ . وموضوع هذا الجزء توسع الامبراطورية الفارسية في القرن السادس قبل الميلاد وذكر حروبها – و يحكي  فيه أربع قصص اسطورية لأربع فتيات هن ( آيو ) الإغريقية ، و ( أوربا ) الفينيقية ، و( ميديا ) الكولخية من منطقة البحر الاسود ، و ( هيلين ) الإسبارطية فبينما ارتبطت هذه الاخيرة بطروادة صارت ( آيو ) رمزاً للالهة المصرية إيزيس ، وقلدت ( أوربا ) اسمها لقارة اوربا ، وأهدت ( ميديا ) اسمها لبلاد ميديا في شمال ايران وكأن هيرودوت أراد بذلك أن يضع الأساس الجغرافي لموضوع بحثه التاريخي وكتابه ، ثم ينتقل بنا من الاسطورة الى التاريخ فيحدثنا عن

مملكة ليديا ( الاقليم الواقع على الشاطىء الغربي لآسيا الصغرى) ويسرد تاريخ ظهور تلك المملكة وتاريخ ملوكها .ثم يركز على ملكها كرويسوس ( 560 ـــ 546 ق.م. ) ويمهد للحديث عم الملك الفارسي كورش الكبير ( 557 ـــ 530 ق.م. ) بإعطاء وصف تاريخي لمملكة ميديا وحكم استاجيس الميدي جد كورش من جهة الأم والذي أطاح به كورش فيما بعد ، ثم يعرض وصفاً لأعراق الفرس وأجناسهم ويعقبه بوصف للشعوب التي كانت تسكن شرق اليونان من الأيونيين والدوريين والأيوليين باعتبارها المناطق المجاورة للإمبراطورية الفارسية آنذاك بعد هزيمة كرويسوس عام 545ق.م. وسقوط مملكته في أيدي الفرس .
الجزء الثاني ويحمل اسم ” يوتربي ” ربة الموسيقى أو العزف على الناي . وهو عن مصر وقد أراد بهذا ان يمهد للحديث عن حملة الملك الاخميني قمبيز على مصر التي يتناولها في الجزء الثالث ، فيصف طبيعة مصر ومناخها وسكانها وأجناسها ثم يتحدث عن النيل ومنابعه ومصباته وفيضانه ثم يعرض لتقاليد المصريين وعقائدهم وتاريخ ملوكهم وعملية التحنيط عندهم ، ثم يصف ما شاهده من الاهرامات وقصر التيه وغير ذلك من الامور المتصلة بأوضاع مصر إبان الحكم الفارسي لها في القرن السادس قبل الميلاد ، كما يتناول الجالية الإغريقية في مصر ومعبدها أمون في واحة سيوه . علماً انه قد استهله بذكره لحكاية هي أقرب الى الاسطورة من خلال تحدثه عن قصة التنافس على الأقدمية والعراقة بين المصريين والفريجيين .
الجزء الثالث ويحمل اسم ” ثاليا ” ربة التراجيديا أو المأساة .يكرس بدايته عن فترة حكم قمبيز ( 530 ــ 521 ق.م ) وبشرح الأسباب التي دفعت الفرس لغزو مصر ، وشارك أباه كورش في التخطيط والإعداد لذلك الغزو ، ثم يصف الحملة على مصر ونجاح قمبيز في هزيمة أمازيس ملك مصر في معركة الفرما ودخول العاصمة المصرية ممفيس وذلك في عام 525ق.م. ثم يصف لنا الحملات الثلاث التي شنها قمبيز على كل من القرطاجيين و الأثيوبيين و الآمونيين و وباءت جميعها بالفشل ، فلم يستطع هزيمة القرطاجيين لتقاعس الفينيقيين ــ وهم العمود الفقري لقونه البحرية ــ عن مشاركتهم في محاربة ابناء جلدتهم القرطاجيين وكانت العواصف الرملية سبباً في فشل حملته على الأمونيين كما عاد من أثيوبيا بعد أن منّى نفسه بالذهب والمال راضياً بغنيمة الإياب وانعكس ذلك الفشل في سوء معاملته للمصريين أسراً حاكمة ومحكومين ، بعد ذلك يتحدت هيرودوت في شرحه للحرب الساموسية ـــ اللاكيميديونية ، بعده يعود لوصف فترة التحول من حكم قمبيز الى حكم دارا الأول ومن ثم ّ يقدم مسحاً شاملاً لمملكة دارا وليبدأ موضوع بحث مفصل مطول يستغرق بالإضافة الى ما شمله هذا الجزء ،

الاجزاء الثلاثة التي تليه أي حتى بداية الجزء السابع وذلك هو فترة حكم دارا الأول ( 521 ـــ 486 ق.م. ) .
الجزء الرابع ويحمل اسم ” ميلوميني ” ربة الكوميديا أو الملهات . ذكر فيه غزو دارا الأول لبلاد السكيث فيصف في البداية شعب السكيث وعاداته ثم يعدد قبائله ثم يتحدث عن القارات الثلاث أسيا وأوربا وأفريقيا ويعدد سكانها ثم يعود مرة أخرى للحديث عن السكيث وعاداتهم ذاكراً بعد ذلك تفاصيل حملة دارا على بلاد السكيث ويصف المعارك بين الفرس والسكيث ويطرق موضوعاً جديداً حول قصة الإغريق سكان جزيرة ثيرا وهجرتهم إلى قورينه في منطقة برقة في ليبيا ويتحدث بالتفصيل عن ليبيا وطبيعتها وبلدانها وقبائلها وعاداتها.
الجزء الخامس ويحمل اسم ” تربسيخوري ” ربة الرقص الغنائي . ويتناول هيرودوت في هذا الجزء والذي يليه حملة دارا على أوربا ، فيبدأ بوصف الدردنيل وبلاد تراقيا والسيجيناي على نهر الدانوب ثم مقدونيا وبعدها أيونيا ثم يتحدث عن الثورة الأيونية عام 499 ٌ.م. وعن تحرير أثينا من حكم الطغاة لينتقل الى موضوع الكتابة عند الإغريق واستخدامهم للأبجدية الفينيقية في أول الأمر ثم يذكر تاريخ أثينا ومشاركتها الأيونيين في محاربة الفرس وحرق سارديس عام 497 ق.م. ثم قيام الجيش الفارسيبمطاردة الأيونيين والأثينيين وإلحاق الهزيمة بهم ويمتنع الأثينيون بعد ذلك عن مساندة الأيونيين ثم يشير إلى ثورة قبرص على الفرس وطلبها المساعدة من الأيونيين وتمكن الفرس بوساطة الفينيقيين من إخماد الثورة .
الجزء السادس ويحمل اسم ” أراتو ” ربة الشعر الغنائي أو الأناشيد . يواصل حديثه الذي بدأه في الجزء الخامس عن حملة دارا الأوربية فيشير إلى انضمام هيستيايوس طاغية ملطية للثورة ضد الفرس ثم يذكر هزيمة الأيونيين في لادي واستيلاء الفرس واخضاع إرتريا على يد ماردونيوس ( صهر الملك دارا ) عام 490 ق.م. وموقعة ماراثون التي انتصر فيها اليونانيون عام 490 ق.م. ثم يذكر الحرب الإيجينيه ـــ الأثينيه عام 487 ق.م. والتي انتهت بانتصار الأثينيين ويعود إلى تفاصيل معركة ماراثون .
الجزءالسابع ويحمل اسم ” بوليهيمنيا ” ربة فن التمثيل . يبدأ في هذا الجزء بذكر رد الفعل من قبل دارا ملك الفرس إزاء هزيمة الماراثون وتجهيزاته لإرسال حملة كبيرة إلى اليونانلكن دارا يموت عام 486 ق.م. فيخلفه ابنه احشويرش وتقوم ثورتان في مصر وبابل عام 480 ق.م. عرقلتا خطة الانتقام من اليونان إزاء معركة الماراثون وحريق سارديس ، بعدها يصف عمليات التجهيز والبناء لقناة جبل أتوس ، ثم يقدم وصفاً لسير الجيوش ، واستعدادات الإغريق وانتخاب إسبارطة بما إسبارطة بما لها من قوة عسكرية لتتزعم حلفاً دفاعياً ضم نحو إحدى وثلاثين مدينة إغريقية في مؤتمر كورنثه عام 481 ق.م. وتوجههم الى جيلون حاكم صقليه طالبين منه الانضمام اليهم ، وموقف الكريتيون واستطراده حول تاريخ كريت .
الجزء الثامن ويحمل اسم ” أورانيا ” ربة الفلك . يبدأ من دون تمهيد لهذا الجزء بوصف المواجهات البحرية بين الفرس واليونان عند رأس أرتمسيوم في أقصى الشمال الشرقي لجزيرة بيوبيا وفي تلك المعركة البحرية أظهر تميستوكليس القائد الإغريقي كفاءة عالية وفي الوقت نفسه كانت هناك معركة حامية الوطيس تجري بين الجانبين اليوناني والفارسي داخل بيوبيا وتصدي اليونانيين لهم عند دلفي ، بعدها يتناول معركة سلاميس التي خسرها الفرس وقرر أحشويرش على إثرها العودة إلى أسية الصغرى عبر مضيق الدردنيل . .
الجزء التاسع ويحمل اسم ” كالليوبي ” ربة شعر الملاحم . يركز في هذا الجزء على بسط تفاصيل معركتي بلاطية وموكالي في عام 479 ق.م. بين الفرس واليونانيين ، إذ إنه حتى ربيع ذلك العام لم تكن هناك مؤشرات واضحة على أن الإغريق سيتمكنون من طرد الفرس من أوربا ، ويعرض في البداية قيام القائد الفارسي ماردونيوس باحتلال أثينا ، ثم زحف الإسبارطيين نحوها ثم انسحاب ماردونيوس منها والاتجاه شمالاً عند بلاطية ثم يفصل سير المعركة بين الجانبين وتمكن الإغريق من إلحاق الهزيمة بالفرس وقتل قائدهم ماردونيوس وانسحاب الجيش الفارسي وعودته إلى بلاده كما يتناول معركة موكالي فيشير إلى وضع الأيونيين تحت سيطرة الفرس في ظل وجود الأسطول الفارسي عند جزيرة ساموس ، ويبين أنه كان لدى الأثينيين رغبة في تحرير أيونيه من أيدي الفرس ويعرض بالتفصيل تحرك الأسطول اليوناني من أثينا وتوجهه نحو ساموس ثم انسحاب الأسطول الفارسي إلى الشاطىء المقابل لسفح جبل موكالي حيث تدور المعركة بين الأسطولين وتنتهي بعد معركة حامية شارك فيها الأيونيين بتدمير سفن الفرس وهزيمتهم وطرد حكامهم من المدن الأيونية كافة .
ترجمة كتاب هيرودويت
أهتم العالم القديم بنسخ كتاب تاريخ هيرودوت منذ القدم وظهرت له طبعات فى الأزمنة الحديثة بداية من عام 1450م وباللغتين اليونانية واللاتينية ، اضافة الى طبعات اخرى بلغات أخرى أوربيه مختلفه  .

أما فى اللغة العربية فقد قام بترجمة تاريخ هيرودت ألأستاذ عبد الإله الملاح – وراجعة : د. أحمد السقاف و د. حمد بن صراي – منشورات : المجمع الثقافي أبو ظبي – عرض وتقديم : الدكتور أكرم محمد عبد كسار – سنة النشر : 2001م – عدد الصفحات : 751 صفحه بضمنا ملحقاً للخرائط
ومعظم ترجمات كتاب هيرودت عن التاريخ عن الترجمة الانكليزية التي نقلها جورج رولنسون بطبعتها المنقحة الصادرة عام 1936م عن اللغة اليونانية لأنها اتسمت بالدقة ووضوح العبارة واقتراب نصها من ذوق القارىء المعاصر .

مانيتون

نشا المؤرخ المصرى – الأغريقى  مانيتون وهو من كتبه تاريخ مصر القديمة في عصر بطليموس فيلادلف حوالى سنة 263 ق.م وقد كاهن هليوبوليس , وقد ألف كتاب فى تاريخ مصر باللغة االإغريقية , وقد ضاع معظم أجزاء هذا الكتاب ولم يصل إلينا ما عنى بنسخة (نقله) الكتاب ومؤرخو العصور الأولى بعد الميلاد , ولا يعتمد المؤرخون على ما جاء فى هذا الكتاب إلا فى الوقائع التى أثبتتها وثائق ومصادر أخرى , وأهم ما نقلوه من كتابه أعمال ملوك عصره لأنه نقل ما شاهده , وكان يشك فى ذلك ايضاً , ولكن أيتتها الأكتشافات الحديثة , وقد قام بكتابة تاريخه بالملك مينا وقسم الملوك الذين من بعده إلى أسر عددها 31 أسرة حكمت مدة 3555 سنة

 

ديودور

. حوالي السنة 300 ق. م. خصّص هيكاتيس الأبديري صفحة طويلة لليهود في كتاب سمّاه “مصريّات”. ضاع الكتاب، ولكنّ ديودورس الصقلّي (مؤرّخ في القرن الأوّل ب. م.) احتفظ بهذه الصفحة.

مانيتون
ودُوِّنت “مصريّات” أخرى على يد المصري مانيتون في القرن الثالث ق. م.، بناء على طلب الملوك البطالسة. وكان ذلك يوم كان بيروسيويس، ابن بلاد الرافدين، يدوّن للسلوقيين “البابليات”. تحدّث مانيتون عن الخروج وماثله مع طرد الهكسوس (أو الملوك الرعاة) الذين تسلّطوا على مصر في القرن السابع عشر ق. م. سار على خطى هيكاتيس، فنسب هذا الطرد إلى نجاسة حلّت باليهود الذين اصيبوا بالبرص. مزج مانيتون أحداث السلالة المصرية الثامنة عشرة (أمينوفيس، تحوتمس) والسلالة التاسعة عشرة (سيتي، رعمسيس). نشير إلى أنّ كتابه لم يصل إلينا إلاّ عبر ملخصّات نقلها المؤرّخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأوّل ب. م.