Echocardiography – تخطيط صدى القلب


 

جهاز تخطيط صدى القلب.

تخطيط صدى القلب أو فحص القلب التصواتي هو فحص للقلب باستخدام تقنية الموجات فوق الصوتية. يُعَد تخطيط صدى القلب من الفحوصات الطبية التصويرية غير الباضعة لحجرات القلب، ويتم التعرف خلال الفحص على قوة العضلة القلبية وعلى شكل وهيئة الصمامات القلبية، وما يعتريهما من أمراض.

مبدأ العمل

للحصول على تصوير للقلب تُستغل خاصية الأمواج فوق الصوتية في اختراق المادة والانكسار والانعكاس عند اختراق الأوساط الفيزيائية المختلفة، يحدث ذلك عند حدود هذه الأوساط. ومثال ذلك عند انتقال الصوت من الجلد إلى طبقات الدهن تحته، وكذلك عند عبور الموجات فوق الصوتية العضلة القلبية، وتظهر بالتالي حجرات القلب بشكل واضح[1].

أثناء مرور الموجات فوق الصوتية في حجرات القلب، فإن الدم يحمل هذه الموجات بعيداً، وبالتالي لا يعكس هذه الأمواج، مما يجعل الحجرات القلبية تظهر فارغة (باللون الأسود)، بينما يكون الانعكاس عن جدران القلب والصمامات أوضح، ويزداد وضوحاً في حالات تكلّس هذه الأجزاء[2].

تتكون أجهزة تخطيط صدى القلب من مجس باليد، وعلى وحدة معالجة، وعلى شاشة، كما يحوي على لوحة إدخال غالباً ماتحوي لوحة مفاتيح. يمكن للجهاز الواحد أن يستقبل عدة رؤوس مجسات، ويمكن استبدالها، لعمل تخطيط تصواتي عبر الصدر أو عبر المريء.

في طب القلب تستخدم موجات فوق صوتية بتردد يتراوح ما بين 2.0 – 3.0 ميجاهيرتز، والتي تصل لأعماق أكبر في جسم الإنسان، مما يسمح بمشاهدة كامل حجرات القلب، ويكون ذلك على حساب قدرة التمييز (بالإنجليزية: Resolution) ودقة الصورة[3].

تخطيط صدى القلب عبر الصدر

 

رسم توضيحي لموقع المجس عبر الصدر، المجس يوضع على الجلد.

يتم تخطيط صدى القلب عبر الصدر (بالإنجليزيةTTE transthoracal echocardiography) بوضع رأس المسبار الذي يبث موجات فوق صوتية بشكل مقطعي على الجلد عند جدار الصدر ما بين ضلعين، للوصول إلى تصوير للقلب من عدة جوانب، والحصول على مقاطع متعددة لحجرات القلب. عادة ما يُطلب من المريض الكشف عن صدره والاستلقاء إلى الجانب الأيسر. من ناحية مبدئية هناك نقطتان رئيسيتان لتخطيط صدى القلب، الأولى بالجانب الأيسر الأعلى لعظم القص، والثانية في المسافة بين الأضلاع المماثلة لقمة القلب.

1. السطر الأول يمثل المقاطع التي نحصل عليها عند تخطيط صدى القلب باستخدام النقطة المماثلة لقمة القلب.2. السطر الثاني يمثل المقاطع التي نحصل عليها عند تخطيط صدى القلب من الجانب الأيسر لعظمة القص.

يفيد التخطيط عبر الصدر في معرفة[4]:

يمتاز الفحص عبر الصدر بسهولة إجرائه، ورخص سعره بالمقارنة بالتصويرات الطبية الأخرى، كما يمتاز بأنه يمكن نقل جهاز تخطيط صدى القلب للمريض، بدل نقل المريض إلى غرفة فحص خاصة، مما يعطي أهمية للفحص في حالات الطوارئ[2].

تخطيط عبر المريء

 

رسم توضيحي يوضح مسبار الفحص التصواتي في مكانه فيالمريء، ومجاورته للقلب.

يتم تخطيط صدى القلب عبر المريء عن طريق مسبار يتم إدخاله عن طريق الفم إلى المريء، وذلك للحصول على “نافذة” أفضل موجات فوق صوتية|للموجات فوق الصوتية]] لرؤية الأقسام الخلفية من القلب، إذ أن هذه الجوانب تكون بعيدة عن الصدر، فتكون الصور التي يتم الحصول عليها من الصدر غير واضحة، بينما حينما يتم الفحص من المريء – الذي يُجاور القلب من الخلف مباشرة – أدق للأقسام الخلفية، كما يمكن إنتاج صور ثلاثية الأبعاد[5] لصمامات القلب.

يسمح التصوير عبر المريء بتحقيق تصوير بتمييز أعلى، وبخاصة للتفاصيل الدقيقة لحجرات القلب وصماماته، وذلك لأن المريء يقع مباشرة خلف القلب، بدون وجود الرئة كحاجز معيق بين مسبار الفحص وحجرات القلب، إذ أن الرئة بما تحتويه من هواء تعتبر معيقاً كبيراً لعمليات التصوير باستخدام الموجات فوق الصوتية. وتكون الدقة التصويرية أعلى من التصوير عبر الصدر[2] لأن المسبار يكاد يكون ملامساً للجدار الخلفي للقلب، ولايفصل بينهما إلا جدار المريء الدقيق نسبياً.

يمكن إجراء التصوير التصواتي عبر المريء بشكلٍ مشابه للتنظير الداخلي، حيث يُدخل المسبار – الذي يكون على شكل خرطوم (أنبوب) عبر البلعوم إلى المريء. يمكن أن يُصار إلى تهدئة المريض باستخدام منومات قصيرة الأمد، عندها يكون إدخال الأنبوب أصعب ولكن المريض لايلاحظ دخول الأنبوب فيشعر أن الفحص كان مريحاً أكثر. أو يمكن تشجيع المريض على التعاون وبخاصة إذا كان المريض يجري الفحص في عيادة خارجية ويرغب مثلاً في قيادة السياة أو القيام بعمل ما بعد الفحص. يُشترط لإجراء الفحص أن تكون المعدة فارغة، ولذلك لابد أن يمتنع المريض عن تناول الأطعمة ل 6 ساعات على الأقل قبل الفحص، وعن شرب السوائل لمدة ساعة إلى ساعتين قبل الفحص وذلك لتجنب التقيؤ أثناء الفحص.

 

صورة لمسبار الفحص التصواتي عبر المريء.

 

صورة ثلاثية الأبعاد للصمام التاجي.

دواعي الفحص عبر المريء

يتم إجراء الفحص عبر المريء في الحالات التي لاتكون ظاهرة عبر الصدر ومن دواعي الفحص عبر المريء[6]:

مراجع

  1. ^ مبادئ عمل تخطيط صدى القلب. (بحسب عرض 26.6.2009)وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  2. أ ب ت Harrison’s Principles of Internal Medicine; 15th Edition, pages 1271ff: ISBN 0-07-118319-1
  3. ^ Sono Grundkurs; Mathias Hofer, 4. Überarbeitete Auflage. ISBN 3-13-102914-5 وصلة لموقع باللغة الألمانية
  4. ^ Medlineplus: Echocardiogram شرح دواعي تخطيط صدى القلب عن صفحة المكتبة الوطنية الأمريكية للطب. (بحسب عرض 4.7.2009) وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  5. ^ Dynamic 3D echocardiography in virtual reality (بحسب عرض 9.7.2009). وصلة لموقع باللغة الإنجليزية
  6. ^ Transesophageal Echocardiography: Clinical Indications and Applications نقلاً عن صفحة جمعية القلب الأمريكية (بحصب عرض 9.7.2009). وصلة لموقع باللغة الإنجليزية

منمنمات

منمنمة فارسية تصور مشاهد صيدبهرام غور

 

يتميز التصوير الاسلامي‌ الذي‌ عرف‌ باسم‌ “المنمنمات‌” بخصائص‌ مميزة‌ تشمل‌ الجوانب‌ التقنية‌ و الأسلوبية‌ و الوظيفية‌ التي‌ يطمح‌ إليها هذا التصوير، و ينطلق‌ هذا كلّه‌ من‌ فلسفة‌ تتناول‌ الانسان‌ و الكون‌ و الدين‌ في‌ إطار عرفاني‌، و تربط‌ فلسفة‌ التصوير في‌ الاسلام‌ بين‌ العام‌ المادي‌ و بين‌ العالم‌ الروحي‌ ربطاً محكماً ينزع‌ إلى‌ الكمال‌ و يجعل‌ من‌ أعمال‌ الفن‌ نمطاً فريداً في‌ مزاياه‌، تقربه‌ من‌ أن‌ يكون‌ نوعاً من‌ ممارسة‌ طقس‌ ديني‌، و قد ارتبط‌ هذا النوع‌ من‌ التصوير بتطور المخطوطات‌ التي‌ تناولت‌ شتى‌ المعارف‌ العلمية‌ منها و الادبية‌، و ترقى‌ أقدم‌ المخطوطات‌ إلى‌ القرن‌ الثاني‌ عشر الميلادي‌، و إن‌ كانت‌ أعداد قليلة‌ منها معروفة‌ في‌ مصر و إيران‌ منذ القرن‌ التاسع‌ الميلادي‌، و لقد عرف‌ الرسم‌ اهتماماً واسعاً في‌ إيران‌ منذ القرن‌ السابع‌ الميلادي‌، حيث‌ تفاعل‌ الرسم‌ الإيراني‌ مع‌ الرسم‌ الصيني‌.

تلتقي‌ في‌ تصوير المنمنمات‌ الاسلامية‌ تأثيرات‌ عدة‌: عربية‌ و إيرانية‌ و صينية‌ و مغولية‌ و سلجوقية‌ و هندية‌ و تركية‌ و عثمانية. كما تظهر بعض‌ التأثيرات‌ البيزنطية‌ في‌ فترات‌ محددة‌، و خاصة‌ حول‌ القوس‌ المتوسطي‌، و يمكن‌ أن‌ نلحظ‌ تأثيراً باهتاً لها يفي ‌المنمنمات‌ المعاصرة‌.

ولفن‌ المنمنمات‌ عدة‌ مدارس‌، فهناك‌ المدرسة‌ البغدادية‌ و المدرسة‌ المغولية‌ و المدرسة‌ التيمورية‌، ثم‌ المدرسة‌ الصفوية‌ و المدرسة‌ المملوكية‌ و المدرسة‌ التركية‌ و المدرسة‌ الهندية‌، ثم‌ المدرسة‌ المعاصرة‌.

لقد تميزت‌ كل‌ من‌ هذه‌ المدارس‌ بميزات‌ خاصة‌ و يشكل‌ نشاطها مجتمعاً المسيرة‌ الرئيسية‌ لتطور فن‌ المنمنمات‌ في‌ العالم‌ الاسلامي‌. و لقد عملت‌ شعوب‌ العالم‌ الاسلامي‌ جميعها بدأب‌ إليى هذه‌ الدرجة‌ أو تلك‌ في‌ تطوير هذا الفن‌ الذي‌ يعتقد البعض‌ بأنه‌ “مولود الرسوم‌ الصينية” نظراً لغلبة‌ العرق‌ الأصفر على‌ الرسوم‌ بسماته‌ المميزة‌ و غزارة‌ التفاصيل‌ المرتبطة‌ بأسلحة‌ المغول‌ و عاداتهم‌ و تقاليدهم‌ و بيئتهم، وهي‌ تأثيرات‌ بقيت‌ ملحوظة‌ لفترة‌ من‌ الزمن‌، ثم‌ تضاءل‌ ظهورها تدريجياً تحت‌ ضغط‌ التأثيرات‌ المحلية‌، و ينطبق‌ هذا على‌ منمنمات‌ أغلب‌ المدارس‌ في‌ فتراتها المبكرة‌.

والواقع‌ أن‌ عبارة‌ منمنمة‌ تتصف‌ بسعة‌ دلالتها، فهي‌ إنتاج‌ فني‌ صغير الابعاد، يتميز بدقة‌ في‌ الرسم‌ و التلوين‌، و هو اسم‌ يطلق‌ عادة‌ على‌ الاعمال‌ الملونة‌ و غيرها من‌ الوثائق‌ المكتوبة‌ المزينة‌ بالصور أو الخط‌ أو الهوامش‌ المزخرفة‌، وقد حقق‌ فن‌ المنمنمات‌ المرتبط‌ بالمخطوطات‌ كمالاً رفيعاً خلال‌ القرون‌ الوسطى في‌ الشرقين‌ الأوسط‌ و الأدنى‌ و حتى في‌ أوروبا، و قد استخدم‌ لفظ‌ المنمنمات‌ للتعبير عن‌ أعمال‌ التصوير، و خاصة‌ الصور الشخصية‌ الصغيرة‌ الحجم‌، التي‌ كان‌ يجري‌ رسمها و تلوينها على‌ الخشب‌ و العاج‌ و العظام‌ و الجلود و الكارتون‌ و الورق‌ و المعدن‌ و غيرها من‌ المواد.

لعب‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ دوراً مهماً في‌ أكثر المدارس‌ الفنية‌ للمنمنمات‌، فقد تفاعلت‌ خبراتهم‌ في‌ كل‌ من‌ المدرسة‌ العباسية‌ في‌ بغداد، و خاصة‌ لدى‌ وصول‌ البرامكة‌ إلى‌ موقع‌ السلطة‌، فقد استجلب‌ هؤلاء العديد من‌ الفنانين‌ الإيرانيين‌ إلى‌ بغداد، فشاركوا في‌ تأسيس‌ مدرسة‌ المنمنمات‌ فيها، و قد عرف‌ من‌ المدرسة‌ السلجوقية‌ محاولة‌ الحفاظ‌ على‌ أصالة‌ الرسم‌ الإيراني‌ و سماته‌ المحلية‌ و أبعاده‌ عن‌ تأثيرات‌ الفن‌ الصيني‌، لكن‌ باستيلاء المغول‌ على‌ إيران‌ وظهور المدرسة‌ المغولية‌ تغيرت‌ ملامح‌ المنمنمات‌، إذ أوجد المغول‌ مدارس‌ في‌ تبريز و شيراز و مرو ارتبطت‌ بالأسلوب‌ الصيني‌، ثم‌ ظهرت‌ المدرسة‌ الهراتية‌ أو التيمورية‌ في‌ سمرقند و هي‌ من‌ أبرز مدارس‌ الرسم‌ الإيراني‌ على‌ وجه‌ الاطلاق، وعندما تأسست‌ المدرسة‌ الصفوية‌ في‌ العهد الصفوي‌ انتقل‌ مركز الفن‌ الإيراني‌ من‌ “هراة‌” إلى‌ “تبريز”، و تعتبر رسوم‌ المدرسة‌ الصفوية‌ صفحة‌ جديدة‌ في‌ الرسم‌ الإيراني‌.

لقد أسس‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ المدرسة‌ التركية‌ لفن‌ المنمنمات‌ بعد استقدامهم‌ من‌ قبل‌ السلاطين‌ العثمانيين‌، كالسلطان‌ سليمان‌ القانوني‌، كما و أن‌ المدرسة‌ الهندية‌ تأثرت‌ هي‌ الاخرى‌ بالفن‌ الإيرانية‌ بعد أن‌ انتشر الاسلام‌ في‌ الهند على‌ يدي‌ “بابر” حفيد تيمورلنك‌. و هكذا، و بهذه‌ الصورة‌ المكثفة‌ و المختصرة‌ إلى‌ أبعد الحدود يمكن‌ استنتاج‌ الدور الريادي‌ البارز الذي‌ لعبته‌ إيران‌ في‌ تطور فن‌ المنمنمات‌ عبر التاريخ‌ الذي‌ يمتد أكثر من‌ عشرة‌ قرون‌ في‌ بقاع‌ جغرافية‌ مترامية‌ الاطراف‌. لقد عكس‌ الفن‌ الإيراني‌ عبر تاريخه‌ مراحل‌ تطور الأمة‌، و عكس‌ أحداثها المهمة‌ و هموم‌ شعبها و تعاقب‌ أطوارها الحضارية‌، و تفاعلها مع‌ الأمم‌ الأخرى‌، فكان‌ الفن‌ في‌ إيران‌ مواكباً لمسيرة‌ الانسان‌ دائماً.
في هذه المساحة الصغيرة أود أن أعبُر إلى ما وراء السطور وأن أقرأ قلق الفنان الأول، ذلك الفنان الذي يهب عمراً بأكمله، أو يكاد، في سبيل إتقان عمله.. يبذل الساعات الطويلة والأيام والشهور وربما السنوات من أجل كتابة آية قرآنية قصيرة، متمثلاً باخلاص مغزى الحديث النبوي الشريف: (إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه)، فيحاول ما استطاع أن يترجم النور المشع من بين الحروف إلى تعبير فني عال وزخرفة رافلة بالفرح والدلال والطمأنينة الروحية.. تتحول الخطوط والألوان المتقشفة بين يديه إلى نوع من العبادة في ملكوت الوجد والعرفان، ثم يأتي فنان آخر، يغمس يديه بماء الطين ليشكل أباريق وكؤوس بهيجة مبرهناً على أن الانسان يمكن أن يجسد بدائع الحياة بعد أن منحه الله القدرة على الإبداع، فنان ثالث ينكب على قطعة خشبية يحفرها ويعرقها عبر خطوط دقيقة جداً راسماً منظراً حياً لصياد أو غزالة راقصة على العشب بأسلوب غاية في المهارة، ورابع يستعيد على النحاس زخرفات الأزمنة الماضية ونقوشها المعبرة عن القوة والاعتماد بالنفس في التروس والصولجانات والسيوف؟

لقد وصلتنا منمنمات الفنانين الإيرانيين البديعة كرسائل عابرة للزمن، تارة في شكل آنية أو خزفية أو منحوتة نحاسية أو خشبية أو قطعة من العقيق أو الحرير، وتارة في لوحة خط مزخرفة ومذهبة لتصير هوية مميزة للفن القادم من إيران، والحق أن مداها اتسع لتصير هوية للفن الاسلامي في كل مكان، فن عريق يميزه الانتماء للشرق بكل ما فيه من سحر وجمال.

ومما لا شك فيه أن ما يشد المشاهد إلى هذه الفنون جميعاً هو تلك النقاط المتوهجة والمشتركة بين فنون الحضارة الاسلامية، بمهاراتها ومضامينها الإنسانية الراقية، بل إن الباحث الجاد يندهش من جدال البعض حول شرعية الفن ولا شرعيته، وفي تراثنا الاسلامي شواهد لا حصر لها تجعل من مجرد التساؤل أمراً نافلاً ومن الإجابة بدهية لا تحتاج لبراهين، فلم يشكل انتشار الاسلام عائقاً أمام الفنون، بل إن الفنون المختلفة تطورت وازدادت ألقاً وتميزاً في فضائه، ثم إن الأهم هو نشوء ما يمكن تسميته بجمالية إسلامية خاصة، نابعة من الحس الحضاري الرفيع والعمق الروحي الذي من الصعب أن نجد مثيلاً له في فنوننا المعاصرة اليوم، ربما لهذا السبب تفاجأ بإقبال الجمهور الغربي على الفنون الشرقية بينما لا نلحظ الاهتمام ذاته من جانب الجمهور الشرقي نفسه في غالب الأحيان، وفي أمثلة كثيرة كان (المستشرق) هو الذي يقود الباحثين والنقاد إلى روعة الفنون في حضارتنا الاسلامية!

ولكن لم تكن الصورة دائماً بمثل هذا التجاهل، بل سبق العديد من الشعراء إلى استلهام معاني صورهم من روعة الجمال الأخاذ في المنمنمات، فنقرأ شاعر الحب والغزال نزار قباني وهو يقول: (حديثك سجادة فارسية/ وعيناك عصفورتان دمشقيتان/ تطيران بين الجدار/ وبين الجدار/ وقلبي يسافر مثل الحمامة/ فوق مياه يديك/ ويأخذ قيلولة تحت ظل السوار).. فالسجاد الفارسي بمنمنماته وتفاصيله الصغيرة شكل خلفية لكل تلك الصور اللاحقة في القصيدة.

أما إذا عدنا إلى السؤال الأول في أعلى الصفحة والذي تمحور حول مصدر (التصغير) والنمنمة في الفن فلعل في بيت الإمام علي (ع) وتأمل مضمونه أبلغ جواب: (وتعزم أنك جرم صغير/ وفيك انطوى العالم الأكبر). ملاحظة: هذه المقالة كتبت من وحي معرض (ربيع القرآن) الذي أقامه المركز الثقافي الإيراني بالدوحة حديثاً.

مدارس في فن المنمنمات

المدرسة‌ العباسية‌ (بغداد)

يقول‌ (بازيل‌ غمري) في‌ كتابه‌ (الرسم‌ الإيراني): «يجب‌ أن‌ تبدأ دراسة‌ الرسم‌ الإيراني‌ بالنسخ‌ الخطية‌ للعصر الفارسي‌، و المدرسة‌ العباسية‌ اسم‌ يطلق‌ على النسخ‌ الخطية‌ المذهبة‌ و المزينة‌ بالرسوم‌ التي‌ اهتم‌ بها الخلفاء العباسيون‌ و جمعوها في‌ عاصمتهم‌ بغداد». عرفت‌ اسبانيا هذا الفن‌ لمئات‌ السنين، إلا ان‌ شمال‌ أفريقيا لم‌ يشهد الا النمط‌ الهابط‌ منه‌. و حين‌ أمسك‌ البرامكة‌ بزمام‌ الامور في‌ الدولة‌ العباسية‌، قدم‌ عدد كبير من‌ الفنانين‌ إلى‌ بغداد ليكرسوا المدرسة‌ التي‌ اشتهرت‌ باسم‌ المدرسة‌ البغدادية‌ ، والحقيقة‌ ان‌ هذا الموضوع‌ يحتاج‌ إلى‌ دراسة‌ تاريخية‌ موسعة‌ ، الا ان‌ المعروف‌ تاريخياً ان‌ الكثير من‌ الآثار القيمة‌ لهذه‌ المدرسة‌ اتلفت‌ في‌ حوادث‌ نهب‌ مكتبات‌ بخارى‌ و سمرقند.

وكان‌ الفنانون‌ الإيرانيون‌ من‌ ذوي‌ الذوق‌ الرفيع‌ اول‌ مَن‌ قام‌ في‌ القرون‌ الاولى‌ للهجرة‌ بتذهيب‌ القرآن‌ الكريم‌ و تزيينه‌ ، و تزيين‌ حواشي‌ الكتب‌ بالنقوش‌ الاسليمية‌ و الخطائية‌ و انواع‌ الزخارف‌ . ثم‌ تطور هذا الابداع‌ فيما بعد و اصبح‌ للنقوش‌ الاسليمية‌ و الخطائية‌ اصولها و قواعدها المعروفة‌ ، و ربما سنحت‌ الفرصة‌ للحديث‌ عنها في‌ موقع‌ آخر. توسعت‌ هذه‌ النقوش‌ في‌ عصور السلاجقة‌ و المغول‌ و التيموريين‌ ، و تجاوزت‌ مجال‌ تذهيب‌ الكتب‌ لتشمل‌ الفسيفساء و نقوش‌ السجاد.

و بعد ابداع‌ التصاميم‌ و النقوش‌ المعروفة‌ ، ظهر فن‌ جديد هو رسم‌ الصور و القصص‌ ، تجلت‌ ارهاصاته‌ في‌ منمنمات‌ المدرسة‌ العباسية‌.

و يذكر (آرثر اپهام‌ پوپ) ان‌ هناك‌ نسخاً لكتاب‌ كليلة‌ و دمنة‌ و كتاب‌ في‌ البيطرة‌ الصيدلة‌ باسم‌ (دماتريا مديكا) و مقامات‌ الحريري‌ تحمل‌ رسوماً على‌ نمط‌ منمنمات‌ المدرسة‌ البغدادية‌ ، و في‌ سياق‌ الحديث‌ عن‌ المدرسة‌ العباسية‌ (بغداد) يقول‌ بازيل‌ غري‌: “باختصار لا يمكن‌ تحديد تفاوت‌ واضح‌ بين‌ المنمنمات‌ الإيرانية‌ التي‌ انجزت‌ في‌ العصر العباسي‌ و منمنمات‌ سائر انحاء آسيا ، و لعل‌ الفرق‌ الوحيد الذي‌ احدثه‌ الإيرانيون‌ هو الانسجام‌ في‌ اعمالهم‌ اثر حملات‌ المغول‌ على‌ بلادهم‌ ، ويبدو انهم‌ كانوا بحاجة‌ إلى‌ هزة‌ شديدة‌ ليكون‌ نبوغهم‌ قادراً على‌ تدجين‌ الفن‌ الجديد و تطييعه‌ بالوافد من‌ الشرق‌ الاقصى”.

المدرسة‌ المغولية: شهدت‌ هذه‌ الحقبة‌ تكاملاً ملحوظاً في‌ فن‌ الرسم‌ و اساليبه‌ التقليدية، فقد كان‌ فن‌ المنمنمات‌ في‌ العصر السلجوقي‌ محافظاً على‌ هويته‌ الإيرانية‌ المحضة‌ ، بعيداً عن‌ نفوذ الرسوم‌ الصينية‌ ، و بعد انقراض‌ السلاجقة‌ استطاع‌ الإيرانيون‌ ان‌ يحافظوا ـ بأعجوبة‌ ـ على‌ ثقافتهم‌ التقليدية‌ ، و حين‌ قدم‌ المغول‌ وقعوا تحت‌ تأثير الثقافة‌ الإيرانية‌ ، إلا انهم‌ أثروا كثيراً في‌ المسيرة‌ الفنية‌ التي‌ كانت‌ في‌ سبيلها نحو التكامل‌ ، فظهرت‌ مراكز و نتاجات‌ فنية‌ جديدة‌ في‌ تبريز و شيراز و مرو.

مدرسة‌ هرات‌

أعقب‌ المرحلة‌ المغولية‌ ظهور عهد فني‌ جديد في‌ إيران‌ حمل‌ اسم‌ مدرسة‌ هرات‌ ، و يطلق‌ عليها ايضاً المدرسة‌ التيمورية‌ او مدرسة‌ سمرقند و بخارى، اذ كانت‌ هاتان‌ المدينتان‌ مركزي‌ الفنون‌ عصرئذ.

يذكر التاريخ‌ ان‌ ثلاثة‌ من‌ خلفاء تيمور اتخذوا من‌ هرات‌ عاصمة‌ لهم‌ واهتموا بالثقافة‌ و الفن‌ خلافاً لسيرة‌ جدهما الذي‌ عرف‌ بدمويته‌، و كان‌ هؤلاء السلاطين‌ الثلاثة‌ (بايسنقر، شاهرخ‌، حسين‌ بايقرا) المؤسسين‌ الحقيقيين‌ لمدرسة‌ هرات‌ التي‌ يعتبرها بعض‌ اساتذة‌ المنمنمات‌ من‌ ابرز مراحل‌ تقدم‌ الرسم‌ في‌ إيران‌، و لعل‌ الاستاذ الأكثر ابداعاً في‌ تلك‌ الفترة‌ هو كمال‌ الدين‌ بهزاد الذي‌ يطلق‌ عليه‌ بعض‌ المستشرقين‌ اسم‌ هراتي‌. بلغ‌ التذهيب‌ و المنمنمات‌ غايتهما في‌ هذه‌ المدرسة‌ ، واصبحت‌ هرات‌ مركزاً تستقطب‌ النخبة‌ من‌ فناني‌ ذلك‌ العصر، و لعل‌ ابرز آثار هذه‌ المدرسة‌ كتاب‌ (خمسة‌ نظامي‌) للفنان‌ كمال‌ الدين‌ بهزاد، (گلچين‌) لاسكندر سلطان‌، (شاهنامه‌) لمحمد جركي‌، (بوستان‌ سعدي‌) لبهزاد و غيرها .

المدرسة‌ الصفوية‌

حين‌ امسك‌ الصفويون‌ بزمام‌ الامور انتقل‌ مركز الفن‌ في‌ إيران‌ من‌ هرات‌ إلى تبريز ، و ظهرت‌ بوادر التغيير ، فقد اتجه‌ الرسم‌ نحو الطبيعة‌ و خرج‌ من‌ الاطر الضيقة‌ للكتاب‌ إلى الرسوم‌ الجدارية‌ ، و برز اساتذة‌ كبار مثل‌ رضا عباسي‌ مؤسس‌ المدرسة‌ الصفوية‌ التي‌ تميزت‌ بوضوح‌ عن‌ المدرستين‌ المغولية‌ و التيمورية‌ ، و كانت‌ ميزتها الابرز انها كانت‌ أكثر رقة‌ من‌ سابقتيها . ومن‌ أبرز رموزها : رضا عباسي‌ ، خواجه‌ نصير بن‌ عبد الجبار استرآبادي‌ ، فرخ‌ بيك‌ ، ميرزا محمد تلميذ الخواجه‌ عبد العزيز وغيرهم‌ . و كان‌ لانفتاح‌ إيران‌ على‌ الغرب‌ ، و بلدان‌ آسيا في‌ العهد الصوفي‌ أثر كبير على فن‌ الرسم‌ ، أدى‌ إلى‌ ظهور آثار قمية‌ توزعتها المتاحف‌ العالمية‌ و الإيرانية‌ ولا شك‌ ان‌ العصر الصفوي‌ يمثل‌ مرحلة‌ جديدة‌ في‌ تاريخ‌ المنمنمات‌ الإيرانية‌. المدرسه‌ المعاصرة‌: شهدت‌ السنوات‌ المائة‌ الماضية‌ ازدهاراً في‌ المنمنمات‌ تجي‌ بظهور نتاجات‌ فنية‌ رائعة‌ . بدأ عصر الازدهار بعد انشاء مدرسة‌ كمال‌ الملك‌ عام‌ 1908 و قدوم‌ الاساليب‌ الفنية‌ الأوروبية‌ الحديثة‌ و اهتمام‌ الرسامين‌ الايرانين‌ بها.

و لصيانة‌ الاساليب‌ الإيرانية‌ من‌ الضياع‌ ، و تشجيع‌ الفنون‌ الإيرانية‌ التقليدية‌ و الصناعات‌ اليدوية‌ الوطنية‌ انشئت‌ مدرسة‌ فنية‌ اخرى‌ عام‌ 1930 و كان‌ فن‌ النمنمات‌ (المينياتور) من‌ بين‌ الفروع‌ التي‌ شملتها هذه‌ المدرسة‌ إلى‌ جانب‌ فروع‌ الصناعات‌ اليدوية‌ و الفنون‌ التقليدية‌ الاخرى، و قد اجرت‌ المدرسة‌ امتحاناً لاختيار الاستاذ قبل‌ بدء الدراسة‌ بعام‌ ، و كان‌ المشرف‌ على‌ الامتحان‌ الاستاذ حسين‌ طاهر زاده وبهزاد الذي‌ يعد مؤسس‌ الفنون‌ التقليدية‌ المعاصرة‌ في‌ المدرسة‌ الفنية‌ الوطنية‌ ، وأحد رموز فن‌ المنمنمات‌ في‌ إيران‌ ، و قد وقع‌ اختياره‌ على‌ المرحوم‌ هادي‌ تجويدي‌ ليكون‌ أول‌ أستاذ للمنمنمات‌ في‌ المدارس‌ المعاصرة‌.

هيرودت Herodotus


هيرودت (باللغة الاتينية Herodotus )

المؤرخ هيرودوت أو هيرودوتس باللغة الأغريقية واسمه مركب من لفظين هما : ” هيرا ” الآلهة اليونانية الشهيرة – و ” دوت ” أو ” دوتا ” بمعنى أعطى أو أهدى فالاسم يعني هدية هيرا أو عطاء هيرا عاش هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد (484 ق.م. – حوالي 425 ق.م.)

.ولد هيرودوت في هاليكارناسوس أحدى بلدان جنوب غرب آسيا الصغرى بين سنتي 490 و 480 ق.م ، وهو من أسرة من طبقة الصفوة الإجتماعية ،  وكانت أسرته محبة للعلم والشعر والاساطير ، تعمل في السياسة , لهذا اهتمت بتعليمه وتثقيفه ، وقد شغف منذ صغره بالدراسة والتعلم واهتم بقرائة الكتب المختلفة والاشعار والادب والملاحم ، وقد عاصر في بداية طفولته غزو الفرس بقيادة أحشويرش الأول بلاد اليونان ، وكان له عم أسمه وبانياسيس كاتباً وأديباً  , فقام بانياسيس بتعليم هيرودوت الشعر الملحمي فاحبه ، وجعله معجباً بهوميروس ، . وعندما كبر هاجر هيرودوت الى ساموس التي كانت مركزاً صناعياً وتجارياً ومركزاً ثقافياً هاماً ، ويرى بعض المؤرخين ان سبب تركه لبلدنه خلافه مع الطاغية هاليكارناسوس أنذاك هو ليجداميس ومشاركته في الثورة ضده وإثارته للناس ،

وبعد اقامته لمدة من الزمن في ساموس قام بأسفاره ورحلاته الواسعة حتى يشبع رغبته الجامحة للبحث عن والمعرفة العلوم ، زار خلال رحلته مناطق مختلفة في اوربا وافريقيا واسيا وقطع في رحلاته بحدود 1700 ميل ، ودامت أسفاره 17 سنة ،  اشتهر بالأوصاف التي كتبها لأماكن عدّة زارها وأناس قابلهم في رحلاته العديدة وسجل الكثير من الوقائع والأحداث الممتدة على مساحة مترامية الأطراف في اليونان وفارس ومصر والشام وبلاد العرب , وكان قد حضر إلى مصر وكتب ما شاهدة فيها مؤرخاً تاريخياً وبالطبع كان لغة كتابه الأغريقية , وكان وصفه دقيقاً وجديراً بالثقة , وكانت كتاباته ممتعه ومشوقة غير انه خلط التاريخ بالقصص الشائعة الدارجة على ألسنة العامة فى ذلك العرصر كما كتب كتباً عديدة عن السيطرة الفارسية على  اليونان ، أطلق عليه أسم ” أبو التاريخ “

وقضى أواخر أيامه في أثينا وفيها قرأ ودرّس من تاريخه في تلك المدينة كما درست في المدن اليونانية الاخرى ، ومنحه اهل أثينا مكافئة مالية كبيرة تقديراً لأعماله وكتاباته التاريخية والادبية الا انه لم يحصل على حق المواطنة الأثينية على الرغم منتقديمه طلباً لذلك ليستقر أخيراً في ثوري في جنوب ايطاليا قرابة عام 444ق.م. حيث أكمل كتابه ، وتوفي في عام 426 أو 425 ق.م.
أطلق هيرودوت على كتابه أسم Iotopins Attoaeievs أي ” تمحيص أو إثبات الأخبار ” فكلمة Iotopins اليونانية تعنى  Historia باللغة اللاتينية تعني ” الفحص ” أو ” البحث ” وتحت هذا العنوان جمع هيرودوت ما أستطاع معرفته وتسجيله من معلومات جغرافية وتاريخية ودينية وقصصية في كتابه عن الأمم التى زارها  ، . وكتبه التسعة هي : ــــ

الجزء الاول واسمه ” كليو ” ربة التاريخ . وموضوع هذا الجزء توسع الامبراطورية الفارسية في القرن السادس قبل الميلاد وذكر حروبها – و يحكي  فيه أربع قصص اسطورية لأربع فتيات هن ( آيو ) الإغريقية ، و ( أوربا ) الفينيقية ، و( ميديا ) الكولخية من منطقة البحر الاسود ، و ( هيلين ) الإسبارطية فبينما ارتبطت هذه الاخيرة بطروادة صارت ( آيو ) رمزاً للالهة المصرية إيزيس ، وقلدت ( أوربا ) اسمها لقارة اوربا ، وأهدت ( ميديا ) اسمها لبلاد ميديا في شمال ايران وكأن هيرودوت أراد بذلك أن يضع الأساس الجغرافي لموضوع بحثه التاريخي وكتابه ، ثم ينتقل بنا من الاسطورة الى التاريخ فيحدثنا عن

مملكة ليديا ( الاقليم الواقع على الشاطىء الغربي لآسيا الصغرى) ويسرد تاريخ ظهور تلك المملكة وتاريخ ملوكها .ثم يركز على ملكها كرويسوس ( 560 ـــ 546 ق.م. ) ويمهد للحديث عم الملك الفارسي كورش الكبير ( 557 ـــ 530 ق.م. ) بإعطاء وصف تاريخي لمملكة ميديا وحكم استاجيس الميدي جد كورش من جهة الأم والذي أطاح به كورش فيما بعد ، ثم يعرض وصفاً لأعراق الفرس وأجناسهم ويعقبه بوصف للشعوب التي كانت تسكن شرق اليونان من الأيونيين والدوريين والأيوليين باعتبارها المناطق المجاورة للإمبراطورية الفارسية آنذاك بعد هزيمة كرويسوس عام 545ق.م. وسقوط مملكته في أيدي الفرس .
الجزء الثاني ويحمل اسم ” يوتربي ” ربة الموسيقى أو العزف على الناي . وهو عن مصر وقد أراد بهذا ان يمهد للحديث عن حملة الملك الاخميني قمبيز على مصر التي يتناولها في الجزء الثالث ، فيصف طبيعة مصر ومناخها وسكانها وأجناسها ثم يتحدث عن النيل ومنابعه ومصباته وفيضانه ثم يعرض لتقاليد المصريين وعقائدهم وتاريخ ملوكهم وعملية التحنيط عندهم ، ثم يصف ما شاهده من الاهرامات وقصر التيه وغير ذلك من الامور المتصلة بأوضاع مصر إبان الحكم الفارسي لها في القرن السادس قبل الميلاد ، كما يتناول الجالية الإغريقية في مصر ومعبدها أمون في واحة سيوه . علماً انه قد استهله بذكره لحكاية هي أقرب الى الاسطورة من خلال تحدثه عن قصة التنافس على الأقدمية والعراقة بين المصريين والفريجيين .
الجزء الثالث ويحمل اسم ” ثاليا ” ربة التراجيديا أو المأساة .يكرس بدايته عن فترة حكم قمبيز ( 530 ــ 521 ق.م ) وبشرح الأسباب التي دفعت الفرس لغزو مصر ، وشارك أباه كورش في التخطيط والإعداد لذلك الغزو ، ثم يصف الحملة على مصر ونجاح قمبيز في هزيمة أمازيس ملك مصر في معركة الفرما ودخول العاصمة المصرية ممفيس وذلك في عام 525ق.م. ثم يصف لنا الحملات الثلاث التي شنها قمبيز على كل من القرطاجيين و الأثيوبيين و الآمونيين و وباءت جميعها بالفشل ، فلم يستطع هزيمة القرطاجيين لتقاعس الفينيقيين ــ وهم العمود الفقري لقونه البحرية ــ عن مشاركتهم في محاربة ابناء جلدتهم القرطاجيين وكانت العواصف الرملية سبباً في فشل حملته على الأمونيين كما عاد من أثيوبيا بعد أن منّى نفسه بالذهب والمال راضياً بغنيمة الإياب وانعكس ذلك الفشل في سوء معاملته للمصريين أسراً حاكمة ومحكومين ، بعد ذلك يتحدت هيرودوت في شرحه للحرب الساموسية ـــ اللاكيميديونية ، بعده يعود لوصف فترة التحول من حكم قمبيز الى حكم دارا الأول ومن ثم ّ يقدم مسحاً شاملاً لمملكة دارا وليبدأ موضوع بحث مفصل مطول يستغرق بالإضافة الى ما شمله هذا الجزء ،

الاجزاء الثلاثة التي تليه أي حتى بداية الجزء السابع وذلك هو فترة حكم دارا الأول ( 521 ـــ 486 ق.م. ) .
الجزء الرابع ويحمل اسم ” ميلوميني ” ربة الكوميديا أو الملهات . ذكر فيه غزو دارا الأول لبلاد السكيث فيصف في البداية شعب السكيث وعاداته ثم يعدد قبائله ثم يتحدث عن القارات الثلاث أسيا وأوربا وأفريقيا ويعدد سكانها ثم يعود مرة أخرى للحديث عن السكيث وعاداتهم ذاكراً بعد ذلك تفاصيل حملة دارا على بلاد السكيث ويصف المعارك بين الفرس والسكيث ويطرق موضوعاً جديداً حول قصة الإغريق سكان جزيرة ثيرا وهجرتهم إلى قورينه في منطقة برقة في ليبيا ويتحدث بالتفصيل عن ليبيا وطبيعتها وبلدانها وقبائلها وعاداتها.
الجزء الخامس ويحمل اسم ” تربسيخوري ” ربة الرقص الغنائي . ويتناول هيرودوت في هذا الجزء والذي يليه حملة دارا على أوربا ، فيبدأ بوصف الدردنيل وبلاد تراقيا والسيجيناي على نهر الدانوب ثم مقدونيا وبعدها أيونيا ثم يتحدث عن الثورة الأيونية عام 499 ٌ.م. وعن تحرير أثينا من حكم الطغاة لينتقل الى موضوع الكتابة عند الإغريق واستخدامهم للأبجدية الفينيقية في أول الأمر ثم يذكر تاريخ أثينا ومشاركتها الأيونيين في محاربة الفرس وحرق سارديس عام 497 ق.م. ثم قيام الجيش الفارسيبمطاردة الأيونيين والأثينيين وإلحاق الهزيمة بهم ويمتنع الأثينيون بعد ذلك عن مساندة الأيونيين ثم يشير إلى ثورة قبرص على الفرس وطلبها المساعدة من الأيونيين وتمكن الفرس بوساطة الفينيقيين من إخماد الثورة .
الجزء السادس ويحمل اسم ” أراتو ” ربة الشعر الغنائي أو الأناشيد . يواصل حديثه الذي بدأه في الجزء الخامس عن حملة دارا الأوربية فيشير إلى انضمام هيستيايوس طاغية ملطية للثورة ضد الفرس ثم يذكر هزيمة الأيونيين في لادي واستيلاء الفرس واخضاع إرتريا على يد ماردونيوس ( صهر الملك دارا ) عام 490 ق.م. وموقعة ماراثون التي انتصر فيها اليونانيون عام 490 ق.م. ثم يذكر الحرب الإيجينيه ـــ الأثينيه عام 487 ق.م. والتي انتهت بانتصار الأثينيين ويعود إلى تفاصيل معركة ماراثون .
الجزءالسابع ويحمل اسم ” بوليهيمنيا ” ربة فن التمثيل . يبدأ في هذا الجزء بذكر رد الفعل من قبل دارا ملك الفرس إزاء هزيمة الماراثون وتجهيزاته لإرسال حملة كبيرة إلى اليونانلكن دارا يموت عام 486 ق.م. فيخلفه ابنه احشويرش وتقوم ثورتان في مصر وبابل عام 480 ق.م. عرقلتا خطة الانتقام من اليونان إزاء معركة الماراثون وحريق سارديس ، بعدها يصف عمليات التجهيز والبناء لقناة جبل أتوس ، ثم يقدم وصفاً لسير الجيوش ، واستعدادات الإغريق وانتخاب إسبارطة بما إسبارطة بما لها من قوة عسكرية لتتزعم حلفاً دفاعياً ضم نحو إحدى وثلاثين مدينة إغريقية في مؤتمر كورنثه عام 481 ق.م. وتوجههم الى جيلون حاكم صقليه طالبين منه الانضمام اليهم ، وموقف الكريتيون واستطراده حول تاريخ كريت .
الجزء الثامن ويحمل اسم ” أورانيا ” ربة الفلك . يبدأ من دون تمهيد لهذا الجزء بوصف المواجهات البحرية بين الفرس واليونان عند رأس أرتمسيوم في أقصى الشمال الشرقي لجزيرة بيوبيا وفي تلك المعركة البحرية أظهر تميستوكليس القائد الإغريقي كفاءة عالية وفي الوقت نفسه كانت هناك معركة حامية الوطيس تجري بين الجانبين اليوناني والفارسي داخل بيوبيا وتصدي اليونانيين لهم عند دلفي ، بعدها يتناول معركة سلاميس التي خسرها الفرس وقرر أحشويرش على إثرها العودة إلى أسية الصغرى عبر مضيق الدردنيل . .
الجزء التاسع ويحمل اسم ” كالليوبي ” ربة شعر الملاحم . يركز في هذا الجزء على بسط تفاصيل معركتي بلاطية وموكالي في عام 479 ق.م. بين الفرس واليونانيين ، إذ إنه حتى ربيع ذلك العام لم تكن هناك مؤشرات واضحة على أن الإغريق سيتمكنون من طرد الفرس من أوربا ، ويعرض في البداية قيام القائد الفارسي ماردونيوس باحتلال أثينا ، ثم زحف الإسبارطيين نحوها ثم انسحاب ماردونيوس منها والاتجاه شمالاً عند بلاطية ثم يفصل سير المعركة بين الجانبين وتمكن الإغريق من إلحاق الهزيمة بالفرس وقتل قائدهم ماردونيوس وانسحاب الجيش الفارسي وعودته إلى بلاده كما يتناول معركة موكالي فيشير إلى وضع الأيونيين تحت سيطرة الفرس في ظل وجود الأسطول الفارسي عند جزيرة ساموس ، ويبين أنه كان لدى الأثينيين رغبة في تحرير أيونيه من أيدي الفرس ويعرض بالتفصيل تحرك الأسطول اليوناني من أثينا وتوجهه نحو ساموس ثم انسحاب الأسطول الفارسي إلى الشاطىء المقابل لسفح جبل موكالي حيث تدور المعركة بين الأسطولين وتنتهي بعد معركة حامية شارك فيها الأيونيين بتدمير سفن الفرس وهزيمتهم وطرد حكامهم من المدن الأيونية كافة .
ترجمة كتاب هيرودويت
أهتم العالم القديم بنسخ كتاب تاريخ هيرودوت منذ القدم وظهرت له طبعات فى الأزمنة الحديثة بداية من عام 1450م وباللغتين اليونانية واللاتينية ، اضافة الى طبعات اخرى بلغات أخرى أوربيه مختلفه  .

أما فى اللغة العربية فقد قام بترجمة تاريخ هيرودت ألأستاذ عبد الإله الملاح – وراجعة : د. أحمد السقاف و د. حمد بن صراي – منشورات : المجمع الثقافي أبو ظبي – عرض وتقديم : الدكتور أكرم محمد عبد كسار – سنة النشر : 2001م – عدد الصفحات : 751 صفحه بضمنا ملحقاً للخرائط
ومعظم ترجمات كتاب هيرودت عن التاريخ عن الترجمة الانكليزية التي نقلها جورج رولنسون بطبعتها المنقحة الصادرة عام 1936م عن اللغة اليونانية لأنها اتسمت بالدقة ووضوح العبارة واقتراب نصها من ذوق القارىء المعاصر .

مانيتون

نشا المؤرخ المصرى – الأغريقى  مانيتون وهو من كتبه تاريخ مصر القديمة في عصر بطليموس فيلادلف حوالى سنة 263 ق.م وقد كاهن هليوبوليس , وقد ألف كتاب فى تاريخ مصر باللغة االإغريقية , وقد ضاع معظم أجزاء هذا الكتاب ولم يصل إلينا ما عنى بنسخة (نقله) الكتاب ومؤرخو العصور الأولى بعد الميلاد , ولا يعتمد المؤرخون على ما جاء فى هذا الكتاب إلا فى الوقائع التى أثبتتها وثائق ومصادر أخرى , وأهم ما نقلوه من كتابه أعمال ملوك عصره لأنه نقل ما شاهده , وكان يشك فى ذلك ايضاً , ولكن أيتتها الأكتشافات الحديثة , وقد قام بكتابة تاريخه بالملك مينا وقسم الملوك الذين من بعده إلى أسر عددها 31 أسرة حكمت مدة 3555 سنة

 

ديودور

. حوالي السنة 300 ق. م. خصّص هيكاتيس الأبديري صفحة طويلة لليهود في كتاب سمّاه “مصريّات”. ضاع الكتاب، ولكنّ ديودورس الصقلّي (مؤرّخ في القرن الأوّل ب. م.) احتفظ بهذه الصفحة.

مانيتون
ودُوِّنت “مصريّات” أخرى على يد المصري مانيتون في القرن الثالث ق. م.، بناء على طلب الملوك البطالسة. وكان ذلك يوم كان بيروسيويس، ابن بلاد الرافدين، يدوّن للسلوقيين “البابليات”. تحدّث مانيتون عن الخروج وماثله مع طرد الهكسوس (أو الملوك الرعاة) الذين تسلّطوا على مصر في القرن السابع عشر ق. م. سار على خطى هيكاتيس، فنسب هذا الطرد إلى نجاسة حلّت باليهود الذين اصيبوا بالبرص. مزج مانيتون أحداث السلالة المصرية الثامنة عشرة (أمينوفيس، تحوتمس) والسلالة التاسعة عشرة (سيتي، رعمسيس). نشير إلى أنّ كتابه لم يصل إلينا إلاّ عبر ملخصّات نقلها المؤرّخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأوّل ب. م.