الدم سائل الحياه

الدم سائل الحياة الذي يمر عبر الجسم البشري ولا يمكن أن نعيش بدونه. يقوم القلب بضخ الدم لكل خلايا الجسم ويؤمن لها الأكسجين والغذاء. وفي نفس الوقت يعود الدم من الخلايا حاملاً ثاني أكسيد الكربون وفضلات أخرى. يحارب الدم الالتهابات أيضًا ويحافظ على حرارتنا ثابتة، ويحمل المواد الكيميائية التي تنظم وظائف عديدة في الجسم. وبالدم أيضًا مواد تسد الأوعية الدموية المهترئة ولذلك فهو يحمينا من النزف المؤدي للموت.

عندما تمتص خلايا الدم الحمر الأكسجين فإن الدم يأخذ اللون الأحمر الذي يميزه. لذلك، فالدم المتسرب من الأوعية المهترئة خارج الجسم يبدو أحمر ناصعًا بسبب وجود الأكسجين في الهواء. والدم الذي يحمل الأكسجين لخلايا الجسم له نفس اللون الأحمر الناصع. لكنه يعود بلون قاتم محمر بعد تحريره من الأكسجين.

تتعلق كمية دمك بالوزن وارتفاع المكان الذي تعيش فيه. فالشخص الذي يزن 80 كجم يحتوي جسمه على حوالي 5 لترات من الدم، بينما يكون لدى الطفل الذي يزن 40 كجم نصف هذه الكمية، ولدى الرضيع الذي يزن 4 كجم 250 مليلتر من الدم. ويمكن أن يكون لدى الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن المرتفعة ـ التي يكون فيها الهواء أقل أكسجينًًا ـ دمًا أكثر بـ 2 لتر من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المنخفضة. ويطلق الدم الزائد كمية أكثر من الأكسجين لخلايا الجسم.

تبحث هذه المقالة في الدم لدى الإنسان. يجري الدم أيضًا عبر أجسام الكلاب، والقطط، والطيور، والحشرات، وحيوانات عديدة أخرى. لا تحتوي الحيوانات البسيطة مثل قنديل البحر، والإسفنجيات على الدم لكي تعيش

تركيب الدم

 

يتألف الدم من خلايا تتحرك في سائل مائي يدعى البلازما. تعرف الخلايا بالعناصر المُشكَّلة لأنها تمتلك شكلاً محددًا. وتحدد هذه العناصر المُشكلة ثلاثة نماذج من الخلايا: 1ـ الكريات الحمر، 2ـ الكريات البيض، 3ـ الصفيحات. يحوي ميكرو لتر الدم عادة ما يتراوح بين 4 ملايين و6 ملايين من الكريات الحمر، وبين5,000 و10,000 من الكريات البيض وبين150,000 و500,000 صفيحة. تدعى الكريات البيض والحمر أيضًا بالجسيمات.

 

البلازما. هي السائل الموجود في الدم وله لون أصفر باهت، وتشكل حوالي 50 ـ 60% من حجم الدم العام. أما العناصر المشكلة فتؤلف الحجم الباقي.

تحتوي البلازما على 90 % ماءً. ويحدد التوازن الدموي مئات من المواد الأخرى؛ منها البروتين الذي بوساطته يتجلط الدم ويدافع ضد الالتهاب والمغذيات الذائبة (الغذاء)، والفضلات. تحمل البلازما مواد كيميائية أيضًا تدعى بالهورمونات التي توجه النمو وبعض الوظائف الدموية الأخرى.

 

الكريات الحمر. تدعى أيضًا بالخلايا الحمر، وتحمل الأكسجين لأنسجة الجسم وتأخذ ثاني أكسيد الكربون. للكرية الحمراء شكل مسطح يشبه القرص، وهي رقيقة في الوسط أكثر من الأطراف، وتشبه الكعكة المدورة ولكن دون ثقب في الوسط. تتألف الكريات الحمر بشكل رئيسي من الهيموجلوبين، وهو بروتين حامل للأكسجين، وهو الذي يعطي الكريات اللون الأحمر. تحوي هذه الخلايا أيضًا العناصر الكيميائية وبشكل خاص الإنزيمات التي تمكن هذه الخلايا من تنفيذ العمليات الكيميائية الضرورية بشكل أكثر فعالية. يحيط بكل كرية حمراء غشاء مَرن. يكون الغشاء مرنًا بشكل يسمح بمرور هذه الخلايا عبر أدق الأوعية الدموية. تحتوي معظم الأنواع الخلوية على نواة تشرف بوساطة بنيتها المركزية على معظم الأنشطة الخلوية. لكن الكريات الحمر الناضجة خالية من النواة.

 

الكريات البيض. تدعى أيضًا بالخلايا البيض، وتكافح الالتهابات والمواد المؤذية التي تهاجم الجسم. معظم هذه الخلايا مستديرة وعديمة اللون ولها أحجام عديدة وتختلف أشكال نواها.

تقتل بعض أنواع الكريات البيض البكتيريا وذلك بالإحاطة بها وهضمها. تنتج أنواع أخرى منهاالأجسام المضادة التي هي بروتينات تقضي على البكتيريا والفيروسات ومغيرات أخرى، أو تجعلها عديمة الأذى.

 

الصفيحات. تعرف أيضًا بخلايا التخثر. بنيتها شبيهة بالقرص وهي تساعد على إيقاف النزف. وهي أصغر العناصر المشكَّلة في الدم. وإذا قُطع وعاء دموي، تلتصق الصفيحات في حافة القطع ثم تصل الحافة الأخرى، وتشكل بذلك سدادة. عندها تطلق وتحرر مواد كيميائية تتفاعل مع مولد الليفين ومع بعض البروتينات الموجودة في البلازما، بحيث تؤدي إلى تشكيل الجلطة الدموية في نهاية الأمر.

 

ماذا يعمل الدم في الجسم

 

الأعمال الرئيسية للدم هي نقل الأكسجين والعناصر المغذية إلى أنسجة الجسم والتخلص من الفضلات. وحتى يؤدي الدم هذه الوظائف، يجب أن يجري في كل أجزاء الجسم. ويتم ذلك بوساطة الجهاز الدوري الذي يتألف من القلب وشبكة واسعة من الأوعية الدموية ومن الدم نفسه.

يضخ القلب الدم إلى كافة أنسجة الجسم. يترك الدم القلب ليمر عبر الشرايين ويعود عبر الأوردة. تصبح الشرايين داخل الأنسجة أصغر فأصغر.

 

أصغر الأوعية الدموية هي الشعيرات وتتصل بأدق الشرايين وأدق الأوردة. ويمر الأكسجين والغذاء والمواد الأخرى من الدم عبر جدر الشعيرات لتدخل في الأنسجة. كما يمر ثاني أكسيد الكربون والفضلات الأخرى من الأنسجة عبر جدر الشعيرات وتدخل إلى مجرى الدم. يعود الدم إلى القلب عبر الأوردة الكبيرة. ولمزيد من المعلومات حول كيفية حركية الدم في الجسم..

نقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون. تمتص كل الخلايا الحية في جسمك الأكسجين باستمرار وتطرح ثاني أكسيد الكربون. يُنقل الأكسجين لأنسجة جسمك بشكل رئيسي بوساطة الهيموجلوبين الموجود في الكريات الحمر. يرتبط كل جزيء هيموجلوبين بسهولة مع أربع جزيئات أكسجين.

 

الشعيرات تكون جهاز التبادل للدم. يحمل الدم الغذاء والأكسجين عبر الشرايين إلى الشرايين الصغيرة، ومن ثم إلى الشعيرات، حيث يبادل الدم الغـذاء والأكسجين مقابل الفضلات ثم يعود بها إلى القلب عن طريق الأوردة الصغيرة.

 

 

 

عندما تستنشق، يدخل الهواء إلى الأسناخ (الأكياس الهوائية) الموجودة في رئتيك. ويمر الأكسجين عبر جدر الشعيرات التي تحيط بكل سنخ ويرتبط بالهيموجلوبين. وتنحل كمية من الأكسجين في البلازما أيضًا. تتأثر الروابط التي تربط جزيئات الهيموجلوبين بالأكسجين بمستوى الأكسجين في الخلايا. وإذا كان مستوى الأكسجين منخفضًا، تتكسر الروابط بسهولة فيخرج الأكسجين. تستعمل خلاياك الأكسجين لتنتج الطاقة. وينتج عن هذه العملية ثاني أكسيد الكربون الذي يمر من الخلايا عبر جدر الشعيرات. وتذهب معظم كمية ثاني أكسيد الكربون إلى البلازما ولكن بعضها يرتبط بالهيموجلوبين. عندما يصل الدم إلى الشعيرات في رئتيك، يمر ثاني أكسيد الكربون إلى الحويصلات الهوائية ويطرد بالزفير..

معظم الشعيرات تكون دقيقة جدًا بحيث يتعين على الخلايا العبور في صف واحد. ينساب الغذاء والأكسجين عبر جدر الشعيرات الرقيقة. يرشح ثاني أكسيد الكربون والفضلات الأخرى عبر جدرها. ثم يعود الدم بها بعد ذلك إلى القلب


 

 

نقل المغذيات والفضلات. يصل الغذاء إلى أنسجة جسمك بوساطة الدم. وبعد أن يمر الغذاء عبر معدتك، يدخل الأمعاء الدقيقة، حيث تكتمل عملية الهضم. يحتوي جدار الأمعاء الدقيقة على ملايين من نتوءات أصبعية الشكل تدعى الزُغَابَات. تمتص الزغابات جزيئات الطعام حيث يدخل لشبكة الشعيرات المحيطة بكل زغابة ثم يمر إلى الدم. ويرتبط العديد من المغذيات ببروتين البلازما المسمى ألبومين (الزلال) الذي يحملها لأنسجة الجسم.

تستعمل خلاياك المغذيات لإنتاج الطاقة اللازمة للنمو الخلوي وللتكاثر، بالإضافة لوظائف أخرى. وعند إنتاج الطاقة تتولد الفضلات في الخلايا التي بدورها تخرجها.

 

تدخل الفضلات مجرى الدم، ويرتبط كثير من الفضلات بالألبومين، أو ينحل في البلازما التي تنقلها إلى الكبد. ويرّشح الكبد الفضلات والمواد الضارة الأخرى من الدم. ويحوّل الكبد بعض الفضلات إلى مركب يسمى اليوريا. ويحمل الدم اليوريا إلى الكليتين ثم تخرج في البول.

 

قتل البكتيريا بوساطة خلية البلعمة، (نوع من خلايا الدم البيض)


الوقاية من الأمراض. تؤدي الكريات البيض دورًا مهمًا في جهازك المناعي، حيث تساعد جسمك على المقاومة ضد العناصر المسببة للمرض. تنشّط المادة الضارة المغيرة على الجسم خلايا الدم البيض التي تعمل عندئذ على إتلاف هذه المادة. وتحارب بعض البروتينات الموجودة في البلازما المرض أيضًا. توجد خمس مجموعات رئيسية من الكريات البيض.

وتهاجم ثلاثة أنواع من الكريات البيض الجراثيم، وبشكل خاص البكتيريا، وتقضي عليها. والعملية التي تقوم بها تدعى البلعمة، وفيها تحيط كرية بيضاء بالجرثومة ثم تقتلها بوساطة الإنزيم. يدعى هذا النوع من الكريات البيض البلاعم.

تعد العدلات أكثر أنواع البلعمات عددًا. وهي تحارب بشكل رئيسي الالتهاب البكتيري (الجرثومي). فعندما تهاجم البكتيريا الجسم، تترك العدلات مجرى الدم وتتحرك للمنطقة المصابة. والوحيداتمثل العدلات، تترك مجرى الدم وتتحرك إلى الأنسجة المصابة حيث تتطور لتصبح خلية بلعمة. ولا تقتل البلعمات الجراثيم فقط وإنما تقضي على الخلايا المسببة للسرطان. وبالإضافة لذلك، فهي تساعد على إنتاج الأجسام المضادة. والحمضات (اليوزينيات) هي الخلايا البيضاء الثالثة، وهي أنْدرُها، وتكون قادرة على البلعمة حيث تدافع عن الجسم تجاه الطفيليات.

 

ويوجد أعداد من نوع رابع من الكريات البيض في الدم وهي اللمفاويات لا تقوم بعمل البلعمات، وبدلاً من ذلك فهي تكون الجزء الخلوي المهم للجهاز المناعي حيث تقوم بالتّعرف والاستجابة للفيروسات النوعية والجراثيم، وغازيات الجسم الأخرى. يوجد نوعان رئيسيان من اللمفاويات:الخلايا التائية والخلايا البائية. وتنتج الخلايا البائية الأجسام المضادة وتطلقها إلى داخل البلازما حيث تجول بالدم في شكل بروتينات الجلوبيلين. وتكافح هذه البروتينات، وبشكل خاص جلوبيلين جاما، الالتهابات. انظر:  جاما، جلوبيلين؛ الجلوبيلين.

تطلق الخلايا التائية مواد تتحكم في نشاط الخلايا البائية وتفرز أيضًا مواد تنشط البلعمات، وتساعد بذلك في القضاء على الكائنات الضّارة. ولم يتأكد العلماء من أي وظيفة خاصة بالنوع الخامس من الكريات البيض الدموية التي تدعى القعدات وهي مثل الحمضات نادرة الوجود في الدم.

للحصول على معلومات أكثر عن كيفية عمل الكريات البيض لمساعدتنا في مقاومة المرض، انظر:المناعة.

حمل الهورمونات. تدعى الأعضاء التي تنتج الهورمونات بالغدد الصماء. وهي تفرزها مباشرة في الدم. فالهورمونات تدخل البلازما وتعمل بمثابة “مراسيل كيميائية”. يقوم الهورمون بنشاط عندما يصل لأحد أجزاء الجسم. فقد يؤثر على النمو، وعلى عمليات التكاثر، وكيفية استعمال الغذاء من قبل الجسم، وبعض الوظائف الأخرى. انظر:  الغدة؛ الهورمون.

توزيع الحرارة في الجسم. تنتج كل الخلايا النشطة حرارة. ولكن بعض الخلايا ـ وبخاصة خلايا العضلات والغدد ـ تنتج حرارة أكثر من غيرها. تدخل الحرارة مجرى الدم وتمر خلال جسمك. تتسرب الحرارة الزائدة من جلدك ـ إذا لم يوزع الدم الحرارة ـ وهكذا تصبح بعض مناطق الجسم ذات حرارة شديدة، بينما تبقى المناطق الأخرى باردة. ولهذا، فإن دوران الدم ينظم حرارة الجسم.

 

كيف يحافظ الجسم على مورده من الدم

لا يمكن أن تعيش بدون مخزون ذاتي من الدم الصحيح. وبالإضافة لذلك، فإن كمية متنوعة من مشتقات الدم (أجزاء) يجب أن تبدّل باستمرار حسب احتياجات جسمك من الدم. وهناك مواد تدعى عوامل نمو مكونات الدم تشرف على إنتاج الكريات الحمر، والكريات البيض، والصفيحات. يبقي جسمك على إمداده من الدم بوساطة 1- تنظيم حجم مكونات الدم 2- التحكم في النزف، و3- تعويض مشتقات الدم المستهلكة.

 

تنظيم حجم مكونات الدم. ينظّم حجم كل نوع من مكونات الدم باستمرار بحسب حاجة الجسم إليه. تشرف بروتينات البلازما ـ وبشكل خاص الألبومين ـ على حركة البلازما بين الشعيرات والخلايا. تمر العناصر الذائبة عادة، مثل المغذيات من البلازما إلى جدران الشعيرات. أما إذا انخفضت كمية الألبومين دون المستوى الطبيعي فإن البلازما تمر إلى داخل الأنسجة. وبعكس ذلك، فإذا ارتفع تركيز الألبومين، فإن الماء ينساب من الأنسجة إلى البلازما.

يرتبط حجم الكريات الحمر بكمية الأكسجين اللازمة لأنسجة الجسم. تنتج الكليتان هورمونًا يدعىإيريثروبويتين ينشط إنتاج هذه الخلايا. وعندما تحتاج الأنسجة للأكسجين، تنتج الكليتان كمية زائدة من الإيريثروبويتين، فتسبب زيادة في إنتاج الكريات الحمر. وعندما تنقص متطلبات الجسم من الأكسجين فإن إنتاج الإيريثروبويتين ينخفض. ويمكن لبعض الأمراض أن تخفض أيضًا من إنتاج الكريات الحمر.

تشرف عوامل نمو أخرى على عدد الكريات البيض والصفيحات، بحيث ترتفع وتنخفض تبعًا لحاجة الجسم. فمثلاً يؤدي حدوث الالتهابات لارتفاع عدد الكريات البيض المدافعة ضد الجراثيم، ويماثل ذلك حدوث النزف الحاد الذي يقود لارتفاع عدد الصفيحات، وبهذا يزيد من قدرة الدم على تشكيل الجلطة.

 

التحكم في النزف. يمكن أن تنزف حتى الموت من جرح صغير إذا لم يتجلط دمك. يسبب جرح وعاء دموي تحرك الصفيحات إلى مكان الجرح ثم التصاقها بالسطح التالف مشكلة السدادة التي تصل حافتي الجرح.

تحتوي البلازما على بروتينات تسمى عوامل التخثر (التجلط) تجول عادة في الدم دون أن تؤدي وظيفة. أما إذا حدث تلف في وعاء دموي، فإن السدادة الصفيحية والوعاء المصاب يطلقان مواد كيميائية تتفاعل مع عوامل التخثر.

وأخيرًا يتحول بروتين البلازما المسمى فايبرينوجين إلى خيوط لزجة تسمى فيبرين (الليفين). تتقاطع متصالبة الواحدة تلو الأخرى مُشكلّة شبكة تعلق فيها الكريات الحمر والسدادة الصفيحية حيث تسد بإحكام فوهة الجرح. يرشح السائل للخارج، وتتشكل سدادة متينة تسمى الجلطة. وتسمى الجلطة المتشكلة على سطح الجلد القشرة.

 

ويمكن في بعض الأحيان، أن تتكون جلطة في وعاء دموي غير مصاب حيث لا يوجد هنالك نزف. وتسمى هذه الجلطة الخثْرة ويمكن أن توقف جريان الدم باتجاه الأنسجة التي تقع بجهة الجلطة، فتقطع بذلك الغذاء والأكسجين عن هذه الأنسجة. فإذا سدت الجلطة شريانًا يغذي القلب، ينجم عن ذلك الخثار القلبي، مما يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية. انظر:  الانسداد التاجي.

إذا سدت الجلطة شريانًا في الدماغ، يمكن أن تحدث سكتة. انظر: السكتة الدماغية.

يحتوي الدم على مواد تذيب الجلطات، كما أنه يحتوي على مواد تشكل الجلطات. تنشط المواد المذيبة للجلطات حين يحدث التجلط وذلك بغية التحكم في مداه ومدته.

تعويض مشتقات الدم المستهلكة. يمكن أن يعيش كل عنصر من عناصر الدم مدة زمنية خاصة به، ولذلك يتوجب على جسمك أن يعوض باستمرار الخلايا المستهلكة. تعيش الكريات الحمر حوالي 120 يومًا. والصفيحات حوالي 10 أيام. أما الكريات البيض فدورة حياتها تختلف تبعًا لنوعها. مثلا، تعيش العدلة عدة ساعات فقط وتموت حالاً بعد أن تقوم بوظيفة البلعمة. بينما تعيش بعض اللمفاويات عدة سنوات مما يؤمن مناعةً تجاه بعض الأمراض على مدى طويل.

تحطيم مشتقات الدم المستهلكة. تزال الكريات الحمر المستهلكة من قبل عضـوين في الجسم هما الكبد والطحال حيث يعملان على تكسيرها. يستعمل الكبد المادة الملونة الموجودة في الكريات الحمر الهرمة لإنتاج سائل مساعد على الهضم يدعى الصفراء.

يعاد استعمال حديد الهيموجلوبين من قبل الجسم لتكوين كريات حمر جديدة. تتحرك الكريات البيضاء الدموية المستهلكة إلى أنسجة الجسم، حيث تموت هناك. يحتمل أن تموت الصفيحات وهي تسد التسرّب البسيط في الأوعية الدموية.

تشكيل مشتقات دموية جديدة. يتألف لبّ عظام الإنسان من مادة رخوة حمراء أو صفراء تدعىالنقي. ينتج نقي العظام الأحمر عند البالغين ملايين من الخلايا الدموية في الثانية. يشكل النقي الأحمر لبّ العظام المسطحة، مثل الفقرات وعظمة القص والأضلاع والجمجمة.

تبدأ كل خلايا الدم بالتكوُّن في النقي كخلايا جذعية. تتطور الخلايا الجذعية لطلائع خلوية أكثر نضجًا، تشكل كل واحدة منها العديد من الكريات الحمر، والكريات البيض، أو الصفيحات الدموية. وكلما تشكلت الكريات الحمر في النقي يتكوّن فيها الهيموجلوبين. وكلما تطورت تنكمش ويصغر حجمها وتفقد نواتها. بعد تمام نضجها تدخل مجرى الدم من خلال فجوات ممتلئة بالدم موجودة بالنقي تدعى الجيوب.

تنشأ الكريات الدموية البيض أيضًا من النقي الأحمر ما عدا اللمفاويات (الخلايا التائية ـ والخلايا البائية) فإنها تنمو وتكتمل في مكان آخر في الجسم. تدخل الخلايا التائية مجرى الدم من خلال الجيوب وتصل إلى التوتة، وهي غدة قريبة من أسفل الرقبة، حيث يتم تطورها. وتذهب الخلايا التائية الناضجة عندئذ إلى تشكيلات تدعى العقد اللمفاوية الموجودة في مناطق عديدة من الجسم. تنهي الخلايا البائية نضجها في العقد اللمفية والطحال.

تتشكل الصُّفَيْحات في النخاع الأحمر داخل خلايا طليعية تدعى النوّاء تنقسم في نهاية تطورها إلى أجزاء، ليصبح كل جزء منها صفيحة تدخل مجرى الدم.

 

الفصائل الدموية

تحتوي أغشية الكريات الحمر على بروتينات تدعى المستضدات. لقد عرف أكثر من 300 مستضد للكريات الحمر. وتبعًا لوجود أو غياب مستضد معين، صنّف العلماء الدم الإنساني لأنواع مختلفة من الفصائل.

 

أهمية الفصائل الدموية. أظهر تصنيف الفصائل الدموية أهميته الكبيرة في بعض الإجراءات الطبية. كذلك مكَّنت المعلومات عن الفصائل الدموية المختصين من استعمالها في القانون وعلم الأجناس.

في الطب. الاستعمال الرئيسي للفصائل الدموية تحديد نوعية دم الشخص الذي يُدْعىَ المتبرّعوالذي يمكن نقله للمريض بدون رفض جسمه له أو دون تفاعلات مهمة. تحتوي بلازما كل شخص على الأجسام المضادة التي تتفاعل مع بعض المستضدات التي لا وجود لها أصلاً على سطح الكريات الحمر الذاتية للشخص. يمكن أن يحصل أثناء نقل الدم تلزن (تراص) خطر في كريات الدم الحمر، إذا ارتبطت الأجسام المضادة الموجودة في بلازما المريض بالمستضدات الموجودة على الكريات الحمر للشخص المتبرع. يمكن أن تسد هذه التكدسات الأوعية الدموية الصغيرة وينجم عن ذلك الإصابة بمرض خطير قد يؤدي إلى الوفاة. لا توجد في الحالة الطبيعية في بلازما أي شخص أجسام مضادة ترتبط بالمستضدات الموجودة في كرياته الحمر.

إن أكثر تفاعلات نقل الدم خطورة هو التلف السريع للكريات الحمر المنقولة. وهذا يقود لحدوث صدمة القصور الكلوي، وأحيانًا الموت. تتضمن التفاعلات الأخرى الحمى والرعشة والبرودة.

يجــرى دائمًا في المستشفيـات قبـل نقـل الـدم للمـريض اختبار التوافـق، وهو اختبـار تخلـط فيه الكريات الحمر للمتبرع مع عيّنة من بلازما المريض. فإذا حدث التــراص، فيجب عندئــذ أن لا يتلقى المريض الـدم من هـذا المتبرّع.

تُقلل اختبارات التوافق هذه احتمالات الخطورة في نقل الدم. تحمل أغشية الكريات البيض بروتينات تدعى مستضدات هـ.ل.أ.

 

يستفيد الأطباء من هذه المستضدات لتحديد العضو أو النسيج من متبرع ما والذي يمكن زرعه بأمان دون ضرر في المريض. انظر:  زراعة الأنسجة.

في القانون. يستخدم علماء الطب الشرعي الفصائل الدموية لمساعدتهم في الكشف عن هوية المجرمين. فمثلاً، يقارن نموذج دم من مكان الجريمة مع دم المشتبه به. ولايمكن لهذه المقارنة أن تكشف بشكل إيجابي عن المجرم ولكن يمكن أن تبعد التهمة عن بريء مشتبه به. وتكون المستضدات الموجودة على الكريات الحمر موروثة، ولذلك يمكن أن تستعمل اختبارات الدم للتحري عن الأبوة، حيث يكون رجل ما متهمًا بأنه والد لطفل. والاختبار يثبت أبوة هذا الرجل أو ينفيها.

لقد استُعيض عن اختبارات الدم لتحديد الأبوة والدراسات العائلية بدراسة جزيئات د ن أ في خلايا الدم. وهذه الدراسات تحدد الأبوة بنسبة مائة في المائة.

في علم الأجناس. استعمل كثير من علماء الأجناس توافق وجود الفصائل الدموية لتقسيم الشعوب إلى أجناس وأجناس فرعية. ولكن هذه الطريقة للتحديد العرقي ليست ناجحة. ولا تختلف مستضدات الفصائل الدموية بين الأجناس ظاهريّا وذلك بسبب حصول تزاوج بينها على مر العصور.


الفصائل الدموية (أ ب و). تأتي على رأس وسائل تصنيف الدم. يصنّف دم الإنسان إلى أربعة أنماط رئيسية أو فصائل. وتبنى هذه الأنماط على وجود أو غياب اثنين من المستضدات وهما (أ، ب) على سطح كريات الدم الحمر. 1- إذا احتوت الخلايا على مستضد (أ)، يكون الدم من النمط أو الفصيلة (أ). وتحتوي البلازما على الجسم المضاد (ب)، حيث ترص الخلايا التي تحتوي على المستضد (ب). 2- إذا احتوت الكريات على مستضد (ب) فالدم يكون من الفصيلة (ب). وتحتوي البلازما على الجسم المضاد (أ) حيث ترص الكريات الحمر التي تحوي المستضد (أ). 3- إذا احتوت الخلايا على نوعي المستضدات (أ،ب)، فالدم من الفصيلة (أ ب). ولا تحوي البلازما أجساما مضادة (أ،ب). 4- إذا لم تحتو الكريات الحمر على نوعي المستضدات (أ، ب) فإن الدم من الفصيلة (و). وتحوي البلازما نوعي الأجسام المضادة (أ، ب). والدم من الفصيلة (و) أكثر شيوعًا، ثم يأتي بعده دم الفصيلة (أ)، ونسبيًا يكون بعض الأشخاص من الفصيلة (ب) وأقل الفصائل شيوعًا هي الفصيلة (أ ب).

يفضل الأطباء استعمال دم المتبرع من نفس الفصيلة (أب و) حتى لا يؤدي لحدوث التراص لدى المريض أثناء نقل الدم. ولكن في حالات الإسعاف، يمكن أن ينقل الدم من الفصيلة (و) لمريض يحمل أي فصيلة كانت. ولهذا عُرف صاحب فصيلة الدم (و) بالمتبرع الشامل. ويشبه ذلك أن المرضى من الفصيلة (أ ب) مستعدون لتلقي أي دم من الفصائل (أ ب و) في حالة إسعاف لأنهم لا يمتلكون أجسامًا مضادة للمستضدات (أ ب). ولكن حتى في هذه الحالة تجري المستشفيات اختبار التوافق للتأكد من عدم حصول تراص. ويجب ألا يتلقى المرضى من الفصيلة (أ) دما من الفصيلة (ب)، وكذلك المرضى من الفصيلة (ب) يجب أن لا يتلقوا مطلقا دما من الفصيلة (أ). وفي معظم الحالات لا يهم كثيرًا كون بلازما المتبرع محتوية على أجسام مضادة ترص الكريات الحمر للمريض، حيث تتمدد البلازما بسرعة في دم المريض مما يجعل خطر حدوث التراص ضعيفًا.

 

أنماط الدم ريسوس (العامل الريصي رهـ) طريقة تصنيف ثانية لفصائل الدم. والأشخاص الذين يمتلكون مستضدات (رهـ) على كرياتهم الحمر يكونون إيجابيي (رهـ). والمستضد نفسه يدعى العامل (رهـ). والأشخاص الذين يفتقدون العامل (رهـ) يكونون سلبيي (رهـ).

لا تحتوي البلازما على جسم مضاد طبيعي تجاه مستضد (رهـ). ولكن يمكن للأشخاص سلبيي (رهـ) أن يكوِّنوا أجساما مضادة (رهـ) إذا تلقوا دمًا من إيجابيي (رهـ). يتخفف دم المتبرع عادة بسرعة، ولذلك فإن وجود الأجسام المضادة فيه لا يؤدي لمشاكل. لكن التراص يحدث متأخرًا إذا تلقى المريض سلبي (رهـ) دمًا آخر من إيجابي (رهـ)، حيث تهاجم الأجسام المضادة (رهـ) كريات الدم الحُمر المنقولة ذات (رهـ) إيجابي. يحــدث مـزج الـــدم ذي (رهـ) سلبــي مع دم (رهـ) إيجــابي إذا حملت امرأة سلبية (رهـ) بجنين إيجابي (رهـ). وإذا دخلت بعض الكريات الحُمر من الجنين إلى دم المرأة (رهـ). تسبب هذه الحالة مضاعفات خطرة إذا أصبحت هذه المرأة حاملاً من جديد بجنين آخر من الفصيلة (رهـ) إيجابي.

 

الفصائــل الدمويــة الأخــرى. هناك نظم أخرى لتصنيف الدم، منها الأنظمة دفي وكيل وكيد ولويس ولوثران و(م ن س) و (ب) ولكن نادرًا ما تتكون أجسام مضادة طبيعيــة لهــذه المستضدات. وباستثناء المستضدات (أ،ب) من النظام (أ ب و) وعامل (رهـ)، فإن معظم المستضدات للكريات الحُمر لا تشكل تفاعلات شديدة أو خطرة.

 

استخدام الدم في الطب

 

نقل الدم. أدت إمكانية نقل الدم أو مكوناته لشخص مريض أو مصاب إلى إنقاذ أعداد لا تحصى من المرضى، وقد حسّن ذلك العناية بالمريض. فالشخص الذي يفقد فجأة أكثر من لتر دم، يكون معرضًا للموت، إلا إذا تلقى دمًا. ويساعد نقل الدم أيضًا المرضى المصابين بنقص إنتاج النقي لخلايا الدم. وبالإضافة لذلك، فإن نقل الدم يعوض عن الدم المفقود خلال العمليات الجراحية.

يجمع بنك الدم دماء المتبرعين ويخزنها في أكياس معقمة فيها مواد حافظة ومواد كيميائية تمنع التجلط بشكل عام. ويحتاج المرضى إلى مشتق دم واحد مثل الكريات الحمر، ولهذا السبب، تفصل بنوك الدم، الدم الكامل إلى مشتقاته قبل تخزينه.

ويمكن تبريد الدم الكامل وحفظه لمدة 21 – 49 يومًا. وكذلك يمكن تجميد البلازما، وكريات الدم الحمر، وبعض مشتقات الدم وحفظها لعدة سنوات.

 

تنتقل بعض الأمراض من المتبرع إلى المريض عبر نقل الدم. ويختبر العاملون في المختبرات كل الدم المعطى لاحتمال وجود التهاب الكبد، أو الإيدز أو بعض الالتهابات الأخرى. وبالإضافة لذلك يُجْرَى اختبار التوافق للتأكد من عدم حصول تفاعلات خطرة انظر:  نقل الدم.

اختبارات الدم. يلجأ الأطباء لإجراء اختبارين من اختبارات الدم 1- اختبارات مسح عامة. 2- اختبارات تشخيصية. اختبارات المسح العامة تساعد الأطباء في اكتشاف المشاكل غير المتوقعة لدى المريض. فمثلاً يجري عدّ الكريات الحمر والكريات البيض ومقدار الهيموجلوبين في عينة الدم.

يقيس الكسر الحجمي لكريات الدم حجم الكريات الحمر بالنسبة لحجم باقي مشتقات الدم. ويشير الشذوذ المكتشف بهذه الاختبارات إلى احتمال وجود مرضٍ ما أو خلل في إنتاج خلايا الدم.

 

ويستعمـل الأطبــاء بعض الاختبـارات الدموية الأخرى للكشف عن بعض الأمراض. فمثلاً يبــين الاختبار الـذي يـدل على ارتفاع نسبة الجلوكوز (السكر) في الدم، وجـود مرض البول السكري. في هذا المرض لا يمكن للجسم أن يستعمل السكر بشكل طبيعي. انظر:  البول السكري. أما الاختبار الدمــوي الــذي يكشف ارتفــاعًًا في اليـوريــا فيمكن أن يــدل على وجــود اضطــراب في الكليتين، اللتين تطردان اليوريا من الدم.

ويختبر الأطباء الدم للكشف أيضًا عن ارتفاع نسبة الكولسترول الذي يرتبط بارتفاع نسبة الخطورة لمرضى القلب. انظر: الكولسترول.

الاختبارات التشخيصية. تساعد الأطباء في تحديد أسباب بعض الحالات مثل فقر الدم (الأنيميا)، وهي نقص غير طبيعي في عدد الكريات الحمر. وينجم عن الغذاء الذي لا يحتوي على مقدار كافٍ من الحديد، أو فيتامين (ب12)، أو حمض الفوليك. ويدل حجم الكريات الحمر للمريض على نوع الغذاء الذي يحتاجه. فإذا حدث فقر الدم بسبب نقص الحديد مثلاً، تصبح الكريات الحمر صغيرة. أما إذا حدث بسبب نقص الفيتامين (ب 12) فتكون الكريات الحمر عندئذ كبيرة.

يستدل الطبيب بإجراء التعداد التفاضلي للكريات البيض على نسبة كل نوع من أنواع الكريات البيض الدموية في دم المريض. وقد يدل الارتفاع الكبير لعدد الكريات البيض على وجود سرطان الدم(اللوكيميا)، وهو نوع من أنواع السرطان. ومن جهة أخرى، فإن وجود عدد منخفض من العدلات (نيوترفل) يمكن أن يدل على ضعف القدرة على مكافحة الالتهاب بشكل فعال.

تساعد بعض الاختبارات التشخيصية مثل عدّ الصفيحات واختبارات التجلط الأطباء على معرفة بعض الاضطرابات النزفية.

ويمكن أن تنبئ اختبارات التجلط هذه قبل إجراء العملية الجراحية عن تحديد إمكانية حدوث نزف شديد أثناء الجراحة.

الاضطرابات الدموية

تشمل الاضطرابات الدموية إما زيادة في الإنتاج، أو نقصًا فيه، أو زيادة في تحطيم خلايا الدم. ويمكن لبعض الالتهابات أيضًا أن تصيب الدم.

 

فقر الدم. ينجم عن انخفاض غير طبيعي في عدد الكريات الحمر أو الهيموجلوبين. ينقل دم المصابين بفقر الدم الحاد كمية قليلة من الأكسجين لا تكفي حاجة أنسجة الجسم.

 

وهنالك أسباب عديدة تؤدي لحدوث فقر الدم. والسبب الأول الرئيسي هو قصور في إنتاج الكريات الحمر في نقي العظام. ويمكن أن يكون سبب نقص الإنتاج نقصًا غذائيًا أو مرضًا أو التهابًا. وبالإضافة لذلك، فإن فقد الدم بسبب إصابة يُحدث فقر الدم. كما يسبب انحلال الدم الزائد(تكسر الكريات الحمر) أيضًا فقر الدم. ينشأ عن شذوذات الهيموجلوبين مرضان وراثيان فقر الدم المنجلي والتلاسيمية. ويلجأ الأطباء لوصف الحمية أو الأدوية أو نقل الدم لمعالجة فقر الدم، وذلك تبعًا للسبب المؤدي لحدوثه. انظر:  فقر الدم؛ تكسر كريات الدم الحمراء.

شذوذات الكريات البيض. تحدث الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا) من جراء إنتاج زائد أو غير محكم للكريات البيض غير الناضجة أو الناضجة. ولا يعرف الأطباء تمامًا أسباب هذا النوع من السرطان. فهم يستعملون الأدوية والأشعة، ونقل الدم لمعالجتها. انظر:  اللوكيميا. ويمكن أن يحدث اضطراب دموي يؤدي لنقص عدد الكريات البيض يُسمى قلة الكريات البيض. ويمكن أن ينجم عن التعرض لبعض الأدوية أو الأمراض، أو الالتهابات. وفي حالة قلّة الكريات البيض، وأكثرها شيوعا هو قلة العدلات، يحدث انخفاض حاد في عدد العدلات.

ويتعرض الأشخاص المصابون بنقص الكريات البيض لزيادة خطر حدوث الالتهابات بسبب قلّة العدلات في دمائهم، وهي الخلايا التي تدافع عن الجسم ضد البكتيريا المؤذية.

الاضطرابات النزفية. تحدث بسبب عجز الدم عن تشكيل الجلطة. تنجم مثل هذه الاضطرابات عن انخفاض غير طبيعي في عوامل تجلط الدم في البلازما أو بسبب شذوذ في الصفيحات. يؤدي النقص في بعض عوامل التجلط لحدوث الناعورية، وهي حالة وراثية يتجلط الدم فيها ببطء شديد. تكمن الخطورة عند المصابين بهذا المرض في حدوث نزف فجائي غير معلل ونزف شديد من جروح بسيطة ونزف من المفاصل والأعضاء الداخلية. ويعالج الأطباء هذا الاضطراب بحقن المريض بالعامل الناقص. انظر:  الناعورية.

تؤثر شذوذات الصفيحات أيضًا على قدرة الدم لإحداث التجلط. الشخص المصاب بنقص الصفيحات ـ الذي لديه نقص غير عادي في عدد الصفيحات ـ يكون معرضًا لحوادث نزفية خطرة. وتسبب بعض الأدوية والالتهابات والعدوى أو زيادة استهلاك الصفيحات في الجسم، نقصا في عدد الصفيحات.

يمكن أن يتعرض الأشخاص المصابون بزيادة عدد الصفيحات لحالات نزف غير طبيعية، بالإضافة لشذوذ في عملية التجلط (التخثر).

ويؤدي نقص الحديد في الجسم، أو وجود سرطان، أو بعض الأمراض، لارتفاع في عدد الصفيحات. وتؤدي معالجة هذين السببين لإصلاح الخلل.

الالتهابات. يمكن أن يُصاب الدم بالتهابات متعددة. فمثلاً، يمكن أن تسمم الجراثيم الممرضة الدم وتنتشر في الجسم. انظر:  تسمم الدم. وفي حال الإصابة بالملاريا يحطم الطفيلي الكريات الحمر الدموية. انظر: الملاريا.

وفي الحمى الغدية يهاجم الفيروس الخلايا البائية. انظر: الحمى الغدية. وفي الإيدز ـ أخطر الأمراض التي تنتقل بوساطة الدم ـ يصيب الفيروس الخلايا التائية، ومن ثم فهو يضعف قدرة الجهاز المناعي على مكافحة الجراثيم الممرضة انظر: الإيدز.

نبذة تاريخية عن أبحاث الدم

بدأ اهتمام العلماء بالدم منذ عهد الطبيب الإغريقي أبُقْراط الذي عاش خلال القرنين الخامس والرابع ق.م. افترض أبقراط أن كل الأمراض تنجم عن اضطراب التوازن لأربع أخلاط (سوائل) في الجسم، المرَّة (الصفراء) ذات اللون الأسود والدم والبلغم والصفراء ذات اللون الأصفر. وقادت النظرية لتطبيق الفصادة ـ الحجامة أو سحب الدم من وريد الشخص المريض ـ لكي يذهب الداء مع الدم. لقد كانت الفصادة لعدة قرون المعيار الطبي الوحيد للمعالجة. وكان الحلاقون يقومون بهذا الإجراء خلال العصور الوسطى. وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وصف عدد من الأطباء الفصادة وسببت وفاة عدد من المرضى بسبب فرط فقد الدم. في عام 1628م، وصف الطبيب الإنجليزي وليم هارفي كيفية حدوث الدورة الدموية خلال الجسم. وقد سبقه الطبيب المسلم علاء الدين بن النفيس عندما اكتشف الدورة الدموية الصغرى في القرن الثاني عشر الميلادي وقال: ¸إن الدم يُنَقَّى في الرئتين· قبل سرفيتوس بثلاثة قرون، ويظهر ذلك في كتابه الشهير شرح تشريح القانون. ولقد أصبح عمله هو الأساس للاكتشافات اللاحقة عن وظائف الدم التي قام بها وليم هارفي. انظر:  هارفي، وليم؛ ابن النفيس.

وفي عام 1882م، اكتشف إليِ ميتشنيكوف عالم الأحياء الروسي طريقة البلعمة. وقد ساعد اكتشافه على تفسير كيفية القضاء على الجراثيم بوساطة الكريات البيض. وفي عام 1882م أيضًا وصف عالم الأحياء الإيطالي جوليو بزوزيرو ـ بدقة ولأول مرة ـ وظائف الصفيحات وعلاقتها بتجلط الدم.

وبازدياد المعرفة لفائدة مشتقات الدم، قام الأطباء أولاً بنقل الدم مباشرة من المتبرع إلى المريض. وقد فشلت معظم هذه المحاولات.

وفي بداية القرن العشرين، اكتشف عالم المناعة النمساوي المولد كارل لاندشتاينر ـ الذي عمل في الولايات المتحدة الأمريكية ـ الفصائل الدموية (أ ب و). لقد أدى إجراء اختبار التوافق الذي يتم بين المتبرع بالدم والمريض إلى تحسن مذهل في عمليات نقل الدم الناجحة.

وفي عام 1940م اكتشف العالم لاندشتاينر، وزميله العالم الأمريكي ألكسندر فنر، العامل (رهـ).

وأصبح تخزين الدم ممكنًا في عام 1914م بإضافة المغذيات والمواد الكيميائية التي تتحكم في عملية التجلط في الدم. وقد تمت أول عملية تبرع طوعي للدم في لندن عام 1921م. وفي عام 1936م افتتح أول بنك دم في العالم في مستشفى كوك كاونتي في شيكاغو.

وخلال الحرب العالمية الثانية (1939ـ1945م) ساعد إعطاء الدم في إنقاذ حياة العديد من المصابين المدنيين والعسكريين. وقد تمكن الجراحون من استعمال البلازما التي كانت تحفظ لمدة أطول من الدم الكامل، وذلك في ساحة المعركة وحالات الطوارئ (المعالجة الإسعافية).

وخلال الثمانينيات من القرن العشرين بدأت المستشفيات بإخطار المرضى المنتظرين لعمليات جراحية غير إسعافية لتخزين دمائهم في بنك الدم. وتتطلب إجراءات حفظ الدم في البنك، جمع وحفظ الدم لعدة أسابيع قبل العملية الجراحية، ليكون جاهزًا للاستعمال إذا طلب. تعرف طريقة عودة المريض لاستعمال دمه الشخصي بنقل الدم الذاتي.

وظل العلماء يعملون على تطوير بدائل الدم أو الدم الصناعي الذي يمكن أن يغني عن الدم الإنساني في عمليات نقل الدم. وهذا البحث مهم جدًا، حيث يمكن أن تنطوي عملية نقل الدم، بالرغم من الاحتياطات الشديدة، على تفاعلات خطرة ويؤدي لنقل الفيروسات والالتهابات الأخرى.

وتتضمن الأبحاث الحديثة الأخرى إنتاج واختبار العوامل المسؤولة عن تكوين خلايا الدم. وقد أصبح كثير من هذه العوامل متوافرًا بكمية كبيرة بغية اختبارها في المرضى، وقد بُدئ باستعمالها عند المرضى الفاقدين لكمية زائدة من الكريات الحمر، والكريات البيض أو الصفيحات.

لقد أعطى البحث في عوامل نمو الخلايا أملاً لتحسين حالة كثير من الناس.

وبنهاية عام 2000م، كان هناك ثلاثة أجيال من الدم الصناعي في مراكز الأبحاث العالمية إلا أنها لم تحقق نجاحاً مشجعاً. ويرى بعض العلماء أن الدم الصناعي، من الناحية النظرية، قد يكون أفضل من الدم المتبرع به لأنه لا يسبب ارتكاسات مناعية، ولا يرفضه الجسم ولا ينقل الأمراض المعروفة مثل الأيدز والأمراض الفيروسية الأخرى، كما يمكن حفظه في جميع الظروف.

ولما فشلت التجارب السريرية في إثبات جدوى استخدام الدم الصناعي اتجه العلماء لبدائل أخرى منها إعطاء المريض عقاقير تساعد على إنتاج عناصر دموية تجمع قبل العملية بعدة أسابيع ثم يتم استخدامها للمريض نفسه. أو ربما ينتج دم بوساطة الهندسة الوراثية حيث تعدل مورثات بعض الحيوانات وتجبر على إنتاج دم بشري. وتكتنف هذه الطريقة مخاطر كثيرة أبرزها خطر انتقال الفيروسات الحيوانية إلى الإنسان.

 

نَقـل الـدم نقل دم أحد الأشخاص إلى جسم شخص آخر. ويحل الدم المنقول، محل الدم أو عناصره التي في شخص مريض أو مصاب. وقد أنقذت هذه الطريقة حياة كثير من الناس، وتؤدي دورًا مهما في الجراحة وفي الحالات الطبية الأخرى

وقد أجريت عمليات نقل دم قليلة قبل القرن العشرين. ولم تُصبح عمليات نقل الدم الكثيرة التي تتم في العصر الحديث سهلة إلا بعد اكتشاف فصائل (رمز) الدم في بدايات القرن العشرين. فقد وجد كارل لاندشتاينر، النسماوي الأمريكي، الباحث في ظواهر المناعة وأسبابها، أن الدم البشري يُمكن أن يقسم إلى أربع فصائل تُميّز بالحروف (أ، ب، و)، وهذه الفصائل هي: و، أب، ب، أ. انظر:الدم. وإذا كان لشخص دم من فصيلة معينة وتلقى دمًا من فصيلة أخرى، فإنه قد يعاني من رد فعل خطير. وقد أوضح هذا الاكتشاف سبب فشل كثير من حالات نقل الدم. ومنذ ذلك الوقت اكتشف العلماء فصائل كثيرة من الدم، مثل تلك التي تستند على وجود العامل (ر هـ) أو عدم وجوده. ومن الممكن أن تؤثر هذه الأنواع على نقل الدم.

وفي البداية كان نقل الدم يتم مباشرة من المتبرع إلى المتلقي. وأصبح تخزين الدم ممكنًا منذ عام 1914م بإضافة سترات وسكر مُغذِ، وكيمائيات تمنع تكوين الجلطة. واليوم يُمكن حفظ الدم لمدة خمسة وثلاثين يومًا أو أكثر باستخدام المحاليل الحافظة.

والدم نسيج معقد يتكون من عدة مكونات. وتشمل أساسًا مكونات صلبة مثل ـ الخلايا الحمراء ـ وكذا أعداداً أصغر من خلايا الدم البيضاء، واللويحات ـ التي تتعلق في سائل أصفر يسمى البلازما. وتحتوي البلازما على أنواع من البروتينات ومواد مغذية تستخلص من الطعام ومواد مُجَلِّطة. ويمكن أن يتم نقل الدم بأكمله، إذا فقد المتلقي كمية كبيرة من الدم. وعلى كل، فإن معظم المرضى يحتاجون فقط إلى مكوِّن من مكونات الدم. ويساعد نقل بعض المكونات في معالجة بعض الأمراض مثل فقر الدم والناعور (الاستعداد للنزيف ) وابيضاض الدم.

يحفظ الدم في بنوك الدم، التي تمد الدم بأكمله أو بأحد مكوناته. ويمكن أن تجمد وتخزن خلايا الدم الحمراء واللويحات ومكونات أخرى، لعدة سنوات. إن استخدام مكونات الدم من كمية تبرع واحدة تمكِّن من مساعدة عدد من المرضى.

كيف يتم نقل الدم. قبل أن يتم نقل الدم تُحدد فحوصات المختبر فصيلة دم المريض حسب الفصائل (أ، ب، و، أو رهـ). ويتم اختيار دم المتبرع ليكون من نفس النوع. وباختبار آخر يسمىالتماثل، يتم التأكد من أن اختلاط الدم المتبرَّع به والمُتَلقَّى لن يتسبب في رد فعل ضار.

ويتم وضع وعاء الدم، أو مكونات الدم، على حامل يوضع على مستوى أعلى من المريض. ويسيل الدم في مصفاة ثم في أنبوب بلاستيكي متصل بإبرة. وتدخل الإبرة في واحد من أوردة المريض. ويقرر الطبيب كمية الدم التي تُعطى وسرعة دخوله جسم المريض.

 

ويقوم الأطباء والممرضون بمراقبة المريض الذي يتلقى العلاج بعناية. فإذا تلقى الشخص النوع غير المناسب من الدم فإن الجسم يُتلف الخلايا الحمراء. وهذا الإتلاف يُؤدي إلى رد فعل عنيف أو قاتل ما لم يُوقَف نقل الدم فورًا. ويمكن أن ينقل الدم المتبرَّع به أمراضًا معدية، خاصة التهاب الكبد أو الإيدز، في حالات نادرة. انظر:  الإيدز. وتساعد الفحوصات المختبرية على معرفة الدم الملوث ومنع نقله.

كيف يُجمع الدم ويخزن. يتم جمع معظم الدم من المتبرعين اختياريًا. وتأخذ الممرضة الدم من وريد ذراع المتبرع. ويجمع الدم في كيس بلاستيكي يحتوي على سائل حافظ. ويقوم بنك الدم بفحص الدم، ويصنفه على الفصائل (أ، ب، أب، و، أو رهـ)؛ ويقوم في معظم الأحوال بفصل مكوناته. ثم يُخزن كامل الدم بأكمله أو مكوناته. وتحاول بنوك الدم أن يكون لديها كمية كافية من مكونات الدم، ومن الدم الكامل من كل الأنواع لمقابلة الاحتياجات المتوقعة.

ويمكن أن يجمع الدم أيضًا بطريقة تسمى فصادة الدم وتنطوي هذه الطريقة على إمرار دم المتبرع من خلال فاصل خلايا الدم، وهو جهاز يفصل واحدًا أو أكثر من مكونات الدم. وأثناء نقل المكونات المطلوبة، تعود الأجزاء الأخرى من الدم بطريقة مستمرة إلى المتبرع. وبخلاف ماعليه الحال في التبرع القياسي، الذي يسحب فيه حوالي عشر دم المتبرع، فالتبرع بطريقة فصادة الدم قد يسحب به كل دم المتبرع على مرتين عن طريق فاصل خلايا الدم. وهذا ممكن لأن البلازما، ومعظم مكونات الخلايا، تعود باستمرار إلى جسم المتبرع.

ولهذا فإن طريقة فصادة الدم تمكِّن بنك الدم من الحصول على كميات أكبر من المكون المطلوب من تبرع واحد.

ويجب أن تتوافر في المتبرعين بالدم متطلبات خاصة بالعمر والصحة والوزن. ويعوض الجسم الدم المسحوب خلال أسابيع قليلة. وليحافظ المتبرعون على صحتهم، لا يجوز أن يتبرَّعوا بالدم عدة مرات إلا بعد مضي عدد من الشهور بعد كل مرة.

 

الدم الاصطناعي. يعمل الباحثون، منذ الستينيات من القرن العشرين على إيجاد عدد من بدائل محتملة للدم لاستخدامه في حالة النقل الطارئ. ويُمكن أن تحمل بعض الكيمائيات والمواد الطبيعية ـ مثل الهيموجلوبين ـ الأكسجين، لكنها لا تؤدي المهام الأخرى للدم الطبيعي. وقد تصبح هذه المواد مفيدة في يوم من الأيام، في الحالات الطارئة، كبديل مؤقت لخلايا الدم الحمراء المفقودة.

وبنهاية عام 2000م، كان هناك ثلاثة أجيال من الدم الاصطناعي في مراكز الأبحاث العالمية إلا أنها لم تحقق نجاحاً مشجعاً. ويرى بعض العلماء أن الدم الاصطناعي من الناحية النظرية قد يكون أفضل من الدم المتبرع به لأنه لا يسبب ارتكاسات مناعية ولا يرفضه الجسم ولا ينقل الأمراض المعروفة مثل الأيدز والأمراض الفيروسية الأخرى، كما يمكن حفظه في جميع الظروف. ولما فشلت التجارب السريرية في إثبات صلاحية الدم الاصطناعي اتجه العلماء لبدائل أخرى منها إعطاء المريض عقاقير تساعد على إنتاج عناصر دموية تجمع قبل العملية بعدة أسابيع ثم يتم استخدامها للمريض نفسه. أو ربما ينتج دم بوساطة الهندسة الوراثية حيث تعدل مورثات بعض الحيوانات وتجبر على إنتاج دم بشري. وتكتسب هذه الطريقة مخاطر كثيرة أبرزها خطر انتقال الفيروسات الحيوانية إلى الإنسان.