السودان المصري البريطاني

 

السلطة المركزية المصرية مثبتة فى النوبة فى الفترة من 2755 إلى 2225 ق.م.

Flag_of_the_Governor-General_of_the_Anglo-Egyptian_Sudan

 

فى عام 1570 ق.م. أثناء حكم الأسرة الثامنة عشر تم ضم النوبة إلى مصر كمقاطعة مصرية والمنطقة ما بين الصحراء النوبية والنيل تحتوى الكثير من الآثار من فترة السيطرة المصرية على المنطقة والتى انتهت بثورة نوبية فى القرن الثامن قبل الميلادثم توالت علي النوبة مجموعة من الممالك المستقلة فى عام 1820 قام الجيش المصرى بمحاصرة المنطقة وانتهت الحرب فى عام 1822 بانتصار كامل للقوات المصرية التى كانت تابعة إسمياً فى ذلك الوقت للدولة العثمانية وأصبح الجزء الاعظم من النوبة مقاطعة مصرية معروفة باسم السودان المصرية.

الحكم التركى لمصر استمر لمدة 60 عام وعلى الرغم من ذلك فإن سلطنة دارفور فى الغرب كانت تتمتع باستقلاليتها حتى فترة الاحتلال البريطانى نتيجة لانتشار تجارة الرقيق وعدم صلاحية الادارة العامة فى الجنوب نشأت بعض الاضطرابات استمرت طوال هذه الفترة.

فى الفترة ما بين عامى 1877 و 1880 عندما كان الحاكم العام للسودان المصرية تشارلز جورج جوردون أثناء الحكم البريطانى بذلت مجهودات للحد من تجارة الرقيق

 

Egypt_sudan_under_british_control

 

فى عام 1880 حدثت اضطرابات كثيرة بعد استقالة جودرون وقيام محمد أحمد بثورة والذى أطلق على نفسه بعد ذلك لقب المهدي. انتصر الثوار بعد ذلك فى عدد من المعارك منها معركة هزموا فيها الجيش المصري فى نوفمير 1883 وفى انتصار أخر قتلوا جوردون وسيطروا تماما على المقاطعة.

الاحوال فى السودان المصرية ساءت تحت الحكم المصرى ثم حكم عبدالله التعايشي الذى تلا المهدى فى عام 1885 ودخل التعايشي فى حروب كثيرة ضد أهالى الجنوب مضيفاً قطاعات كبيرةالى السودان المصرية منها محاولة للاستقلال عن مصر وقد عمت البلاد فوضى اجتماعية واقتصادية فى السنوات الأخيرة من حكم التعايشي وفى هذه الأثناء كانت مصراحدى مستعمرات بريطانيا العظمى

فى عام 1896 انذرت الحكومة المصرية والبريطانية فرنسا من الزحف فى اتجاه السودان المصرية وأرسلت بعثة عسكرية ضد التعايشي وكان قائد الحملة الجنرال هربرت كتشنر وقد حاصر التعايشي فى أم درمان فى 2 سبتمبر 1898 وتقريبا تم القضاء على الحركة المهدية فى 19 يناير 1899 وقعت الحكومتنان المصرية والبريطانية على اتفاقية تقضي بالسيادة المشتركة على السودان فى الواقع كان لبريطانيا النصيب الاعظم من هذه السيادة المشتركة وقد انشأت نظام ادارى فى الشمال وشجعت فى عام 1920 على قيام مشاريع اقتصادية جديدة مثل مشروع الجزيرة لزيادة الدخل القومى فى السودان ولتقليل الاحتياج إلى المعونات الاقتصادية البريطانية.

وفى الجنوب كانت السيطرة البريطانية أقل منها فى الشمال حيث تركت السلطة فى يد عدد من المسئولين المدنين الذين اطلق عليهم البارونات بسبب سلطتهم شبة المطلقة على مساحات كبيرة فى الجنوب. على الرغم من الخلافات المتزايدة بين المصرين والوطنيين السودانيين الذين يطالبون بانهاء السيادة البريطانية على السودان الا ان الحكومة المصرية وقعت اتفاقية مع بريطانيا العظمى فى عام 1936 التى أكدت بين بنودها اتفاقية 1899.

فى عام 1946 تفاوضت الدولتان بشأن تعديل وتنقيح معاهدة عام 1936 وطالبت الحكومة المصرية بريطانيا بالانسحاب من السودان واقترح البريطانيون بعض التعديلات على الوضع وقتذاك ولكن المفاوضات أفضت إلى طريق مسدود

في 19 يونية 1948 وبعد مشاورات مع بعض المسئولين فى شمال السودان أعلن الحاكم العام فى السودان عن عمل مجموعة من الاصلاحات لاعطاء شمال السودان الخبرة فى الحكم الذاتى وذلك لاتخاذ المتطلبات الاساسية للقرارات المتخذة بشأن الحالة السياسية النهائية للسودان.

وتم انتخاب مجلس الشعب الجديد فى نوفمبر وقام المؤيدون للاتحاد مع مصر بمقاطعة الانتخابات فى ديسمبر 1950 طالب مجلس الشعب كل من مصر وبريطانيا العظمى بإعطاء السودان استقلال تام فى عام 1951.

فيما بين 1950 و 1951 استمرت الحكومة المصرية فى مطالبة بريطانيا بالانسحاب من السودان.

في 27 اكتوبر 1951 شجبت الهيئة التشريعية السودانية اتفاقية السيادة المشتركة بين مصر وبريطانيا ومعاهدة 1936 ونادت بفاروق ملكا لمصر والسودان.

استئناف المفاوضات المصرية والبريطانبة بخصوص الوضع فى السودان وذلك بعد تنازل الملك فاروق عن العرش بعد ثورة يوليو 1952.

في 21 فبراير 1951 وقعت الحكومتان اتفاقية يتم بمقتضاها منح السودان حق تقرير المصير فى خلال ثلاث سنوات كفترة انتقالية تطبيقا لبنود الاتفاق.

تمت اول انتخابات نيابية فى السودان فى اواخر عام 1953 و تم تعيين اول حكومة سودانية وذلك في 9 يناير 1954 وكانت فى معظمها من الشماليين. بالاضافة إلى ترك المناطق التى استحوذ عليها البارونات فى ايديهم فان الانجليز لم يفعلوا شىء فى سبيل تطوير تنمية السودان او اقامة البنية الاساسية. فى الشمال كان مشروع الجزيرة قد تم إنشاؤه على أتم وجه وتم انشاء صناعات جديدة وشبكة للسكك الحديدية بالاضافة لانشاء المدارس والجامعات.

الجنوب السوداني كان اقل ارتباطا بالحكومة وخاصة بعد استبدال الحكم البريطانى بالحكم السودانى الشمالى فى 19 أغسطس قامت وحدات من الجيش السودانى الجنوبى بالتمرد وتم القضاء على الحركة عن طريق القوات الحكومية.

في 30 أغسطس وافق البرلمان على اجراء استفتاء عام لتحديد مستقبل البلاد السياسى وفى نفس الوقت وافقت كل من مصر وبريطانيا العظمى على الانسحاب من السودان فى 12 نوفمبر 1955

فى 19 ديسمبر أعلن البرلمان السودان كدولة مستقلة بعد اجراء الاستفتاء العام وقد أعلنت الجمهورية السودانية رسميا فى 1 يناير 1956 وقد أصبحت السودان عضوا فى الجامعه العربية فى 19 ينايروفى الامم المتحدة في 12 نوفمبر من نفس العام

بعد استقلال السودان تم تعيين اول برلمان عام في 27 فبراير 1958 و دخل حزب الامة البرلمان وحصل اتباع المهدى على الاغلبية وكونوا حكومة جديدة في 20 مارس 1958

تم الاطاحة بالحكومة فى 17 نوفمبر بواسطة ابراهيم عبود القائد الاعلى للقوات المسلحة وكان عبود مؤيدا لتقوية العلاقات مع مصر وقام بحل البرلمان وأعلن القوانين العسكرية وعين مجلس الوزراء برئاسته هو؛ تنازل عبود عن الحكم عقب ثورة أكتوبر الشعبية 1964م.

قام الجنوبيون بثورة ضد نظام الحكم وضد سيطرة الشمالين مما ادى إلى نشوب حرب أهلية استمرت حتى مارس 1972

مفهوم الـرأسمالية

الـرأسمالية هي النظام السياسي الاقتصادي القائم على الملكية الخاصة والربح الخاص. في هذا النظام، يمتلك الأفراد الشركات ويديرون أغلب الموارد المستخدمة في إنتاج السلع والخدمات.

تتضمن هذه الموارد الأرض وموارد طبيعية أخرى واليد العاملة و رأس المال، الذي يشمل المصانع، والمعدات والأموال المستثمرة في نشاطات الأعمال. ويشتق مصطلح الرأسمالية من كلمةرأسمال.

تؤكد الرأسمالية على الخيارات الاقتصادية الخاصة وللناس فيها حرية اتخاذ القرار في طريقة كسب دخلهم وإنفاقه. وللشركات أن تختار السلع التي تنتج والخدمات التي تقدم والسعر الذي تعرضه بها كما أنها تتنافس فيما بينها في بيع المنتجات.

وتشمل النظم الاقتصادية الرئيسية القائمة على الرأسمالية: الولايات المتحدة، أستراليا، المملكة المتحدة، كندا، ألمانيا، هونج كونج، اليابان.

تتحكم الحكومات في بعض جوانب الاقتصاد في كل دولة، إلا أن تركيز الرأسمالية على القرارات الاقتصادية الخاصة يجعلها تختلف عن النظامين الاقتصاديين الرئيسيين الآخرين الشيوعية والاقتصاد المختلط. ففي الاقتصاد الشيوعي أو اقتصاد التخطيط المركزي، تمتلك الدولة الإنتاج وتضع الخطط القومية لاستخدامها.

أما في الاقتصاد المختلط، فتقوم الدولة ببعض التخطيط الاقتصادي، وتتحكم في بعض الصناعات، لكنها أيضًا تسمح ببعض الخيارات الفردية.

وتسمى الرأسمالية أحيانًا نظام التجارة الحرة أو الاقتصاد الحر المعدَّل؛ لأنها تسمح للأفراد بأن يقوموا بالنشاطات الاقتصادية بعيدًا عن التدخل الحكومي بدرجة كبيرة.

وللرأسمالية أسماء أخرى منها: نظام السوق الحر ونظام المبادرة، وحرية العمل والتجارة.

كيف تعمل الرأسمالية

تؤثر عدة عوامل على القرارات الاقتصادية في النظام الرأسمالي وأهم هذه العوامل هي: 1- الأفراد 2- مشاريع الأعمال 3- السوق 4- الدخل 5- الحكومة

 

الأفراد. يؤثِّرون على الاقتصاد بوصفهم مستهلكين، وعاملين ومستثمرين. فإذا ما أوضح المستهلكون عن طريق مشترياتهم أنهم يفضلون السيارات الصغيرة مثلاً، سيقوم الوكلاء بطلب مزيد من السيارات الصغيرة وأعداد أقل من السيارات الكبيرة، وسيقوم الصانعون بدورهم في زيادة إنتاج السيارات الصغيرة وتخفيض إنتاج السيارا ت الكبيرة.

كذلك قد يقوم الأفراد كعمال، باختيار نوع المهن ليؤهلوا أنفسهم لها، وكيفية محاولة البحث عنها. وكمستثمرين، يقرر الأفراد كم من دخلهم يدَّخرون، وكيف يستثمرون مدخراتهم، ويوفر المستثمرون معظم الأموال التي يحتاج إليها نمو مشاريع الأعمال.

 

مشاريع الأعمال. تحدد مشاريع الأعمال ماذا تنتج وأين تباشر أعمالها. كما أنها تشتري المعدات اللازمة، وتستأجر العمال، وتحاول أن تؤثر على سلوك المستهلكين، بوساطة الإعلان، ومن خلال ابتكار سلع جديدة مطورة.

إن القوة الدافعة في الاقتصاد الرأسمالي هي الرغبة في تحقيق الأرباح، وهي ما يبقى للشركة بعد سداد كل مصروفاتها. وتضمن الرغبة في الأرباح التي تعرف بدافع الربح أنَّ الشركات ستنتج السلع والخدمات التي يكون المستهلكون راغبين أو قادرين على شرائها، وعلى الشركات إن أرادت أن يكتب لها النجاح، أن تبيع ما يكفي من منتجاتها بسعر عالٍ بدرجة كافية، لتحقيق ربح. وقد تتكبد خسارة للمؤسسين بدلاً من أن تجني ربحًا إذا ما انخفضت المبيعات بأكثر مما ينبغي، أو زادت التكاليف بأكثر مما ينبغي. كذلك يشجع دافع الربح المؤسسات للعمل بنجاح. وتستطيع المؤسسة بسبب توفير الوقت والطاقة والمواد أن تخفض من تكاليف الإنتاج. ويمكن أن تقود التكاليف المخفضة إلى مزيد من المبيعات والأرباح.

تؤدي مشاريع الأعمال دورًا كبير ًا في تحديد السرعة التي ينمو بها الاقتصاد الرأسمالي. وينمو الاقتصاد عندما يزيد إنتاجه من السلع والخدمات، ويتطلب ذلك النمو الاستثمار في المباني والمعدات والموارد الأخرى التي تستخدم في الإنتاج.

وفي الدول الرأسمالية تحدِّد مشاريع الأعمال بنفسها توقيت وحجم الاستثمار لهذا الغرض.

 

السوق. مصطلح يطلقه الاقتصاديون على الأماكن والأوضاع التي يتبادل فيها الناس، بيع وشراء السلع والخدمات. وفي الاقتصاد الرأسمالي، كما في الأسواق السوداء (التي غالبا ما تنشأ عندما يكون الاقتصاد مقيدًا بشدة من الدولة)، تتحدد أسعار السلع والخدمات أساسًا بأوضاع السوق مثل العرض والطلب والمنافسة.

العرض هو كمية السلع والخدمات المقدمة للبيع. والطلب هو الكمية التي يرغب الناس فيها، ويستطيعون شراءها. وتميل الأسعار إلى التغير عندما يكون العرض والطلب غير متكافئين. وعمومًا يجبر السوق الأسعار على الانخفاض، عندما يفوق العرض الطلب وعلى الارتفاع عندما يفوق الطلب العرض. انظر:  العرض والطلب.

المنافسة توجد عندما يحاول عدد كبير من المنتجين بيع نفس أنواع السلع لنفس المشترين. وتعتمد الرأسمالية على المنافسة، لكي لا تمكن الشركات من فرض أسعار غير معقولة، وتستطيع المنشأة التي تقدم أسعارًا أقل أو التي تحسن من نوعية منتجاتها أن تحوّل إليها المشترين من منافسيها.

ودون المنافسة قد ينمو الاحتكار أو الكارتل (اتحاد المنتجين). وتكون المنشأة محتكرة عندما تكون هي الممول الوحيد في سوق ما. وتستطيع المنشأة المحتكِرة الحد من الإنتاج ورفع الأسعار، لأنها لا تخشى من المنافسة. أما الكارتل فمجموعة شركات تتعاون للتحكم في الإنتاج ورفع الأسعار. ولكثير من الأقطار قوانين تمنع الاحتكار والتجمعات الاحتكارية حاليًا.

ورغم القوانين المانعة للاحتكار، تكوِّن الشركات الضخمة شبه احتكار في بعض الصناعات، وتستطيع مثل تلك الشركات، أن تتحمل مؤقتًا تخفيض الأسعار، وقبول الخسائر. أما المؤسسات الصغيرة التي لا تستطيع تحمل الخسائر فلا قدرة لها على المنافسة.

انظر أيضًا: الاحتكار والمنافسة.

الدخل. يعتمد الدخل في الاقتصاد الرأسمالي أساسًا على العرض والطلب وعلى المهارات التي لها قيمة عالية في نظر المجتمع. ويستطيع الأفراد الذين لهم مهارات نادرة وذات قيمة عالية في السوق، أن يحصلوا على مداخيل عالية. فعلى سبيل المثال، كثيرًا ما يحصل الرياضيون المحترفون على رواتب عالية، ولكن مدربيهم يكسبون أقل منهم لأن مساهمتهم في دخل الفريق ليست عالية في نظر الآخرين غالبًا.

وتساهم المنافسة بين أصحاب الأعمال حول اليد العاملة من جهة، وبين العمال وفرص العمل من جهة أخرى في تحديد مستوى الأجور. إذ إن مشاريع الأعمال تحتاج إلى دفع أجور عالية بما فيه الكفاية، لتجذب إليها العاملين الذين تحتاج إليهم، لكن عندما تكون فرص العمل قليلة فقد يضطر العاملون لقبول أجور أقل مما لو كانت الوظائف متوفرة.

تؤثر النقابات العمالية وكذلك الحكومات على الأجور في العديد من البلدان الرأسمالية، وتتفاوض النقابات مع أصحاب الأعمال لتحديد درجات الأجور وظروف العمل المقبولة من أعضائها. وقد حددّت بعض الحكومات حدودًا دنيا لأجور العاملين، كذلك تراقب الوكالات الحكومية تطبيق معايير السَّلامة في العمل.

 

الحكومة. تسمح الحكومة في الدول الرأسمالية إلى حد كبير للأفراد أن يستخدموا ممتلكاتهم كما يشاؤون، وأن يعملوا في أي مكان يرغبون، وتسمح الحكومات عمومًا للشركات بأن تحدد الأجور لعامليها والأسعار لمنتجاتها.

وتقوم الحكومة أيضا بوظائف اقتصادية مهمة، فهي على سبيل المثال، تصْدر النقود وتشرف على المرافق العامة وتفرض تطبيق العقود التجارية، كما تحمي قوانين المنافسة وتحظر الممارسات التجارية غير العادلة. وتنظم الوكالات الحكومية معايير الخدمة في قطاعات مثل الطيران، والصيدلة والإرسال الإذاعي والتلفاز. كذلك تمول الحكومة برامج عديدة متنوعة، كما تنظم تدفق القروض والأموال في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الحكومة أن تستخدم سلطتها لمحاربة مشاكل مثل التضخم والبطالة.

 

مشاكل الرأسمالية

تسمح الرأسمالية بكثير من الحرية الشخصية وتهيئ مستوى عاليًا من المعيشة لكثير من الناس. لكن الرأسمالية أيضًا تولد مشكلات، وتشمل هذه المشكلات: 1- عدم الاستقرار الاقتصادي. 2- عدم المساواة في توزيع الثروة. 3- إهمال الصالح العام.

وتوجد هذه المشكلات نفسها في النظم الاقتصادية الأخرى لكنها تنتشر أكثر في الدول الرأسمالية.

 

عدم الاستقرار الاقتصادي. تمر الاقتصاديات الرأسمالية بحالات من الصعود والهبوط. فأحيانًا تنمو بسرعة، وتقود إلى رخاء عام. إلا أن الازدهار الاقتصادي يقود أحيانًا إلى التضخم، ويتسبب في فقدان النقود لقيمتها. كذلك عانت الدول الرأسمالية عددًا من حالات الكساد التجاري الحاد التي قادت إلى بطالة كبيرة. ويختلف الاقتصاديون والقادة السياسيون حول ما يسبب التحولات في النشاط التجاري، وحول كيفية التحكم فيها، وكثيرًا ما تواجه الحكومات في الدول الرأسمالية إما تضخمًا عاليًَا، أو زيادة في العاطلين عن العمل.

عدم المساواة في توزيع الثروة. يستطيع بعض الناس في الدول الرأسمالية شراء كثير من الكماليات بينما لا يجد آخرون المأكل والمسكن المناسب وضروريات أخرى. وينبع عدم المساواة في توزيع الدخل هذا أساسًا من تركيز الرأسمالية على الحرية الاقتصادية الفردية، فالناس أحرار، إلى درجة كبيرة في أن يتمتعوا أو يعانوا من نتائج قراراتهم الاقتصادية. وتتأثر مثل هذه القرارات بالمقدرة والطموح والاستعداد لتحمل المخاطر، إلا أن التفرقة العنصرية والجنسية وفوارق التعليم والميراث تساهم أيضًا في عدم المساواة في توزيع الثروة.

تساعد بعض البرامج الاجتماعية الحكومية الفقراء في الدول الرأسمالية لكن كثيرًا من المحتاجين يعتمدون على مساعدة الأقارب والجمعيات الخيرية الخاصة.

 

إهمال الصالح العام. تحاول أغلب الشركات في الاقتصاد الرأسمالي أن تحقق أكبر قدر ممكن من الأرباح، لكن التدخل الحكومي ضروري أحيانا لضمان أن يكون الدافع الربحي هو الصالح العام. فالسكن المنخفض التكاليف والخدمات الصحية العامة، وكذلك الخدمات العامة الأخرى على سبيل المثال، لا تكون مربحة إلا مع وجود الدعم المالي الحكومي. وبدون الخدمات الحكومية، قد تلوث كثير من الصناعات الجو أو المياه أو التربة بدلاً من استخدام وسائل التحكم المكلفة في التلوث.

كيف تختلف النظم الأخرى عن الرأسمالية

يوجد اليوم ثلاثة أنواع من النظم الاقتصادية: الرأسمالية والشيوعية والاقتصاد المختلط. وكل الأنظمة الاقتصادية مختلطة بدرجة عالية أو منخفضة، لأن في كل منها بعض التدخل الحكومي وبعض الخيارات الفردية الخاصة. إلا أن الرأسمالية تعتمد بدرجة أكبر على القرارات الفردية الخاصة، وعلى التخطيط بدرجة أقل، مما يعتمد عليه النظامان الآخران.

 

في النظام الشيوعي التقليدي. في هذا النظام تتحكم الدولة تقريبًا في كل الموارد المستخدمة في الإنتاج. إذ تمتلك الدولة على سبيل المثال أغلب الصناعات والأرض والموارد الطبيعية كما تتحكم في التجارة وتدير نظم الاتصالات والمواصلات الرئيسية، بينما يتخذ الأفراد والشركات قليلاً من القرارات الرئيسية. وبدلاً من ذلك، يقوم المخططون الحكوميون بتحديد إنتاج أي سلع وخدمات وكمياتها، وقد يحدث عجز أو فائض فيها، لأنه ليس للعرض والطلب أثر على قراراتهم . كذلك يقوم المخططون الحكوميون عادة بتحديد مستويات الأجور والأسعار، وتقرير معدل النمو الاقتصادي المرغوب.

وفي أواخر القرن العشرين، قام كثير من الدول التي كانت سابقًا ذات نظم شيوعية بتغييرات جذريّة؛ فقد ابتعدت أغلب دول أوروبا الشرقية عن التخطيط المركزي نحو نظام اقتصاد السوق الحر، كذلك قامت الصين والاتحاد السوفييتي السابق بتخفيف قبضتهما الشديدة على الاقتصاد وسمحا بملكية خاصة أكثر.

 

في الاقتصاد المختلط. قد تمتلك الحكومة صناعة مهمة مثل مناجم الفحم والسكك الحديدية ومصاهر الحديد وآبار النفط والمصافي، لكنها تسمح للمنشآت الخاصة بتملك معظم الصناعات الأخرى.

لكثير من دول العالم اقتصاديات مختلطة، وبعضها يوجد فيها حكومات ديمقراطية بإمكان الأفراد في هذه الدول أن يصوِّتوا لزيادة تحكم الدولة في الاقتصاد أو تخفيضه، وغالبًا ما تسمّى النظم الاقتصادية في هذه البلدان التي يوجد فيها اقتصاديات مختلطة اشتراكية ديمقراطية. أما البلدان الأخرى ذات الاقتصاديات المختلطة فهي حكومات استبدادية.

 

تاريخ الرأسمالية

منذ القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر، كان لأغلب الدول نظام اقتصادي يسمّىالنزعة التجارية. وتقوم الحكومات في ظل هذا النظام بتنظيم أمورها الاقتصادية، بحيث تزيد الصادرات عن الواردات. وتضع الدول تعريفات جمركية عالية على السلع المستوردة، لكي تصبح أعلى سعرًا في الوطن، وتقدم الدول في نفس الوقت دعمًا ماليًا لمزارعيها، وصناعاتها، حتى تنخفض أسعار صادراتها. بذلك أثْرَتْ الدول خزائنها ببيع سلع أكثر مما تشتري.

 

تطور الرأسمالية. خلال منتصف القرن الثامن عشر، قام عدد من الاقتصاديين الفرنسيين يدعون بالفيزيوقراطيين بحث الحكومات على وقف تدخلها في التجارة الخارجية كما دعت سياساتهم التي تُدْعى حرية العمل والتجارة (دَعْهُ يعمل) إلى عدم التدخل وإنهاء التعريفات الجمركية والقيود التجارية الأخرى.

كذلك جادل الاقتصادي الأسكتلندي آدم سميث بأن الدولة تستطيع زيادة ثروتها بسرعة بترك التجارة حرة، وكان يرى أن الأفراد وهم يسعون وراء مصلحتهم الاقتصادية، يسلكون سلوكًا تلقائيًا فيه خير ومصلحة للمجتمع. ووصف سميث في كتابه ثروة الأمم (1776م) الكيفية التي يعمل بها نظام حرية العمل والتجارة (دَعْهُ يعمل)، وأثرت أفكاره أول ما أثرت خلال بداية القرن التاسع عشر الميلادي. ففي خلال تلك الفترة، بدأت الحكومة البريطانية، برفع قيودها التجارية، وتطوير أول اقتصاد رأسمالي. ومن ثم انتشرت الرأسمالية في الدول التجارية الرئيسية الأخرى.

 

النظرة المتغيرة نحو الرأسمالية. بدأت هذه النظرة تنتشر خلال القرن التاسع عشر الميلادي، عندما ساعدت التقنية الجديدة في الدول الصناعية في إيجاد سلع جديدة متعددة. وسبَّب الإنتاج المتزايد الازدهار في أعمال تجارية كثيرة. لكن ظهرت أيضًا أوضاع غير مرغوبة، مثل الركود الاقتصادي، وكان كثير من العمال يكسبون أجورًا قليلة في ظل ظروف عمل سيئة.

ونتيجة لهذه التطورات، ادعى الفيلسوف الاجتماعي الألماني كارل ماركس أن نظام عدم التدخل الرأسمالي سيتحطم، وتنبأ بأن أرباب الأعمال سيغدون أكثر ثراء بينما يغدو عمالهم أكثر فقرًا، وسيقوم العمال في النهاية بالقضاء على النظام الرأسمالي. كان ماركس مخطئًا في تنبؤاته بأن العمال في النظم الرأسمالية لن يشاركوا في مستوى المعيشة المرتفع، إلا أن أفكاره أثرت على الثورات التي قادت إلى قيام الشيوعية في روسيا عام 1917م وفي الصين عام 1949م.

واجهت الرأسمالية أكبر تحد لها خلال الكساد العظيم الذي كان هبوطًا عالمياً في النشاط الاقتصادي والذي بدأ عام 1929م. وقد أغلقت كثير من المصارف والمصانع والمحال التجارية أبوابها خلال الثلاثينيات من القرن العشرين وفقد كثير من الناس وظائفهم ومساكنهم ومدخراتهم، كما فقد الكثيرون منهم ثقتهم في الرأسمالية، وبحث كثير من القادة السياسيين عن نظريات اقتصادية جديدة.

ونتيجة لذلك، لفت الاقتصادي البريطاني جون ماينرد كينز الأنظار؛ إذ رفض في كتابه النظرية العامة للاستخدام وسعر الفائدة والنقود (1936م) اعتقاد الرأسماليين بأن على الحكومة أن تبتعد عن الأمور الاقتصادية. ورأى كينز بأن مستوى النشاط الاقتصادي يعتمد على مجمل إنفاق المستهلكين وأرباب الأعمال والحكومة، ودعا إلى مزيد من الإنفاق الحكومي لمحاربة الكساد.

استمر الكساد العظيم حتى بداية الأربعينيات من القرن العشرين، عندما نجح أخيرًا الإنفاق الحكومي العسكري الضخم خلال الحرب العالمية الثانية في تنشيط الاقتصاد العالمي. وبعد نهاية الحرب، استمرت كثير من الحكومات الرأسمالية في الابتعاد عن سياسة التدخل وقامت حتى منتصف السبعينيات بزيادة إنفاقها بشدة، وبالتحكم في اقتصادياتها. ومنذ ذلك الوقت حاولت كثير من الحكومات في جميع أنحاء العالم تخفيض تدخلها الحكومي في الاقتصاد وحتى الحكومات الشيوعية القوية بدأت في الاعتماد أكثر وأكثر على قوى السوق في توزيع السلع والخدمات في بلادها.

وفي عام 1991م، تفكك الاتحاد السوفييتي إلى خمس عشرة دولة مستقلة. وبدأت هذه الدول خلال تسعينيات القرن العشرين في إنشاء مؤسسات رأسمالية. كما بدأت حكوماتها في رفع قيودها على الأسعار، وتمليك الأفراد والشركات نشاطات الأعمال، ونقل صناعة القرارات الاقتصادية من الحكومة إلى أصحاب الأعمال.